السبت 2018/12/15

آخر تحديث: 00:39 (بيروت)

نظرة "موديز" السلبية قد تخفض تصنيف لبنان الائتماني

السبت 2018/12/15
نظرة "موديز" السلبية قد تخفض تصنيف لبنان الائتماني
النظرة السلبية إلى لبنان تُعدّ "إنذاراً" يقلل الثقة بمستقبل الاقتصاد (Getty)
increase حجم الخط decrease
خفض "موديز" نظرتها المستقبلية للبنان، من مستقرة إلى سلبية، جاء كنتيجة طبيعية لمرحلة التأزم السياسي والإنحدار الإقتصادي، اللذين تتخبط فيهما الدولة منذ أشهر. فالنظرة المستقبلية السلبية، لوكالة التصنيف الدولي، تجاه لبنان، لم تأت من العدم، إنما بنيت على معطيات لا تقل سلبية عن المعطيات والمؤشرات التي قد تدفع الوكالة نفسها، أو غيرها من وكالات التصنيف العالمية، إلى خفض تصنيف لبنان الإئتماني في الأشهر المقبلة، فيما لو استمر الحال على ما هو عليه اليوم.

تقييم موديز الأخير، جاء بعد أكثر من تحذير وإنذار على مدار العام 2018، وخفض النظرة المستقبلية، تشكل اليوم تحذيراً جديداً من مغبة الإستمرار بالسير تجاه خفض التصنيف الإئتماني. فما هي المؤشرات التي دفعت بنظرة موديز للبنان من مستقرة إلى سلبية؟ وما هي مفاعيل النظرة السلبية؟

تقييم متسرّع؟
تصنيف لبنان الإئتماني المحدد بحسب موديز عند B3، والذي يعتبر الالتزامات تخمينية ومعرضة لمخاطر ائتمانية مرتفعة، لم يتغيّر، ولم يتم تعديله، إنما النظرة المستقبلية المستقرة باتت سلبية، ومرد ذلك زيادة المخاطر على وضع السيولة والاستقرار المالي، المرتبطين بشكل أو بآخر بتصاعد التوترات الداخلية والجيوسياسية.

أما تحذيرات موديز تجاه ارتفاع العجز لأمد أطول من المتوقع، وزيادة أعباء الدين على الحكومة، إنما اقترنت بقلق من أن احتياطيات العملة الأجنبية في لبنان، تبدو أقل حجماً عند تقييم مخاطر الاستقرار المالي، المرتبطة بتدفقات الودائع النازحة المحتملة، أو انخفاض التدفقات الداخلة.

المعطيات التي بنت عليها موديز نظرتها ليست بالجديدة، رغم خطورتها. فالمؤشرات لم تختلف كثيراً عما كانت عليه في شهر حزيران الفائت، حين أعلنت موديز ثبات تصنيفها للبنان مع نظرة مستقبلية مستقرة. إنما اشتداد وتيرة الخلافات السياسية رفعت مستوى التشاؤم تجاه جدية الإصلاحات المالية.

وبرأي الخبير الإقتصادي، الدكتور لويس حبيقة، فإن قرار موديز بخفض نظرتها للبنان جاء "متسرّعاً". إذ كان من الممكن منح البلد بعض الوقت، عقب تقييمها في حزيران الفائت، قبل حسم قرارها بخفض نظرتها إلى سلبية.

ورغم اعتبار حبيقة، في حديثه إلى "المدن"، أن خفض موديز نظرتها للبنان إلى سلبية متسرّعة، إلا أنه أسف لكون الدولة لم تتمكن من معالجة المشاكل والأزمات الداخلية، بالإضافة إلى الفشل الذريع في إدارة البلد. وهذا ما يعكس نظرة سلبية تجاه الإقتصاد، لاسيما وسط استمرار الدين العام بالإرتفاع وغياب الإستثمارات الجديدة.

تحذير أعقبه إنذار
حين حذرت وكالة موديز لبنان، منذ قرابة ستة أشهر، من تفاقم الأخطار الجيوسياسية، ركزت على اعتماد لبنان على الودائع المصرفية، التي تموّل حاجات الحكومة والاقتصاد، ومنحته حينها نظرة مستقبلية مستقرة، ربطاً بحصول عملية دمج بين الإصلاحات المالية والحفاظ على تدفقات خارجية كافية، لدعم تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار.

ولكن ما حصل خلال الأشهر الستة الماضية، جاء مخالفاً لأي تصورات بحدوث مؤشرات إيجابية. فالحكومة لم يتم تشكيلها، والإصلاحات المالية المنشودة لم تر النور، والتدفقات الخارجية تراجعت. ما دفع بمصرف لبنان إلى اتخاذ إجراءات مصرفية عديدة، للحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة مقابل الدولار.

وعادة ما تتبع وكالات التصنيف الدولية منهجية واضحة، في تناولها تقييم أي بلد. فالمستوى الأول من التقييم يبدأ بتقرير شامل عن تفاصيل الوضع الإقتصادي والمالي والتقني للبلد. وهو ما ترجمته موديز في تقريرها الصادر في شهر حزيران الماضي. وهو ما يعدّ بمثابة تحذير أو إنذار للدولة كما للمستثمرين. ثم يُستتبع ذلك بتحديد النظرة المستقبلية التي تتراوح بين إيجابي ومستقر وسلبي، وهي في حالة لبنان انخفضت إلى سلبي. ثم تأتي المرحلة الأخيرة من التقييم وهي التصنيف الإئتماني النهائي. من هنا، يرى بعض خبراء الإقتصاد أن نظرة موديز السلبية قد تؤسس لخفض تصنيف لبنان الائتماني في الأشهر المقبلة، ما لم تباشر الحكومة المرتقبة بالإصلاحات.

تغريدة الوزير
المخاوف من خفض التصنيف الإئتماني، ألمح إليه وزير المال في حكومة تصريف الإعمال علي حسن خليل، بطريقة غير مباشرة، حين غرّد عبر "تويتر"، داعياً إلى تنبّه الجميع إلى المضمون الصحيح لخفض نظرة موديز تجاه لبنان، باعتباره يصب في خانة ضرورة تشكيل الحكومة والبدء بالإصلاحات، لإعادة الثقة وتخفيف معدّل المخاطر وخفض العجز. وقال خليل: إذا كان هذا الأمر ممكناً الآن، فربما سنخسر فرصته بعد أشهر، إذا ما بقيت النظرة السلبية نفسها.

فالخسارة تتفاقم مع مرور الوقت. وهذا ما علّق عليه أيضاً حبيقة، إذ اعتبر أن التأثيرات السلبية ستتضح مع الوقت، من خلال تراجع الثقة وانعكاس ذلك على مزيد من تراجع الإستثمارات وهروبها، في ظل عدم الإستقرار، مستبعداً أن يكون لنظرة موديز السلبية أي انعكاس على أسعار الفوائد في لبنان.

ولا تقتصر الحلول على تشكيل الحكومة، إنما على كيفية إيجاد جو من الإنسجام والتعاون بين الفرقاء اللبنانيين، بعد تشكيل الحكومة، لتسهيل العمل على إعادة الإقتصاد إلى السكة الصحيحة وإطلاق عجلة النمو.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها