الثلاثاء 2018/11/13

آخر تحديث: 16:55 (بيروت)

النوّاب لا يؤمنون بالمناقصات

الثلاثاء 2018/11/13
النوّاب لا يؤمنون بالمناقصات
رئيس التيار الوطني الحر يؤيّد إجراء المناقصات خارج إدارة المناقصات! (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

تحتل إدارة المناقصات في التفتيش المركزي، عناوين النقاشات المتعلقة بماهيّة المشاريع التي تتبناها الدولة، وبأسعارها، وآلية وضع دفاتر الشروط، وفض العروض، وتلزيمها. ومع أن الإدارة هي المكان الذي يعبّر عن إرادة الدولة، ورقابتها على المشاريع، التي يُنفَق عليها من المال العام، إلاّ ان الطبقة السياسية تصرّ على إيجاد مخارج لتجنّب إجراء المناقصات في إدارة المناقصات، وإنما إجراؤها في المؤسسة المعنية بالمناقصة، لتسهيل التحكّم بسير المناقصة ونتائجها.


نوايا ووعود
الحال المستمرة منذ سنوات، تخرقها مؤخراً نوايا بعض القوى السياسية بإعادة المسارات القانونية إلى نصابها، تحقيقاً للوعود الإنتخابية بمحاربة الفساد. وفي هذا الإطار إقترح النائبان نواف الموسوي وهاني قبيسي "إخضاع الصفقات العمومية في الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات وإتحادات البلديات وسائر الهيئات واللجان وأشخاص القانون العام، التي تتولى إدارة مال عام، لصلاحيات إدارة المناقصات، بهدف طي مرحلة الفوضى في صرف الأموال العامة".


وعلّل النائبان طرحهما بالعمل على "الإصلاحات الهيكلية في أنظمة حوكمة الإدارة العامة. وبسبب إنعدام النية الحقيقية للإصلاح"، هذا الإصلاح الذي سيجنّب الدولة الخسائر التي تسجّلها مؤسسة كهرباء لبنان، والتي بلغت قيمة صفقاتها التي أجريت خارج إدارة المناقصات، في العام 2016 "حدود 3000 مليار ليرة". وعرج النائبان على الصفقات التي يجريها مجلس الإنماء والإعمار، فقد أجرى المجلس في العام 2015 صفقات "بحدود 700 مليار ليرة، خارج إدارة المناقصات".


إقتراح النائبين لم يسلك طريق الإقرار في مجلس النواب في جلسة يوم الإثنين 12 تشرين الثاني. ولم يعترض النائبان ولا كتلتا التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة. وفي المقلب الآخر، لم يُسمّع صوت الكتل السياسية الأخرى. ويمكن للأمر أن يُبرَّر عند تياريّ الوطني الحر والمستقبل بإعتبارهما المستفيد الأكبر من تحييد إدارة المناقصات عن مشاريع وزارة الطاقة ومجلس الإنماء والإعمار، لكن ماذا عن القوات اللبنانية مثلاً؟ وماذا عن الزعماء الذين أعلنوا خلال فترة الإنتخابات النيابية، بداية عهد مكافحة الفساد؟


العبرة في التنفيذ
داخل الجسلة النيابية ليس كما خارجها. في الخارج كلام كثير وفي الداخل فعل قليل. فعل يعتمد على ما رُسِم للجلسة أن تكون عليه قبل إنعقادها. ففي ما يتعلّق ببند إدارة المناقصات، تؤكد مصادر نيابية في حديث الى "المدن"، ان "بند إجراء المناقصات في إدارة المناقصات، أضيف كبند أخير على جدول الجلسة، ولم يكن موزّعاً على النواب مسبقاً للإطّلاع عليه، كما هو حال باقي البنود. وبرغم ذلك، سرعان ما سُحِب البند ولم يجرِ تداوله". تعيد المصادر سبب هذا الإجراء إلى "الإتفاق المسبق بين الكتل النيابية على البنود التي سيجري نقاشها وإقرارها، وتلك التي سيجري تأجيلها. وبذلك، تكون جلسة المجلس عبارة عن عملية إخراج لما إتُفق عليه قبل الجلسة".


ملف إدارة المناقصات يقبع بين فريقين سياسيين، أحدهما يريد إقصاء الإدارة من مهامها كلياً، والآخر يريد تمرير الصفقات عبرها، لتكون إطاراً قانونياً يُشرعِن الصفقة. لا يعني الخيار الثاني أن إدارة المناقصات تمرر الصفقات بصورة مخالفة للقانون، بل على العكس، يُحاربها البعض لأنها تلتزم القانون. لكن من يرفع لواء الحفاظ على الإدارة، يعمد الى ترتيب الصفقات قبل إحالتها الى الإدارة، فيلتزم بوجود عارضَين على الأقل في أي مناقصة، ويرتّب خارجاً، هويّة العارض الفائز، على عكس الفريق الأول الذي يريد تلزيم فائز محدد، من دون وجود منافس له، وبالتالي من دون وجود عارِض آخر كي تنتظِم شروط المناقصة.


الفريقان المتخاصمان يلتزمان حدود الصراع بينهما، فلا يضغط أحدهما لكسر إدارة المناقصات كلياً، ولا يضغط الآخر لفرض إجراء المناقصات داخل إدارة المناقصات، بل يُبقيها مادة دسمة يستخدمها للتصويب على الخصم. علماً أن الطرفان لا يؤمنان بمناقصات شفّافة، بل بصفقات محددة النتيجة سلفاً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها