السبت 2018/11/10

آخر تحديث: 02:09 (بيروت)

وزير العدل يتوعد.. فهل يُعاقب وزراء الطاقة؟

السبت 2018/11/10
وزير العدل يتوعد.. فهل يُعاقب وزراء الطاقة؟
وضع عقوبات على قطاع غير مقونن، هو أمر مخالف للقوانين (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

مع تفاقم أزمة العلاقة بين وزارتي الطاقة والإقتصاد من جهة، وتجمّع أصحاب المولدات الخاصة من جهة أخرى، تتّجه الدولة الى مراكمة خطأ تلو الآخر، لتسجّل على نفسها جملة من المخالفات بحق قوانينها. علماً أن كان بإمكانها حلّ الأزمة بهدوء وبأقل قدر من الخسائر، وتحديداً على المواطن الذي يبدو أنه سيدفع في النهاية ثمن الصراع الدائر بإسمه، سواء ربحت الدولة أو ربح "التجمّع" الذي يمثّل قطاعاً قائماً منذ سنوات، ولم تستفق عليه الدولة إلاّ مؤخراً.


"فذلكة" جريصاتي
لمزيد من الإنغماس في وحل مخالفة القوانين، دخلت وزارة العدل على خط المواجهة، نصرةً لوزارتي الطاقة والإقتصاد، فزادت من غرق الدولة. إذ ان وزير العدل سليم جريصاتي أعلن نيّته معاقبة من تمرّد على الإجراءات الإدارية، وذلك بتشريع خاص به، معتبراً ان قرار التجمّع -وهو قطاع أمر واقع وغير منظم قانوناً- بحسب جريصاتي، قطع كهرباء المولدات لمدة ساعتين، ما يعتبر تمرداً و"جرم معاقب عليه في قانون العقوبات". والتجمّع برأي جريصاتي "امتنع عن تأدية خدمة عامة"، بهدف "ليّ ذراع الدولة".


وضع عقوبات على قطاع غير مقونن، هو أمر مخالف للقوانين، بإعتراف أهل الإختصاص في وزارة الطاقة، التي يدافع جريصاتي عن قراراتها أكثر ممّا يدافع أهلها عنها. فبالعودة الى العام 2012، تمنّى وزير الطاقة آنذاك جبران باسيل على مدير عام الإستثمار في الوزارة ان يضع تصوّراً قانونياً ومالياً حول كيفية "تغريم أصحاب مولدات الكهرباء.. أو جعل وزارة المالية تستوفي منهم ضرائب الدخل اللازمة". واللافت أن باسيل أكّد حينها ضرورة عدم ترتيب أيّ من الأمرين "زيادة الأسعار على المواطنين ولا تشريع وضع أصحاب المولدات". لكن مصلحة الوصاية الكهربائية في الوزارة، أكدت لباسيل ان "المادة السادسة من قانون العقوبات اللبناني نصت على ان لا يُقضى بأي عقوبة لم ينص عليها القانون حين اقتراف الجرم".


والمادة الأولى من القانون، حدّدت على وجه أدق، أنه "لا تُفرَض أي عقوبة أو تدبير إحترازي وإصلاحي من أجل جرم لم يكن القانون قد نص عليه حين اقترافه". وعليه، خلصت مصلحة الوصاية إلى أن "تغريم أصحاب المولدات الكهربائية لا يقع في موقعه القانوني. أما فيما يعود لوزارة المالية، فإنه يعود لها تطبيق القوانين والأنظمة لجهة إستيفاء الرسوم والضرائب". ما يعني قانوناً ان قرار وزارة الإقتصاد، والدعم القادم من وزارة العدل، غير مبرّر.


25 عاماً من العتمة
لكن إن كانت الغاية من وراء الترتيبات الجديدة المتعلقة بقطاع المولدات الخاصة، هي مصلحة المواطن، لا بد عندها من إستكمال الترتيبات على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، حتى لو كانت الوسيلة قرارات متناقضة مع القوانين، وهذا جوهر ما تفعله وزارات الطاقة والإقتصاد والعدل. وبالتالي، فإن جريصاتي الذي أخذ على عاتقه معاقبة من فرض العتمة على المواطنين لساعتين، عليه إكمال طريقه ومعاقبة من فرض العتمة على اللبنانيين منذ العام 1992 حتى اليوم. فاللبنانيون قادرون على تحمّل ساعتين من العتمة ريثما تُحلّ أزمة المولدات، لكن ماذا عن تحمّل أكثر من 25 عاماً من العتمة؟


المسؤول عن عتمة الساعتين معروف، ومن السهل الإقتصاص منه بمجرّد تشريع قانون يمنع أو ينظّم عمل المولّدات، فيما الإقتصاص من أصحاب عتمة الـ25 عاماً مقيّد بحصانة قانونية وسياسية، وخاضع لمحاصصة تحكم النظام السياسي اللبناني منذ تأسيسه. فهل من العدل أن تحكم وزارة العدل على من كسر قرارات الدولة لساعتين، فيما تسكت عمّن كسر قراراتها وقوانينها لسنوات، من عمق دار وزارة الطاقة؟ حكم وزارة العدل مطلوب لتأمين العدل للمواطنين، لكن عدل المواطنين يتحقق بالسير نحو الوزارات أيضاً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها