الخميس 2016/09/22

آخر تحديث: 09:05 (بيروت)

أضرار لبنان من الأزمة السورية

أضرار لبنان من الأزمة السورية
هناك منافسة سوية لبنانية على مستوى اليد العاملة والشركات (Getty)
increase حجم الخط decrease
الصراع العنيف الذي يضرب سوريا منذ أكثر من خمسة أعوام سبّب أضراراً جسمية في الإقتصاد السوري، وإنتشرت شظاياه لتشمل لبنان والأردن وتركيا. لكن الأرقام تُظهر أن البلدين الأكثر تضرراً هما سوريا ولبنان.


أكثر من ٢٥٠ ألف قتيل، ٤.٨ مليون لاجئ خارج سوريا، و٦.٦ مليون نازح داخل سوريا هي الحصيلة البشرية للأزمة السورية التي تعصف ببلاد الشام منذ آذار ٢٠١١. هذا الوضع الإنساني الكارثي ترافق مع خسائر إقتصادية هائلة في الإقتصاد السوري على جميع الأصعدة. فالبنية التحتية من مياه وكهرباء، ونقل وصرف صحّي أصبحت في حالة يُرثى لها. وقد قدّر البنك الدولي هذه الخسائر بـ٧٥ مليار دولار أميركي كخسائر مباشرة (لا يدخل في هذا الرقم غياب الفرص الإقتصادية).

وعطل الواقع الأمني الجديد إنتاج النفط السوري وذلك بشكل دراماتيكي منذ العام ٢٠١٢، مع إستيلاء تنظيم داعش على معظم آبار النفط في سوريا وإستحالة الإنتاج في الآبار الأخرى مع تردّي الوضع الأمني. ووفق الأرقام الصادرة عن البنك الدولي، تراجع إنتاج النفط في سوريا من ٤.٧ مليار دولار في العام ٢٠١١ إلى ١٤٠ مليون دولار أميركي في العام ٢٠١٥.

وما سبق، بالإضافة إلى زيادة الإنفاق السوري العسكري، أدّى إلى ضغط هائل على ميزان المدفوعات السوري وعلى سعر صرف الليرة السورية، الذي تراجع مقابل الدولار الأميركي من ٤٧ ليرة سورية قبل الأزمة إلى أكثر من ٣٧٠ ليرة سورية حالياً.

وأخذ الإقتصاد السوري بالإنكماش نتيجة لتعطّل الماكينة الإقتصادية، فالنمو السلبي بلغ ٢٠.٦٪ في العام ٢٠١٣، ١٨٪ في العام ٢٠١٤، و١٦٪ في العام ٢٠١٥. ومن المُتوقع أن يكون التراجع في العام ٢٠١٦ بنفس الوتيرة نتيجة إستمرار الوضع العسكري على ما هو عليه.

ولم تفلح الإجراءات التقشفية التي قامت بها الحكومة السورية والتي طالت بالدرجة الأولى تخفيض الأجور والمُساعدات الاجتماعية وغيرها، في تخفيف حدّة الأزمة المالية. وبالتالي سجّل حساب الميزان الجاري عجزاً كبيراً في الأعوام ٢٠١٣ إلى ٢٠١٥ مع أكثر من ٢٠٪ نسبة إلى الناتج المحلّي الاجمالي. ومن المُتوقع أن تستمرّ الحالة على ما هي عليه في ٢٠١٦ وحتى الأعوام المقبلة، إذا لم يتمّ إيجاد حلّ سياسي لهذه الأزمة.

ولسدّ المصاريف الهائلة التي يتحمّلها النظام، عمدت الحكومة السورية إلى استخدام الاحتياط من العملات الأجنبية. ما أدّى إلى إختفائه تقريباً مع ٧٠٠ مليون دولار أميركي في العام ٢٠١٥، مقارنة بـ٢٠ مليون دولار أميركي في العام ٢٠١٠.

وطالت شظايا الأزمة السورية الدول المُجاورة، خصوصاً لبنان، الأردن وتركيا. لكن الأرقام تُشير إلى أن لبنان هو الأكثر تضرراً بين هذه الدول حيث أن الضرر يجيء عبر ثلاث قنوات: اللجوء السوري، إقفال الحدود البرية، والتوتر الأمني على الحدود، والذي ألقى بظلّه على الوضع الأمني في لبنان.

هذه القنوات الثلاث ضربت الإقتصاد اللبناني من خلال (١) ضرب البنية التحتية الخدماتية التي لم تعد تكفي للمواطن اللبناني واللاجئ السوري، (٢) ضرب سوق العمل اللبناني مع المنافسة الشرسة لليد العاملة السورية التي أصابت كل المناطق بدون إستثناء، (٣) ضرب الشركات اللبنانية عبر المنافسة غير القانونية التي يقوم بها اللاجئون من خلال خلق شركات تُضارب الشركات اللبنانية من دون أي تصريح للدولة اللبنانية (ضمان، مالية...)، (٤) ضرب النقل عبر سوريا وذلك بحكم إقفال الحدود وخصوصاً معبر نصيب الذي كان يستقبل البضائع اللبنانية التي ستصدر إلى الدول الخليجية، (٥) ضرب المناخ الإستثماري في لبنان من خلال هجمات المُسلّحين على الحدود والتفجيرات التي تعرّض لها لبنان في العامين ٢٠١٣ و٢٠١٤، (٦) ضرب المالية العامة وذلك بسبب كلفة اللاجئين السنوية المباشرة على الحكومة والبالغة ١.٧ مليار دولار أميركي والتي إرتفعت مع الكلفة غير المُباشرة إلى أكثر من ٢٤ مليار دولار أميركي منذ بدء الأزمة السورية، (٧) وضرب التشريع الإقتصادي من خلال التعطيل الذي يعصف بالحياة السياسية اللبنانية والذي منع أي إجراءات إقتصادية أو خطط لجبه تداعيات الأزمة السورية.

وهذا ما دفع بالإقتصاد اللبناني إلى التراجع كما تُظهره الأرقام مع معدّل نمو ١٪ في السنوات الأربع الماضية. والعجز في ميزان الحساب الجاري سجّل معدّلاً وسطياً قيمته ١٥٪ من الناتج المحلّي الإجمالي، مُظهراً بذلك الضغط الهائل على المالية العامة اللبنانية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها