الجواب بكل بساطة أن التيار الوطني الحر وضع بعض المؤسسات، وعلى رأسها الميدل إيست، نصب عينيه منذ بداية العهد، لإعادة هيكلة إداراتها، بما يحفظ للتيار البرتقالي حصته. وعليه، تم إخراج الفصل الأخير من عملية انتخاب مجلس إدارة جديد للميدل إيست في أيلول 2017، إذ لم تلتئم الجمعية العمومية، بحجة عدم توافق الأفرقاء السياسيين على أسماء أعضاء مجلس الإدارة. ليتبيّن فيما بعد، أن التيار الوطني الحر يصرّ على انتزاع منصب المدير العام من رئيس مجلس إدارة الميدل إيست محمد الحوت، وإسناده إلى أحد الأعضاء المسيحيين (من التيار العوني).
معلومات حساسة؟
طالبت وزارة شؤون مكافحة الفساد شركة طيران الشرق الأوسط بالكشف عن مضمون عقد، يقضي بشراء الأخيرة عدد من الطائرات والمحركات النفاثة، غامزة من قناة حصولها على معلومات حساسة، تفضح تجاوزات الشركة، في ما يتعلق بعدم مراعاة الشفافية، في مناقصة إختيار الشركة المعنية بشراء الطائرات. كما اعترضت الوزراة في بيان لها على غياب آلية واضحة للتمويل، كما وللجدوى الاقتصادية من عملية الشراء: "خصوصاً أن المبالغ التي ستدفع باهظة للغاية في فترة ضيق وانكماش تمر بها المالية اللبنانية عامة".
لسنا في معرض الدفاع عن الميدل إيست، ولكن البيان أوقع وزير مكافحة الفساد بالعديد من المغالطات، التي من شأنها فضح "فساد" يقف خلف التصويب على الشركة، أولها أن إنفاق طيران الشرق الأوسط لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالمالية العامة "التي تمر بانكماش وضيق"، على حد تعبير الوزير. فالشركة، ليست مؤسسة عامة، كما أن عجز المالية العامة أحد أبرز أسبابه يعود إلى الفساد في الصفقات العامة، وكان آخرها في وزارتي الطاقة والإتصالات، أي حيث لم تتحرك طبعاً وزارة مكافحة الفساد ولم تصدر حتى بياناً.
أما المغالطة الثانية، والأساسية، فتعود إلى كون شركة طيران الشرق الأوسط هي شركة تجارية، تعمل وفقًا لأحكام قانون التجارة وإن كان مصرف لبنان يمتلك 99 في المئة من أسهمها، يديرها مجلس إدارة، وتخضع حساباتها للتدقيق من قبل شركات عالمية، كما تخضع أعمالها للمراقبة والمصادقة من قبل المساهمين، وهي وفق مصدر قانوني رفيع "ليست خاضعة لا لإدارة المناقصات ولا للتفتيش المركزي ولا أي جهة رقابية رسمية". وكان حرياً بالوزير تويني، وفق المصدر، أن يقدم إخباراً للنيابة العامة المالية، المخوّلة الوقوف في وجه العابثين بالمال العام، وإن في مؤسسات القطاع الخاص، بدل إثارة الموضوع في الإعلام وتبادل الإتهامات عبر البيانات. كما عليه المطالبة بإخضاع الشركات، التي تساهم الدولة في رأسمالها، لقانون المحاسبة العمومية وغدارة المناقصات، والهيئات الرقابية الرسمية، بدل محاربة الفساد باستنسابية أو كـ"فشة خلق".
كما أن الوزير تويني طالب الشركة بتشكيل لجنة، تتمثل فيها وزارتا المال والأشغال العامة، للمشاركة في اتخاذ قرار شراء طائرات لصالح الميدل إيست، وهو ما استغربه أحد المسؤولين في الميدل إيست في حديث إلى "المدن" فقال: لا علاقة لوزارتي الأشغال العامة والمال بالشؤون الإدارية والمالية للشركة. فمجلس الإدارة هو المخول الوحيد باتخاذ قرارات البيع والشراء استناداً إلى جدوى اقتصادية.
مناقصة عالمية
اتّخذت الـMEA قرار شراء طائرات جديدة، نتيجة إطلاق مناقصة عالمية في أيّار 2016، شاركت فيها شركتا Boeing وAirbus، إضافةً إلى مصنّعي المحركات شركتي General Electric وRolls-Royce، وتلاها مفاوضات حثيثة، حسب بيان الشركة، مع الشركات المذكورة، لتحسين شروطها المالية والفنية، مع تعهّدها بإتمام تلك العملية مع الشركة مباشرةً ومن دون أي وسيط. وبنتيجة تلك المفاوضات والدراسات، وبعد الحصول على العروض النهائية، المالية والفنية، من قبل الشركات المذكورة، تمّ ترسية العرض على شركة Airbus لشراء أربع طائرات من طراز A330-900Neo مزوّدة بمحركات Rolls-RoyceTrent 7000، وأخذ خيارات لشراء طائرتين إضافيّتين.
وستحل الطائرات الجديدة، التي سيتم إستلامها إبتداءً من العام 2021، وقيمتها تفوق المليار دولار، محل الطائرات القديمة من طراز Airbus A330-200، كان قد تم شراؤها في العامين 2008 و2009 أي عند بلوغ عمر الطائرات القديمة إثني عشر عاماً.
في كل الأحوال، نأمل أن لا يصيب "الميدل إيست" ما أصاب المؤسسات والوزارات التي وصل إليها أصحاب "الإصلاح والتغيير".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها