الثلاثاء 2018/12/18

آخر تحديث: 00:21 (بيروت)

مؤشّرات الإسكوا: الإقتصادات العربية سلبية لخمسة أعوام

الثلاثاء 2018/12/18
مؤشّرات الإسكوا: الإقتصادات العربية سلبية لخمسة أعوام
ضبابية الواقع الاقتصادي العربي تزيد العبء على الاقتصادات الهشة (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

يبدو أن المنطقة العربية، ومن ضمنها لبنان، قد قطعت وعداً على نفسها بعدم التطور والإستفادة من التغيّرات العالمية. إذ تقبع المنطقة العربية في دوامة صراعات داخلية وخارجية تستنزف ثرواتها وتكبّد اقتصاداتها الخسائر تلو الأخرى، في حين تستفيد الدول ذات الاقتصادات الرئيسية في العالم، من الثروات النفطية العربية لتزيد من نسبة نمو اقتصاداتها.

إنتعاش عالمي وتباطؤ عربي
سجلت مؤاشرات النمو العالمية في العام 2017، تعارضاً مع مؤشرات النمو في المنطقة العربية. فحين كان الاقتصاد العالمي يعزز نموه إلى 3.1 في المئة، بعد أن كان 2.5 في المئة في العام 2016، تباطأ النمو الاقتصادي في المنطقة العربية إلى 1.5 في المئة، بعد أن سجّل 2.8 في المئة في العام 2016. ويعود التباطؤ إلى "ضعف الأداء في البلدان المصدّرة للنفط"، وفق ما تضمّنه مسح التطورات الاقتصادية والإجتماعية في المنطقة العربية 2017-2018، الذي أطلقته اللجنة الاقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا، يوم الإثنين 17 كانون الأول في مبنى الإسكوا في بيروت.

ضعف الأداء جاء معززاً بإنخفاض أسعار النفط عالمياً في الفترة التي سبقت أواخر العام 2016، حين وافقت منظمة البلدان المصدّرة للبترول "أوبك"، على خفض معدلات إنتاج النفط الخام، بغية إعادة التوازن لسوق النفط، ومواجهة إنخفاض الأسعار بشكل سريع. هذا الإنخفاض الذي استثمرته الاقتصادات الرئيسية العالمية لإنعاش ديناميكيات التجارة العالمية ودعم المبادرات الإستثمارية وتحسين سوق العمل.

تخلّف اجتماعي ولامساواة
لم تكتفِ الاقتصادات العربية بتحمّل نتائج إنخفاض أسعار النفط، بل ساهمت سياساتها الاقتصادية والاجتماعية بإثقال أسواق العمل لديها بقيود الجندَرَة، ورتّبت على خزاناتها المزيد من العجز "على الرغم من تنفيذ تدابير تقشفية شاملة". واستناداً إلى مسح الإسكوا، فإن المنطقة العربية "لا تزال متخلفة عن بقية العالم في موضوع التطور الاجتماعي والمساواة بين الجنسين". فعلى صعيد سوق العمل، سجلت المنطقة العربية معدل بطالة بين الذكور بنسبة 8 في المئة، وبين الإناث 18.2 في المئة، في حين أن المعدل العالمي سجّل نسبة 5.2 في المئة كمعدل بطالة للذكور ونسبة 6 في المئة كمعدل بطالة للإناث.

وبشكل عام، فإن سوق العمل خلال العام 2017 سجل ارتفاعاً في معدلات البطالة، وانخفاض معدلات المشاركة في القوى العاملة في المنطقة العربية، مقارنة بالمناطق الأخرى، والنساء أكثر حرماناً من الرجال. ويأتي ذلك مع إرتفاع معدل تضخّم أسعار المستهلكين السنوي في المنطقة، حيث قدّرت الإسكوا "متوسط تضخم الأسعار بنحو 6.7 في المئة في العام 2017، وهو ما يسجّل ارتفاعاً عن 5.3 في المئة المسجّلة في العام 2016. لكن من المتوقع انخفاض الضغوطات التضخمية في السنوات المقبلة".

يترافق هذا الواقع مع مواجهة الدول العربية لتحديات هائلة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الخاصة بها، والتي ترزح تحت "إستمرار النزوح والهجرة على نطاق واسع، في أعقاب النزاع المسلح المستمر". ووفقاً للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فإن "الأوضاع في سوريا والعراق واليمن، المصنفة ضمن حالات الطوارىء من المستوى 3، ساءت في العام 2017".
كما شكّلت حالات النزوح الداخلي الجديدة في المنطقة، والتي بلغت "نحو 4.5 مليون حالة نزوح داخلي جديد في سوريا والعراق واليمن، 38 في المئة من حالات النزوح الداخلي الجديدة في جميع أنحاء العالم المرتبطة بالنزاع والعنف في العام 2017".

ضبابية السوق العربية
إنطلاقاً من المؤشرات، يصف الأمين التنفيذي للإسكوا بالوكالة، منير ثابت، المسار الاقتصادي للمنطقة العربية بأنه "حالة من عدم اليقين". ويتوقع ثابت "إستمرار الضبابية في السوق العربية لنحو 4 أو5 أعوام". وهذه الضبابية "تزيد العبء على الاقتصادات الهشة، ويتضاعف هذا العبء مع إرتفاع أسعار الفوائد على مستوى عالمي. وهذا الأمر يزيد من صعوبة توفير التمويل لدعم سياسات التنمية في المنطقة العربية. لذلك على الدول العربية إيجاد سياسات نقدية ومالية، تسمح للقطاع الخاص بالإستثمار في قطاعات إنتاجية، تخلق فرص عمل مستدامة، على أن يكون هذا الإستثمار صديقاً للبيئة". ولا يُخفي ثابت الأثر السلبي لإستمرار الصراعات التي تكبّد الدول العربية خسائر جسيمة، حيث يُتوقع أن تأخذ عملية إعادة الإعمار أموالاً كان بالإمكان إستعمالها في تمويل عملية التنمية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها