الإثنين 2018/12/17

آخر تحديث: 00:10 (بيروت)

هكذا سيصبح مرفأ طرابلس ذكيًا

الإثنين 2018/12/17
هكذا سيصبح مرفأ طرابلس ذكيًا
دخلت إدارة المرفأ مرحلةً جديدة من التخطيط الاستراتيجي (Getty)
increase حجم الخط decrease
بعد مخاضٍ عسيرٍ خاضه مرفأ طرابلس، قبل نيل تصويت لجنة شؤون الخارجية والمغتربين، للموافقة على القرض المقدّم من البنك الاسلامي بقيمة 86 مليون دولار أميركي، والمخصص لتوسيع المرفأ وتوسيعه، في أيلول 2018، دخلت إدارة المرفأ مرحلةً جديدة من التخطيط الاستراتيجي لمستقبل مرفأ طرابلس.

وفيما بدت النقلة النوعيّة المرتقبة لمرفأ طرابلس، تلوح بالأفق، منذ بدء استقباله بواخر الحاويات والحبوب العملاقة، التي رست للمرة الأولى على رصيفه، لا سيما مع وصول سفينة الحاويات الضخمة CMACGM NERVAL إلى رصيفه، في آب 2018، والتي تعتبر أكبر باخرة حاويات تصل إليه منذ نشأته.. يبدو أن المرفأ ما قبل القرض ليس كما بعده. فإلى ماذا يتحضر مرفأ طرابلس؟

مرفأ لوجستي
يكشف مدير مرفأ طرابلس أحمد تامر في "لقاء الأحد"، الذي يُعقد أسبوعيًا في طرابلس، أنّ القرض الذي حصل عليه مرفأ المدينة، رغم كلّ محاولات عرقلته، يرسم الخريطة المستقبلية للمرفأ، من خلال تجيير القرض للعمل على تطبيق رؤية المرفأ الذكي (Smart Port). أولى خطوات المرفأ الذكي، ستكون في أيار 2019، مع تنفيذ جسرين متفرعين عن الجسر الأساسي للمرفأ، بغية تسهيل عملية دخول وخروج الشاحنات، وهي العتبة الأولى للتطوير. أمّا في أيلول 2019، فسيكون المتعهد على الأرض، للبدء بعملية تطوير البنى التحتية، وإعادة ترتيب المساحات الداخلية وتنظيمها. وذلك، وصولًا إلى تخفيض فوارق الوقت بين عمليات التفريغ وإعادة التحميل والتسفير، وهو ما يعدُّ عنصرًا مهمًا عند شركات النقل العالمية.

يشير تامر في حديث إلى "المدن" أنّ الهدف الرئيسي، هو بالوصول لـ"مرفأ لوجستي"، يجمع بين السرعة والكفاءة والجودة. وهي تعدّ من المعايير الأساسية للشركات الكبيرة والتجارة الدولية. لكن، وفيما يطرح سؤال دائم عن إمكانية عرقلة عمل المرفأ سياسيًا من الجانب السوري، يؤكد تامر أنّ مرفأ طرابلس هو حاجة ماسة للجانب السوري، وللسلطات السورية، التي ستكون مضطرة للتعاون مع كلّ المرافئ المحيطة، في لبنان والأردن وتركيا. فـ"المرافئ السورية لن تستوعب وحدها الكميات المستوردة في عملية إعادة الإعمار، وهي بحاجة لكلّ المرافئ المحيطة بها، بما فيهم مرفأ طرابلس، حتّى تغطي الطلب الكبير"

وبما يتعلق بمرفأ بيروت، ينفي تامر أن يدخل مرفأ طرابلس في لعبة المنافسة الداخلية، لا سيما أنّ الأخير يخدم السوق الشمالية على الصعيد الداخلي. وسياسة مرفأ طرابلس المستقبلية، ستكون بالاعتماد على المناطق الاقتصادية الخاصة، التي ستكفل خلق عمليات استيراد وتصدير. إذ إن مسعى المرفأ، يتمحور على نشاطات "القيمة المضافة"، التي لا تسبب إشكالًا مع مرفأ بيروت. والجدوى الاقتصادية للموضوع، هي بـ"تخفيف العبء على مرفأ بيروت، عبر تحويل جزء من بضائع الشمال إلى الشمال، ما يخفف من نفقات التجار الشماليين حين تصل بضائعهم إلى مرفأ طرابلس".

ومن ضمن عملية تطوير المرفأ، التي قد تستغرق حوالى أربع سنوات كحدّ أقصى، وفق تامر، ثمّة مشروع لإنشاء برادات تخزين الفاكهة الجبلية (تفاح، إجاص، كرز...) على مساحة 5000 متر مربع، تسهل عملية تصدير الفاكهة، مع الحفاظ عليها لأكبر فترة ممكنة، ما يعود بفائدة كبيرة على المزارعين.

البرمجيات الذكية
تطرق تامر في حديثه عن التوجهات الدولية الحديثة، نحو الاهتمام بقضية النقل، ضمن المنظومة الاقتصادية العالمية، وبالأخص النقل البحري الذي يشكل 85 في المئة من مجمل النقل العالمي. فـ"الشركات الكبرى اليوم، تعمل ضمن معادلة أساسية تعتمد على السرعة والكفاء والجودة. والدراسات المعدة حديثًا، أظهرت أنّ الأنظمة الذكية أكثر كفاءة للعمل ضمن هذه المنظومة من العنصر البشر".

وفي الوقت الذي يصعب الوقوف في المستقبل المنظور، بوجه هذا المدّ التكنولوجي الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، والذي من المتوقع أن يجتاح بقوّة قطاع النقل، يشير تامر إلى ضرور الاستعداد لهذا التحوّل الكبير. لا سيما أنّ الدول الكبرى، "بدأت بتعديل الأنظمة المتعلقة بالملاحة البحرية، لتتواءم مستقبلًا مع التطور التكنولوجي المنتظر".

مخطط توجيهي
الانطلاق من ضرورة وضع خطط تطويرية للمرافئ اللبنانية، لمواكبة التطور، وعدم الخروج من سوق النقل البحري العالمي، كان دافعًا لوضع مخطط توجيهي لعام 2028 من أجل تطوير مرفأ طرابلس، حسب تامر، وتحويله إلى مرفأ لوجستي باعتماده على برامج التكنولوجية الذكية. وفي المخطط، لا بدّ من إقامة إنشاءات تلبي هذه الحاجة: "وضعنا تصورًا للتشغيل المستقبلي يعمل على استبدال عمل الترانزيت، الذي بات غير كافٍ، بفرص استثمارية تجذب المستثمرين، نظرًا لموقع المرفأ المميّز، والذي يوفر عليهم الوقت ويؤمن لهم السرعة في توصيل البضائع". وبالتالي، يمكن أن تقام مصانع إعادة توصيل وتجميع للسلع العائدة للشركات الدولية الكبرى ذات المنشأ البعيد جغرافيًا، "مع مراعاة عدم المنافسة مع مرفأ بيروت وعدم التأثر بالحدود السورية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها