السبت 2018/11/10

آخر تحديث: 02:01 (بيروت)

أزمة الكهرباء: راجعوا تسعيرة جبران باسيل

السبت 2018/11/10
أزمة الكهرباء: راجعوا تسعيرة جبران باسيل
تركيب العدّادات للمولّدات يموّه عجز الحكومة عن إدارة قطاع الكهرباء (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease


لم تولد من العدم الأزمة الناشبة بين وزارات الطاقة والاقتصاد والعدل من جهة، وأصحاب مولدات الكهرباء الخاصة، إذ سبقها تحضير وبحث في أروقة بعض الوزارات، بهدف إخراجها بصورة منمّقة تستهدف في ظاهرها مصلحة المواطن، وفي باطنها مصلحة بعض المنتفعين. أما الهدف الأبعد، فيبقى إستنزاف مؤسسة كهرباء لبنان وتدميرها. 

 

تخفيض افتراضي

يعتبر تحديد سعر الكيلوات أبرز أوجه أزمة المولدات حالياً. وهذا السعر خضع لموجة من التغيّرات التي كانت ترتفع في الظل، وصولاً الى إظهارها ورسوّها على 410 ليرات للكيلوات الواحد، وهو السعر الذي وضعته مؤخراً وزارة الطاقة. علماً أنها بذلك، تناقض ما وصل إليه وزير الطاقة السابق جبران باسيل. فما هو السر خلف هذا التغيير؟

 

خلال العام 2010، وبعد إقرار ورقة سياسة قطاع الكهرباء، صدر عن وزير الطاقة، في حينه، جبران باسيل، الكتاب رقم 1945/ بتاريخ 15-10-2010 ، والذي يقترح فيه تسعيرة توجيهية لمولدات الكهرباء الخاصة، على أساس معادلة حسابية تلحظ كل المتغيرات التي تؤثر على تكلفة إنتاج الكهرباء. وانتهى المطاف الى تسعير الكيلوات بـ 350 ليرة، بعد الأخذ بالاعتبار الأكلاف المتغيرة، بما فيه نسبة تحميل المولد، عامل الطاقة، استهلاك الوقود، سعر الوقود، كلفة الزيت والفلاتر في مختلف حالات التحميل، أي بالحدود الدنيا والوسطى والقصوى. بالإضافة الى الأكلاف الثابتة، بما فيه كلفة الاستثمار وسعر الكابلات وحياة المولد والفوائد وإيجار الأرض وأجور العاملين ونسبة ربح تتراوح بين 15 و25 في المئة.

 

وبما أن وزارة الطاقة والمياه، بمناسبة إلزام أصحاب المولدات بتركيب العدادات، انطلقت منذ شهور عديدة في المساومة على السعر التوجيهي بدءاً من 300 ليرة للكيلوات لتصل الى 410 ليرات، وبما أن سعر ليتر المازوت في ذلك الوقت كان بحدود  1075 ليرة، وحالياً السعر هو ذاته تقريباً، فهذا يطرح سؤالاً حول خلفية ومبررات رفع السعر التوجيهي بزيادة تجاوزت الـ 36 في المئة.

 

تجيب مصادر مطلعة على الملف، ان الهدف الحقيقي لوزير الطاقة الحالي سيزار أبي خليل، المدعوم من وزير الاقتصاد رائد خوري، هو مجرد التوصّل الى تركيب عدادات بمن حضر وقَبِل بذلك، فقط للزعم بتخفيض إفتراضي لفاتورة المولد على المواطنين، والانطلاق في تنفيذ الخطوة الثانية من "استراتيجية" الرفع التدريجي لتعرفة فاتورة مؤسسة كهرباء لبنان، في محاولة لزيادة مواردها الذاتية وتغطية مزيد من الهدر على الاتفاقات الرضائية التي تجريها من دون أي حسيب أو رقيب.

 

التقدم إلى الخلف

بذلك تكون فاتورة المواطن قد بقيت على حالها، إن لم ترتفع مع تطبيق تسعيرة الـ 560 ليرة التي يطالب بها أصحاب المولدات، بسبب اعتراضهم على عناصر التكلفة الأخرى، من غير ثمن المازوت، الذي يمثل عنصر تكلفة متحرك لا يمكن الجدال فيه. وهكذا يكون المواطن قد تحمل، على الأقل زيادة تعرفة كهرباء لبنان، التي سوف تضاف إلى فاتورة المولد في زيادة أعباء المواطنين من ذوي الدخل المحدود.

 

وعليه، تثبت هذه السياسة أن تركيب العدادات للمولدات تساهم في سد عجز الحكومة ومؤسساتها عن تأمين إدارة صالحة لقطاع الكهرباء ومؤسسته المستقلة. والأهم أنها تكرس أمراً واقعاً بعد الفشل الذريع الذي أصاب خطط الكهرباء وتطبيق القوانين الناظمة للقطاع، على مدى عشر سنوات على الأقل.

 

إنه التقدم إلى الخلف، تحت غطاء تطوير الخطط والاستراتيجيات الذي يبدو انها من غير أفق، وهذا ما يعني الاصطدام مجدداً بحائط سوء إدارة وتخطيط تجربة الإصلاحيين الفاشلة في قطاع الكهرباء، والتي أقل ما يقال فيها: بئس الإصلاح ووعوده، وبئس السياسات والاستراتيجيات، التي أدت إدارة تنفيذها بعد عشر سنوات إلى عكس النتائج المتوخاة منها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها