الثلاثاء 2018/12/18

آخر تحديث: 12:07 (بيروت)

هذه قصة "فضيحة" ميقاتي في الأردن

الثلاثاء 2018/12/18
هذه قصة "فضيحة" ميقاتي في الأردن
الحكومة اشترت حصة ميقاتي أعلى من سعر السوق بأضعاف (Getty)
increase حجم الخط decrease
ضجت مواقع إخبارية، في لبنان والأردن، بخبر ارتباط إسم رئيس الحكومة السابق، نجيب ميقاتي، بقضية إحالة ملف الخطوط الجوية الملكية الأردنية إلى هيئة مكافحة الفساد الأردنية. ما فتح الباب على الكثير من التساؤلات، عن طبيعة العلاقة التي تربط ميقاتي بالقضية، وعلى أكثر من احتمال للإشتباه بوجود فساد، في عملية بيع ميقاتي أسهمه في شركة الخطوط الجوية الملكية لصالح الحكومة الأردنية السابقة.

فما هي تفاصيل ارتباط إسم ميقاتي بقضية الملكية الأردنية؟ وهل من مؤشرات للإشتباه بصفقة فاسدة؟

حق الفيتو
في العام 2008 طرحت الحكومة الأردنية جزءاً من حصتها (أي قرابة 26 في المئة من أسهمها)، في شركة الخطوط الملكية الأردنية، للبيع لأحد المستثمرين الأجانب. وذلك في إطار تنفيذ برنامج الخصخصة. تقدم ميقاتي من بين مجموعة من المستثمرين بعروض لشراء حصة الحكومة بالشركة، وصودف أن الفوز بالصفقة كان من نصيب عرض ميقاتي، فتمت عملية شراء أسهم الحكومة بقيمة 3.50 دينارات (4.50 دولارات) للسهم الواحد، ومنذ ذلك الوقت دخل ميقاتي شريكاً أساسياً في الخطوط الملكية الاردنية، بحصة 20 في المئة من مجمل أسهم الشركة.

ولكن أثناء مفاوضات ميقاتي مع الحكومة الأردنية، آنذاك (حكومة عبدالله النسور)، أي قبل إتمام الصفقة، تمكن من الإستحصال على حق الفيتو. وهو ما يخوّله الإعتراض على أي قرار قد تتخذه الشركة وتعليقه كلياً، كما وضع بعض الشروط، التي تدور بمعظمها في إطار سياسة إدارة الشركة.

وافقت الحكومة، في ذلك الوقت، على شروط ميقاتي. ودخل شريكاً في الملكية الأردنية. وبعد سنوات عديدة، بدأت الشركة تتعرّض لخسائر متتالية، لأسباب كثيرة أبرزها تعرّضها لمنافسة حادة وارتفاع أسعار النفط وغيرها، إلى أن بدأ حجم الخسائر يرتفع ليتجاوز النسب المحدّدة في قانون الشركات، ما وضع الحكومة عام 2014 أمام خيارين: إما التصفية الإجباريّة، وهو ما رفضته الحكومة إطلاقاً، أو زيادة رأسمال الشركة. واعتمدت الحكومة الخيار الثاني وأعدت خطة لإعادة هيكلة رأسمال الشركة، تجنّباً لمصير التصفية.

إلا أن ميقاتي رفض زيادة رأسمال الشركة باعتبارها شركة خاسرة. واشترط على الحكومة شراء حصته وتعويضه جزءا من خسائره، على أن تنفذ الصفقة بعد عام على التوقيع. وهو ما وافقت عليه الحكومة الأردنية، واشترت حصة ميقاتي وفق شروطه، أي بقيمة 1.84 دينار للسهم الواحد (2.59 دولار) في حين ان قيمة السهم الفعلية في بورصة عمّان كانت 40 قرشاَ (0.56 سنتاً)، وأصبح الإتفاق ساري المفعول منذ قرابة ستة أشهر.

شبهات وغياب الشفافية
إتمام عملية بيع ميقاتي أسهمه في الملكية الأردنية، مع الفارق الكبير في سعر السهم، طرح العديد من علامات الإستفهام أمام الرأي العام الأردني، الذي اعتبر أن الصفقة لم تُبرم لصالح الحكومة الأردنية، لاسيما أنها غير مجدية إقتصادياً. وهو ما طرحه أكثر من مرة النائب الأردني عبد الكريم الدغمي، وعبّر عنه الكاتب الإقتصادي والمتابع للقضية، سلامة الدرعاوي في حديث إلى "المدن"، إذ طرح أكثر من تساؤل حول الجدوى الإقتصادية لقرار زيادة رأسمال الشركة، وحول مدى صوابية قرار تدخل الحكومة في شركة مساهمة على شفير الإفلاس، وتقديم الدعم لمستثمر أجنبي (نجيب ميقاتي). والسؤال الأهم، بحسب الدرعاوي، هل ستتبع الحكومة مبدأ التعويض على مستثمرين أجانب في شركات أخرى، على غرار ما فعلت مع ميقاتي؟ وهل استعادت الشركة الملكية مسارها الصعودي بعد عملية رفع رأسمالها وشراء حصة ميقاتي؟ وهل تم إنقاذ الشركة فعلاً؟ باختصار فإن العملية برمتها تغيب عنها الشفافية.. يقول الدرعاوي.

اليوم، باتت الحكومة الأردنية الجديدة مجبرة على تنفيذ الاتفاق السابق، الموقع بين حكومة النسور السابقة وبين ميقاتي. وهي ملزمة بدفع نحو 16 مليون دينار (22 مليونا و548 ألف دولار) من الخزينة، ثمن أسهم ميقاتي. وهذا ما يجعل تلك الأسئلة مشروعة، من وجهة نظر أردنية، لاسيما أن الشركة الملكية الاردنية تضم مساهمين آخرين، قد تُلحق خسارتهم وجعاً بالفئات الإجتماعية كافة، كالضمان الاجتماعي الذي يملك 10 في المئة من أسهم الملكية، وصندوق القوات المسلحة الذي يملك 3 في المئة من الأسهم.

البيان المقتضب
بعد إثارة القضية، والتشكيك بشفافية الصفقة بين الحكومة الأردنية السابقة وميقاتي، كونها المرة الأولى التي تتدخل فيها حكومة لتعويض خسائر مستثمر أجنبي، على حساب الخزينة، أحيل الملف إلى هيئة مكافحة الفساد للتحقيق في حيثياته. وهو ما يشكّل فضيحة موصوفة في تاريخ الحكومات والتواطؤ مع المستثمر.

ميقاتي لم يوضح الظروف التي تمت فيها الصفقة، لا بل أوضح في بيان مقتضب، أن لا علاقة له بهذا الملف على الاطلاق، وهو يعود إلى العام 2014، و"مرتبط بالعلاقة بين الحكومة الأردنية والبرلمان الأردني"، وان كل قيمة الاسهم الخاصة بمجموعة ميقاتي، في "الملكية الاردنية"، لم تتعد في حينه 10 في المئة من أصل المبلغ المشار إليه في التحقيق.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها