لهذا السبب.. فُقدت لقاحات الأنفلونزا من السوق؟

كما في كل عام يتهافت المواطنون على لقاحات الأنفلونزا الموسمية بين شهري أيلول وتشرين الاول تزامناً مع موسم انتشار الفيروسات الموسمية المسببة للأنفلونزا، إلا أن اللقاحات هذا العام فُقدت من السوق اللبنانية بعد نحو أسبوعين من تواجدها في الصيدليات ولم تتوفر حتى اللحظة، ما طرح الكثير من علامات الإستفهام لدى المواطنين من جهة ولدى بعض الصيادلة من جهة أخرى.

وارتبطت التساؤلات عن فقدان اللقاح من الأسواق باحتمال رفع تسعيرته لاسيما أن سعر اللقاح هذا العام بلغ أكثر من 23 ألف ليرة بينما كان في العام الماضي 12 ألف ليرة، فما هي أسباب فقدان اللقاح من الأسواق؟ وما هي تبريرات مضاعفة سعره؟

لقاح الأنفلونزا المستورد هذا العام هو Vaxigripe Tetra يعود الى شركة Sanofi Pasteur الفرنسية ووكيله في لبنان UPO ويحتوي على 4 أنواع من الفيروسات الشائعة في لبنان، ويختلف هذا اللقاح عن اللقاحين اللذين تم استيرادهما العام الماضي وهما Vaxigripe (يعود الى الشركة سابقة الذكر) وInfluvac ويعود الى شركة Abbott الهولندية ووكيله في لبنان Mersaco، إذ يحتوي اللقاحين السابقين على نوعين فقط من الفيروسات.

وتختلف أسعار اللقاحات بناء على مدى شمولها فيروسات مسببة للأنفلونزا وبالتالي مدى فاعليتها، فاللقاحان المستوردان العام الماضي لم تتجاوز أسعارهما 12 ألف ليرة، في حين أن سعر اللقاح المستورد هذا العام أي Vaxigripe Tetra (يختلف عن Vaxigripe السابق) يبلغ سعره 23.500 ليرة أي ضعفي اللقاحات السابقة.

لم يشكل السعر المرتفع للقاح أمراً مفاجئاً لدى الصيادلة إذ "أنه مبرّر" إلا أن البعض من الصيادلة طرح علامات استفهام حول أسباب انقطاعه بعد نحو 15 يوماً من طرحه في السوق لاسيما أن اللقاح المذكور يتم استيراده هذا العام من قبل وكيل واحد هو UPO، حتى أن أكثر من صيدلي أعرب في حديث لـ"المدن" عن مخاوف من أن يكون المستورِد عمد الى ذلك بهدف اختبار مدى فاعلية اللقاح قبل أن يقوم باستيراد كمية جديدة من اللقاح، كما أن أحد الصيادلة لفت الى احتمال أن يشكّل انقطاع اللقاح من السوق مبرراً لرفع سعره بشكل إضافي في وقت لاحق.

مصدر مقرّب من الشركة المستوردة أكد لـ"المدن" أن اللقاح Vaxigripe Tetra سيعود الى السوق خلال يومين كحد أقصى وسيتم تسويقه بالسعر نفسه أي 23.500 ليرة، عازياً سبب انقطاعه الى تأخر الدفعة الثانية التي تم استيرادها من بلد المنشأ.

وقد بلغت الدفعة الأولى من لقاح الأنفلونزا نحو 250 ألف لقاح وتم استهلاكها بالكامل فيما تقدر الدفعة الثانية، المتوقع وصولها في وقت قريب جداً، بأكثر من 50 ألف لقاح، فمتوسط حجم الاستهلاك في لبنان هو 300 ألف لقاح سنوياً، بحسب نقيب الصيادلة جورج صيلي الذي أكد في حديث الى "المدن" أن غياب حملات التوعية من خطر الأنفلونزا وأهمية اللقاحات تجعل حجم الاستهلاك هذا العام متقارباً مع العام الفائت من دون أي زيادة.

أما عن شكوك بعض الصيادلة من أن انقطاع اللقاح ربما يعود الى ترقب مدى فاعليته، يستغرب صيلي الحديث عن فاعلية اللقاح قبل انتهاء الموسم "لا يمكن أن نلمس مدى فاعليته خلال أيام إذ لا بد من انتظار انتهاء الموسم ومرور أشهر على اللقاح كي نتمكن من تقدير مدى فاعليته".

كما أن نوعية اللقاح لا يمكن أن يتحكّم بها لا المستورد ولا أي طرف آخر، بحسب صيلي، فلبنان يستورد من الشركات الأوروبية اللقاح المعد لديها بناء على الفيروسات الموجودة في تلك الدول، وليس في لبنان، فالحالة الوحيدة التي تجعل من لقاح الأنفلونزا لقاحاً صائباً 100% هي أن تأخذ الشركة المصنعة عيّنة من الهواء في لبنان واختبار نوعية الفيروسات الموجودة فيه وتصنيع لقاحات تتناسب والبيئة اللبنانية "بهذه الحالة فقط يكون اللقاح فاعلاً 100%، ولكن هذا الأمر يستحيل تنفيذه، فالشركات المصنعة تقوم بتصنيع ملايين اللقاحات وتوزيعها على الدول ولا يمكن ان تقوم بتصنيع لقاحاً منفرداً للسوق اللبنانية التي لا تتجاوز قدرتها الإستيعابية 300 ألف لقاح فقط.