الثلاثاء 2016/08/09

آخر تحديث: 19:50 (بيروت)

سوريا... النظام يحاول إحياء "التشاركية" وسط تراجع الإستثمارات

الثلاثاء 2016/08/09
سوريا... النظام يحاول إحياء "التشاركية" وسط تراجع الإستثمارات
فندق الـ"فورسيزونز" في دمشق بلغت تكلفته 100 مليون دولار (getty)
increase حجم الخط decrease


تعمل حكومة الأسد على إنجاز التعليمات التنفيذية لقانون "التشاركية" بين القطاعين العام والخاص "بما يتيح الفرصة للقطاع الخاص، للمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية كشريك أساسي وفاعل للقطاع العام"، على حد تعبير وزير الاقتصاد السوري أديب ميالة الذي "حرّك" قضية تنفيذ القانون.

وإعادة "نبش" القانون، الذي يقضي بإبرام علاقة تعاقدية لمدة زمنية متفق عليها مسبقاً بين القطاع الخاص، وجهة حكومية يقوم بموجبها الشريك الخاص بالاستثمار في مشروع لدى الجهة العامة، والذي كان الأسد قد أصدره منذ حوالي 6 أشهر، أثار عدداً من الأسئلة حول التوقيت والدلالات.

وتشير مصادر في "المنتدى الاقتصادي السوري"، وهو مركز أبحاث متخصص في السياسات العامة، في حديث لـ"المدن"، الى ان نظام الأسد يعمل على تفعيل القانون بأسرع ما يمكن لـ "تحقيق إيرادات مالية جديدة تساعده في الانفاق على المشاريع الاستثمارية التي يعوق تنفيذها عدم وجود موارد مالية لديه". لكن في الحالة السورية الراهنة، يكون الهدف "توفير الموارد عن طريق الهيمنة، فمجلس التشاركية برئاسة رئيس الحكومة وعضوية وزيرين".

وبين هدف الأسد وواقع سوريا الإقتصادي، هوة كبيرة. فكيف ستتأمن الإيرادات إذا كانت التدفقات الإستثمارية الأجنبية الى سوريا، لامست الصفر، منذ العام 2011؟. علماً ان هذه التدفقات سجلت 77 مليار ليرة (1.5 مليار دولار) في العام 2010.

وفي السياق، تشير "المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات" في التقرير السنوي الـ 31 الذي أصدرته في نهاية حزيران الماضي الى ان سوريا لم تشهد أي تدفقات لإستثمار أجنبي مباشر من ضمن الـ 40 مليار دولار الواردة إلى الدول العربية عام 2015.
وبلغت ارصدة الاستثمارات الأجنبية التراكمية في سوريا 10.7 مليار دولار حتى عام 2010، وهو الرقم الأخير الذي أصدرته "هيئة الاستثمار السورية" في عام 2011 ولم تعد بعدها تتطرق الى "الاستثمار الأجنبي المباشر". ونتيجة لذلك، وفق ما تقوله مصادر إقتصادية لـ"المدن"، فإن سوريا تحولت، منذ ذلك العام، الى بلد "طارد للاستثمار"، بسبب اتساع رقعة النزاع، وعليه لا يجد النظام بديلا عن القطاع الخاص الذي يساهم بنسبة 64.7% من الناتج المحلي الإجمالي، "لتوفير سيولات تمكنه من إتمام مشاريع متوقفة او فتح مشاريع جديدة "ملحّة".


تراجع الاستثمار العام

تأتي خطوة النظام بإتجاه القطاع الخاص، بعد ان سجل الاستثمار العام تراجعاً لافتاً في السنوات الماضية، فقد تم توجيه الموارد العامة نحو تغطية الإنفاق العسكري وانخفضت الاستثمارات العامة بنسبة 15% في الربع الأول من العام 2015، و23% في الربع الثاني، ونحو 36% في الربع الثالث، و35.7% في الربع الرابع، مقارنة بالفصول المقابلة لها في عام 2014. بحسب بيانات "المركز السوري لبحوث السياسات".
وسجل الاستثمار العام 0.05% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2012، وفي عام 2013 ارتفعت الحصة إلى 0.24%، في حين بلغت 0.42% عام 2014، ونحو 0.41%، في عام 2015.
وترافق التراجع في القطاع العام مع تراجع الاستثمار الخاص أيضاً بنسبة 5% مقارنة بعام 2014، ووفق بيانات تقرير "مواجهة التشظي" الذي أصدره المركز السوري لبحوث السياسات، فإن الاستثمارين العام والخاص، شكلا ما نسبته 9.2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015.

الى ذلك، يشكو القطاع الاستثماري السوري من شح وجفاف مالي كبير على الصعيد المحلي، يمنعه من انجاز المشاريع التي تستفيد من مزايا قانون الاستثمار، فقد اعلنت "هيئة الاستثمار" في آخر احصاء اصدرته في شهر تموز الماضي، عن منحها الموافقات لـ 21 مشروعاً، بتكلفة تصل الى 26 مليار ليرة خلال النصف الأول من العام الحالي.

واللافت ان المشاريع المنفذة خلال النصف الأول من العام الحالي هي مشروعين فقط (أحدهما صناعي في طرطوس والثاني زراعي في السويداء)، وبتكلفة استثمارية لم تتجاوز 54 مليون ليرة، وفق ما نقلته صحف محلية عن المدير العام لهيئة الاستثمار السورية، إيناس الأموي. علماً ان المشاريع من المفترض ان تكون 31 مشروعاً مرصودة في الفترة عينها من العام 2014 وبتكلفة استثمارية بلغت 39.6 مليار ليرة. وهذه المشاريع، 10 منها فقط هي قيد التنفيذ اليوم بقيمة 13.3 مليار ليرة.

وتجدر الإشارة الى انه في النصف الأول من عام 2015 تم الترخيص لـ 33 مشروعاً بقيمة 7.4مليارات ليرة، لكن لم يعرف عدد المشاريع قيد التنفيذ.


إستثمارات خليجية

يفيد تقرير لهيئة الاستثمار السورية ان الاستثمارات الاوربية في عام 2010، تشكل نسبة 73% من الاستثمار الأجنبي المباشر في السوق السورية ويتجه معظمها نحو النفط والغاز.
وفي حال تم استثناء قطاع النفط من كتلة الاستثمارات الاجمالية سنجد ان الدول الخليجية ستتحول الى المصدر الأكثر أهمية للاستثمار الأجنبي المباشر وبحصة 61% من اجمالي رصيد الاستثمار.

ودأبت الرساميل الخليجية على التوجه بكثافة الى سوريا بدءا من العام 2006 حيث عرضت "مجموعة بنيان الدولية" تطوير مشروع "بنيان سوريا" في منطقة جبل الشيخ بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 15 مليار دولار على مدى 12 عاماً، بالشراكة مع المستثمر السوري "شاهر محمد رياض التقي".

وإذا كانت بعض الاستثمارات الخليجية قد رأت النور، مثل فندق "فورسيزنز" دمشق، للوليد بن طلال، حيث بلغت تكلفته 100 مليون دولار، حين افتتح في العام 2006. الا ان بعضها الاخر تم فسخ عقده وهو ما فعله وزير السياحة السوري بشر يازجي العام الماضي، حيث أقدم على فسخ عقد مشروع منتجع خليج ابن هانئ في اللاذقية، الخاص بشركة الديار القطرية بسبب ان "المشروع متوقف منذ مدة طويلة".

ويملك مستثمرون قطريون نسبة 50% من "بنك قطر الوطني ــ سورية" الذي يبلغ رأسماله 300 مليون دولار. ويمتلك بنك قطر الدولي الإسلامي 30% من "بنك سورية الدولي الإسلامي"، وتمتلك مجموعة الخرافي الكويتية مشروعا لإنتاج الاسمنت بكلفة 100 مليون دولار. ولشركة "إعمار" الإماراتية، مشاريع تطوير عقارية بالشراكة مع شركة "الاستثمار لما وراء البحار" السورية، تقدر تكلفتها الاجمالية بنحو 500 مليون دولار. وفي الاجمال توقفت مجمل المشاريع الخليجية على خلفية المواقف السياسية لدول مجلس التعاون الخليجي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها