السبت 2018/10/06

آخر تحديث: 18:09 (بيروت)

براز بشري في مياه حارة حريك...أين دائرة المنسّقين والمختبرات؟

السبت 2018/10/06
براز بشري في مياه حارة حريك...أين دائرة المنسّقين والمختبرات؟
حتى مياه الشرب لو تعد موثوقة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
لم يعد بالامكان اخفاء مسألة تداخل مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي في أكثر من منطقة في لبنان، خصوصاً المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة، كالضاحية الجنوبية لبيروت. عليه، ليس مستغرباً اكتشاف براز بشري في مياه الشرب في منطقة حارة حريك، والتي اكتُشفت بفعل إدخال عدد من سكان المنطقة إلى المستشفيات، وإثبات تعرضهم للجراثيم، وتوثيق عدم سلامة المياه، عبر فحوصات أجريت في مصلحة البحوث العلمية الزراعية في الفنار، إذ خلصت الفحوصات إلى عدم صلاحية المياه حتى لري المزروعات، وليس للشرب أو الاستعمال المنزلي فحسب.

الكارثة الصحية التي وصلت إلى حدّ لا يمكن معه اخفاؤها، كملاحظة تغيّر لون المياه بالعين المجردة، وشم رائحتها، دفعت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان إلى المباشرة "فوراً باتخاذ الإجراءات التقنية والإدارية لإجراء الفحوصات اللازمة في المختبرات للتحقق من سلامة المياه الموزعة في المنطقة المذكورة"، وفق ما أعلنته المؤسسة.

لكن المسألة لا تقتصر على تحرك المؤسسة التي تعتبر المسؤول الأول عن هذه الأزمة، لكنها تمتد إلى سلطة الوصاية، أي وزارة الطاقة والمياه، لأن المسؤولية متبادلة، كون إيصال المياه إلى المواطنين والتأكد من سلامتها، هي عملية تمر بمراحل عدة وتحتاج إلى المتابعة الدورية، وهو ما لا يحصل، بل إن الوزارة تلغي بعض المختبرات، وتُهمل مهمات بعض إداراتها، بدل تطويرها، ومنها على سبيل المثال دائرة المنسقين.

من ناحية قانونية، وفق المادة 2 فقرة 4 من قانون تنظيم قطاع المياه، رقم 221/2000، فإن وزارة الطاقة والمياه "تتولى تأمين العلاقات العامة مع المواطنين وإعلامهم بما يهمهم في شؤون المياه وترشيد استعمالها، وكذلك تتولى المشاركة في التخطيط لحماية المصادر المائية، وتدريب الفنيين في المؤسسات العامة للمياه والصرف الصحي والإشراف على عملهم". وفي السياق عينه، نص مرسوم إنشاء وحدة المنسقين، رقم 16111/2006، على أن تتولى الوحدة "مراقبة نوعية المياه في جميع المؤسسات العامة الاستثمارية للمياه وأخذ عينات للتأكد من سلامتها والمشاركة في التخطيط لحماية المصادر المائية، وكذلك تتولى تدريب فنيين في المؤسسات المذكورة والإشراف على عملهم في المختبرات"، وهذا ما لا يحصل أيضاً.

عليه، فإن محاولات التقصي عن واقع الأمر، تحت ضوء المستندات القانونية، أدت إلى أن هذه النصوص لم توضع موضع التطبيق بعد، بل إن الوزارة لا تولي الاهتمام حتى لشكاوى المواطنين، إذ تؤكد مصادر في الوزارة في حديث إلى "المدن"، أن آلية تلقي الشكاوى في الوزارة "تقتصر على وجود صندوق بلاستيكي فارغ على مدخل مبنى الوزارة، وسبيل الاتصال الوحيد المضمون مع الوزارة، هو عبر المديرية العامة للاستثمار التي تقوم قدر المستطاع بمحاولة معالجة موضوع الشكاوى، لكن الحل يتعذر أحياناً نظراً للعراقيل داخل الوزارة، ناهيك بالبيروقراطية التي توصل الملفات إلى مكتب الوزير وبعض مساعديه، وتختفي هناك. أما ما تقدمه الوزارة من إجابات للمواطنين، فلا تتعدى الاجابات على مستوى عام ولا ترقى إلى ملامسة الواقع، وهنا يملّ صاحب الشكوى من الانتظار".

غياب وزارة الطاقة والمياه لم يقتصر على تعطيل وحدة المنسقين، بل امتد إلى إلغاء بعض المختبرات، "كالمختبر الصغير الذي كان موجوداً في مبنى الوزارة، حيث قام أحد وزراء الطاقة السابقين بأخذ المساحة المخصصة للمختبر وضمها إلى مكتبه ومكتب معاونية، فتوقفت أعمال المختبر. وتالياً، عرضت إحدى المنظمات الدولية تطوير مختبرات الوزارة، لكن الوزير لم يستجب".

تأتي هذه الإجراءات التدميرية في وقت يزداد فيه عدد الآبار الإرتوازية التي تُحفَر بشكل عشوائي، وبالتوازي يزداد عدد شبكات الصرف الصحي التي يجري مدّها بصورة لا تخضع للرقابة الحقيقية. وفي ظل اهتراء شبكات جر المياه، تتداخل مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها