الإثنين 2017/04/03

آخر تحديث: 01:36 (بيروت)

الترابة اللبنانية لإعمار سوريا: العلاقات السياسية أولاً

الإثنين 2017/04/03
الترابة اللبنانية لإعمار سوريا: العلاقات السياسية أولاً
الكلمة الفصل لدى النظام والدول الحليفة (Getty)
increase حجم الخط decrease
تُعتبر سوريا من وجهة نظر إقتصادية، سوقاً يمكن دخولها لتوسيع الإستثمارات ومراكمة الأرباح. ويُعدّ قطاعا الصناعة والمصارف من أبرز القطاعات اللبنانية التي بدأت التحضير لتثبيت نفسها لاعباً في السوق السورية، عند بدء مرحلة إعادة الإعمار.

طرح إسم الصناعات اللبنانية كأحد المستثمرين في إعادة إعمار سوريا، لا يعني أن الصناعات اللبنانية تحررت من أزماتها، بصورة تجعلها تتخطى السوق المحلية في اتجاه الخارج. بل إن التدقيق في الأمر، يُبرز حجم أزمة القطاع الصناعي، ويُبيّن أن قطاع صناعات البناء وحده القادر على شق طريق صغير في اتجاه سوريا، وداخل هذا القطاع، تستحوذ صناعة الإسمنت وحدها على حصة الأسد.

تقول مصادر في القطاع الصناعي لـ"المدن" إن "الصناعات اللبنانية بشكل عام حاضرة لتلبية السوق السورية من الحديد والألمنيوم والإسمنت وغيرها. وهي بالمواصفات العالمية". عليه، فإن هذه الصناعات مستعدة لخوض غمار إعادة الإعمار في سوريا، لكن هذه الإيجابية تصطدم بعقبة سياسية تتمثل في إتمام السياق القانوني والديبلوماسي بين لبنان وسوريا، لأن "مثل هذه الخطوة يجب أن تتم بشكل رسمي من دولة إلى دولة. وهو ما يمكن أن يشكل بعض العراقيل نظراً للتباينات في المواقف السياسية داخل الحكومة اللبنانية. ونأمل كقطاع صناعي أن يتم فصل السياسة عن الإقتصاد في المرحلة المقبلة".

فصل السياسة عن الإقتصاد ليس العائق الوحيد أمام دخول صناعات البناء اللبنانية إلى سوريا، فهذه الصناعات تحتاج إلى دعم على المستوى الداخلي لتتمكن من المنافسة في سوريا لاحقاً، وهو ما يوضحه الإداري في إحدى الشركات أحمد الموسوي، في حديث لـ"المدن"، إذ يشير إلى أن "هناك مشكلة في كلفة الصناعة، وهذه تعتبر من أهم المشكلات التي تواجهها الصناعات اللبنانية. ولتقوية الصناعة اللبنانية وجعلها أكثر منافسة، على الدولة أن ترفع الجمارك على الاستيراد، ودعمها في ما يتعلق بالكهرباء وغيرها من الأمور التي تدخل في تحديد كلفة الإنتاج". لكن في خضم الصعوبات، يؤكد الموسوي أن الإسمنت اللبناني قادر في ظل الأوضاع الحالية للصناعة على المنافسة، "فكنا قبل الحرب السورية نصدر الإسمنت إلى سوريا والعراق، ونستطيع المنافسة في هذا المجال".

"لبنان حُكماً سيستفيد من إعادة إعمار سوريا"، يشير أحد أبرز وجوه أصحاب الكسارات، بيار فتوش، الذي يركّز اهتمامه على قطاع الإسمنت، فهو الذي يحاول إيجاد مكان له بين شركات الإسمنت الثلاث التي تحتكر إنتاج وتوزيع الإسمنت في لبنان، وهي هولسيم، السبع، وسبلين، وذلك عبر إنشاء معمل "يكسر احتكار الشركات الثلاث"، بحسب ما يقوله لـ"المدن". ويستند فتوش إلى علاقاته مع جهات سورية ليوسع تجارته في لبنان، ويستعد للمشاركة في إعمار سوريا، خصوصاً أنه "موجود في سوريا منذ فترة طويلة"، وفق ما يقول.

العلاقة بين فتوش وجهات سورية، تسلط الضوء على أهمية فتح قنوات مع النظام السوري لتسهيل المشاركة في إعادة الإعمار، خصوصاً أن الكلمة الفصل في إعتماد الشركات، ستكون عبر التنسيق بين النظام والدول الحليفة له، ولاسيما روسيا وإيران. فبدون تحسين العلاقات مع النظام، أو التشارك مع رجال أعمال سوريين، لن يكون دخول الشركات اللبنانية سهلاً، إن لم يكن مستحيلاً. وهذا ما تؤكده المصادر، التي تلفت إلى أن فتوش نفسه "يتشارك مع أحد رجال الأعمال السوريين في معمل الإسمنت الذي ينوي إنشاءه في لبنان. والمعمل غايته رفد السوق السورية بالإسمنت. وهذه الغاية فتحت شهية أحد الزعماء السياسيين الذي يملك معملاً للإسمنت، وكان قد حاول دخول السوق السورية، لكنه لم ينجح في ذلك بحكم علاقته المتوترة مع النظام السوري".

وتشير المصادر إلى أن "شركات الإسمنت الثلاث، بالإضافة إلى معمل فتّوش، قادرة على التصدير إلى سوريا، مع الإستمرار في رفد السوق المحلية، إذ إن المعامل الثلاثة تُنتج حالياً نحو 6 ملايين طن سنوياً، في حين أن حاجة السوق المحلية نحو 5 ملايين، لكن السؤال الأبرز سيكون عن تنظيم العلاقة بين المعامل الأربعة، بعد تشغيل معمل فتّوش". والشركات اللبنانية الراغبة في المساهمة بإعادة إعمار سوريا، "غير مؤثرة في عملية الإعمار، إذ إن إمكانياتها لا تتناسب مع ما يحتاج إليه إعمار دولة كبيرة مثل سوريا. لذلك فإن أي دور للشركات اللبنانية، لا بد أن يكون تحت جناح شركات كبرى، على الأغلب إيرانية أو روسية، مع إمكانية مشاركة شركات فرنسية وأميركية".

بالتزامن مع تحضيرات الشركات الصناعية، تنشط المصارف اللبنانية والعربية في عملية التحضير للمساهمة في إعادة الإعمار، وذلك عبر تمويل الشركات. وللغاية، يستعد اتحاد المصارف العربية لمؤتمر يُعقد في بيروت في 12 و13 أيار 2017، بحسب ما يقوله لـ"المدن" الأمين العام للاتحاد، وسام فتوح، الذي يشير إلى أن "الدعوة ستوجّه إلى الشركات والمصارف المهتمة، بمشاركة كل الحكومات العربية عبر وزراء المال والإقتصاد، في حين أن الحكومة اللبنانية ستشارك عبر كل الوزارات".

ويلفت فتوح إلى أن "المؤتمر ليس مخصصاً لبحث تمويل إعادة الإعمار في سوريا فحسب، بل لتمويل أي عملية إعمار وتطوير في البلدان العربية. إذ إن لبنان على سبيل المثال، يحتاج إلى تمويل عدد كبير من المشاريع التي تسهم في التنمية، كتطوير البنى التحتية وقطاعات كثيرة مثل قطاع الاتصالات". لكن الإعمار والتطوير بالنسبة إلى فتّوح "يجب أن يراعي وجود الأمن. فالمصارف تهرب من المخاطر التي يرفعها غياب الأمن في أي دولة. لذلك، فإن تمويل إعادة الإعمار في سوريا، لا يمكن أن يتم ما لم تتوقف الحرب وتلتمس المصارف إنخفاض نسبة المخاطر".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها