الأربعاء 2018/04/18

آخر تحديث: 08:34 (بيروت)

هكذا هُربت المادة 50 إلى موازنة 2018: تنفيع تجار

الأربعاء 2018/04/18
هكذا هُربت المادة 50 إلى موازنة 2018: تنفيع تجار
لم يأبه المسؤولون بالتداعيات السياسية للمادة 50 (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease

استنفرت المادة 50 من موازنة العام 2018 قيادات سياسية ودينية وحزبية ممن يرون فيها تمهيداً لتوطين اللاجئين السوريين في لبنان. واستنفرت قطاع العقار بأكمله من منشئي أبنية ومطورين وتجار دفاعاً عن إقرارها، إذ يرون فيها المخلص للقطاع العقاري الراكد منذ سنوات.

ولكن، من وضع وصاغ وشرع المادة 50 من ضمن موازنة 2018 لم يهدف منها إلى التوطين أو تنمية القطاع العقاري وتنشيطه، إذ يبدو أن منافع خاصة ومحدودة دفعت إلى إقرارها، وعلى رأسها تنفيع بعض تجار العقارات، لاسيما أنها أضيفت الى مشروع الموازنة "خلسة" فقفزت من لجنة المال إلى الهيئة العامة دون المرور على لجنة الإدارة والعدل النيابية واللجان المشتركة.

هذه النتيجة لم تاتِ من فرضيات، إنما من قراءة بعض الوقائع والأرقام، وبالنسبة إلى من يصوّر الأمر وكأنه عملية إنقاذ للقطاع العقاري، فلا شك أنه يغالي. فعملية منح إقامة دائمة لكل أجنبي يتملك وحدة سكنية في لبنان لا يتجاوز كونه إجراء تحفيزياً للمستثمر الأجنبي أو العربي، ولكن من غير المتوقع أن يشكل هذا الإجراء التحفيزي فارقاً كبيراً في السوق العقارية، إذ جاء كجزء من سلّة مطالب تحفيزية رفعها أركان القطاع العقاري إلى الحكومة، ومن بينها مطالب تم استبعادها كخفض الضريبة على الأملاك المبنية بنسبة كبيرة والاعفاء من رسوم التسجيل لمدة عامين وتوحيد عمليات التخمين العقاري وغيرها، ولم يتم الأخذ سوى بمنح الإقامة الدائمة (أو المؤقتة بعد التعديل).

من جهة أخرى، وبالنسبة إلى المنادين بمواجهة خطط التوطين عبر التصدي للمادة 50، فإن قانون تملك الاجانب لم يمنع الأجانب والعرب يوماً من التملك في لبنان، ولن تشكل المادة 50 حافزاً إضافياً أمام العرب الخليجيين تحديداً والأجانب الأوروبيين. فالإقامة الدائمة في لبنان ليست من أولويات المستثمر الأوروبي ولا العربي الخليجي لاعتبارات كثيرة أولها عدم الاستقرار السياسي. أما بالنسبة الى اللاجئ السوري المُقتدر مالياً فلا شك أن الإقامة الدائمة في لبنان تغريه من حيث المبدأ نظراً لسوء الظروف في سوريا، ولكن عندما يتطلب منح الإقامة شراء منزل لا تقل قيمته عن 500 مليون ليرة، فحري باللاجئ السوري شراء منزل في إحدى الدول الأوروبية التي تعتمد المبدأ ذاته في منح الإقامة مع فارق كبير يرتبط بالاستقرار السياسي والامني في أوروبا، وبتسهيل عملية التنقل بين دول الاتحاد الأوروبي. وهو ما يُسقط حافز الإقامة في لبنان من بين أولويات اللاجئ السوري "الميسور".

يبقى أن بعض كبار تجار العقارات، بحسب مصدر مطلع، يقفون وراء إقرار المادة 50 بعد تعرّض السوق العقارية لأكثر من ضربة ساهمت في خفض مستوى الطلب، وكان آخرها وقف القروض المصرفية المدعومة. ويكشف أحد المدافعين عن المادة 50 لـ"المدن" أنه يدين لأحد المصارف نحو 2 مليون دولار بفائدة نحو 9%، وقام باستثمار المبلغ في تشييد مجمعات سكنية، وبعد توقف الإقراض المدعوم لم يعد أمامه سوى تشجيع العرب لتملك وحدات سكنية.

ولم يأبه المسؤولون بما يمكن أن ينتجه إقرار المادة 50 من تداعيات سياسية تتمثل في احتمال الطعن امام القضاء وتداعيات اقتصادية تتمثل في تجاهل أزمة الإقراض المصرفي المدعوم، وفي المساهمة في رفع أسعار العقارات.

المادة 50 من موازنة العام 2018 المتعلقة بمنح كل عربي أو أجنبي يشتري وحدة سكنية في لبنان إقامة دائمة (أو مؤقتة) له ولزوجته وأولاده القاصرين في لبنان، على أن لا تقل قيمة الوحدة السكنية عن 750 مليون ليرة في بيروت و500 مليون ليرة في سائر المناطق، أقرت وتعتبر سارية المفعول من تاريخ توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون على قانون الموازنة في حال حصل. من هنا، تتجه دعوات رافضي المادة 50 إلى رئيس الجمهورية لردها وعدم التوقيع عليها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها