الثلاثاء 2018/11/13

آخر تحديث: 00:23 (بيروت)

العجز يطيح بـ"سيدر" والمخاطر تشتدّ

الثلاثاء 2018/11/13
العجز يطيح بـ"سيدر" والمخاطر تشتدّ
لبنان سلك المسار المعاكس تماماً لما وعد به المجتمع الدولي (Getty)
increase حجم الخط decrease
يبدو أن تراكم العجز المالي، وتطوره السريع، بدأ بعملية "الإطاحة" بمقررات مؤتمر سيدر، وما نتج عنه من تعهدات دولية بمنح وإقراض لبنان أكثر من 11 مليار دولار. فالأرقام المالية الخاصة بالنصف الأول من العام 2018 ترسم سوداوية المرحلة المقبلة، ما يؤكد أن أرقام النصف الثاني من العام الجاري ستكون أكثر سوداوية.

تراجع الإيرادات

منذ انعقاد مؤتمر سيدر وحتى اللحظة، لم يخطُ لبنان خطوة واحدة في اتجاه تنفيذ تعهداته الإصلاحية، لا بل أثبت عكس ما تعهّد به أمام المجتمع الدولي في باريس، فقد سجّلت المالية العامة خلال النصف الأول من العام 2018 ارتفاعاً في مستوى العجز المالي فاق 3 مليارات دولار، ليسجل مجمل العجز أكثر من 11 في المئة من الناتج المحلي، في حين تعهد لبنان بخفض العجز المالي بنسبة واحد في المئة سنوياً، على مدى خمس سنوات، إستهدافاً لخفض حجم العجز العام من الناتج المحلي الإجمالي الى خمسة في المئة.

وحسب الأرقام الرسمية للمالية، فقد تراجع إجمالي الإيرادات العامة في النصف الأول من العام 2018 بنسبة قاربت 2 في المئة، لتصل إلى 5 مليارات و941 مليون دولار مقابل 6 مليارات و60 مليوناً في النصف الأول من  العام 2017. وفي مقابل ذلك، ارتفع الإنفاق العام بنسبة 28.85 في المئة، ليبلغ 8 مليارات و977 مليون دولار مقابل 6 مليارات و968 مليونا في النصف الأول من 2017. ما يعني أن عجز الميزان الأولي بلغ نحو 3 مليارات و36 مليون دولار مقابل 908 مليونا في النصف الأول من 2017، أي بزيادة هائلة بلغت نسبتها 234.36 في المئة.

التهرّب الضريبي

ارتفاع العجز بهذه النسبة العالية خلال ستة أشهر فقط (بالمقارنة مع النصف الأول من 2017) لم يكن أمراً مفاجئاً لكثير من خبراء الإقتصاد، لاسيما ممن حذروا مراراً من رفع الضرائب، فانخفاض الإيرادات كان نتيجة طبيعية لرفع الضرائب، في ظل أزمة اقتصادية خانقة، انعكست تراجعاً بالقدرة الإستهلاكية وارتفاعاً في مستوى التهرب الضريبي، والنتيجة كانت تراجعاً بالإيرادات الضريبية بنسبة 3.24 في المئة لتبلغ 4 مليارات و569 مليون دولار مقابل 4 مليارات و723 مليونا في النصف الأول من العام 2017، بدل ارتفاع الإيرادات الضريبية بناء على مخطط الحكومة.

ونظراً إلى أن تراجع الإيرادات وارتفاع النفقات، وزيادة العجز المسجل خلال النصف الأول من العام الجاري، حدث في ظل مرحلة سياسية مستقرة نوعاً ما، شهدت انعقاد مؤتمر سيدر واستحقاق الإنتخابات النيابية ووضع خطة إقتصادية إنقاذية "خطة ماكينزي"، أصبح شبه مؤكد ارتفاع العجز خلال النصف الثاني من العام 2018 أضعاف ما سجله في النصف الأول، نظراً لاستفحال الأزمة السياسية، والعجز عن تشكيل حكومة وحدة وطنية، وانعكاس ذلك ركوداً في غالبية القطاعات الإقتصادية، وارتفاعاً بالفوائد المصرفية، وتراجعاً بالقدرة الشرائية لدى المستهلك.

حبر على ورق

قبل أقل من شهرين على نهاية العام وفي ظل تصاعد الأزمة السياسية وتالياً الأزمة الإقتصادية، أصبح تسجيل العجز المالي أكثر من 6 مليارات بالحد الأدنى، أمراً شبه محسوم أي إلى نسبة 11 في المئة من الناتج المحلي، وبذلك يكون لبنان سلك فعلياً المسار المعاكس تماماً لما وعد به المجتمع الدولي في مؤتمر سيدر، فالعجز ارتفع بنسبة واحد في المئة (بالحد الأدنى) بدل انخفاضه النسبة ذاتها سنوياً.

الإرتفاع المقلق للعجز، وبالتالي للدين العام، دفع بأحد كبار المصرفيين للقول في حديث الى "المدن": "نسينا سيدر وصار همنا الأول عدم الإنهيار المالي"، في إشارة الى أن مؤتمر سيدر لم يعد بين الإستحقاقات العاجلة، إنما الأولوية باتت لاستدراك الوضع المالي المتردي، متوقعاً أن تبقى تعهدات سيدر حبراً على ورق، كما خطة ماكينزي، التي كلّفت الدولة اللبنانية مليون و300 ألف دولار، واستعملت كأداة لإقناع الدول المانحة في باريس.. لكنها بقيت حبراً على ورق.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها