الثلاثاء 2016/12/20

آخر تحديث: 02:44 (بيروت)

التدفئة في سوريا غالية: الجلة تنافس المازوت

الثلاثاء 2016/12/20
التدفئة في سوريا غالية: الجلة تنافس المازوت
شراء الجلّة لم يكن سائداً في الماضي (Getty)
increase حجم الخط decrease

يبدو أن طول أمد الحرب في سوريا حوّل معظم فئات الشعب السوري إلى الطبقة المسحوقة إقتصادياً، وأعادها عشرات السنوات إلى الوراء. فصار المواطنون يبحثون بين مصادر الطبيعة عما يسد رمقهم ويدفع عنهم برد الشتاء. ففي أرياف حمص وإدلب وحماه عاد السكان الفقراء إلى الاعتماد على روث الأبقار والماعز، المعروف باسم الجلّة، في عمليات إعداد الطعام والتدفئة، كوقود بديل من مادة المازوت شبه المفقودة وغالية الثمن، ومن الحطب الذي أنهكت عمليات قطعه المساحات المشجّرة وحولت أكثرها إلى مساحات جرداء.

ليس غريباً أن يعود سكان الأرياف السورية إلى استخدام الجلّة، التي لم ينته استخدامها بشكل قطعي. لكن المستغرب أن تدخل هذه المادة، وبشكل سريع، إلى سوق تجارة مواد المحروقات، لتنافس وبجدارة تجارتي الحطب والمحروقات.

ويؤكد أحمد الحمصي، وهو من سكان ريف حمص الشمالي المحاصر، أن السكان عادوا إلى الاعتماد على هذه المادة منذ نحو 3 سنوات بعد وقت قليل من اندلاع الحرب في ريف حمص، ونتيجة الحصار الذي فرض عليهم من قبل قوات النظام، خصوصاً أن ريف حمص فقير بالأشجار ولا مساحات حرجية فيه. بينما أصبح تأمين مادة المازوت ضرباً من الخيال، لا تقوى عليه معظم الأسر نتيجة ارتفاع ثمنه وندرة وجوده.

هكذا، انتشرت في الريف الشمالي بسطات ومحال بيع الجلّة. وبلغ سعر الطن الواحد منها 45 ألف ليرة، في وقت بات فيه سعر طن الحطب 65 ألف ليرة (128 دولاراً)، بينما بلغ ثمن برميل المازوت 100 ألف ليرة (196 دولاراً)، بينما كان يباع في أرياف حلب بنحو 89 دولاراً حداً أقصى.

تختلف تجارة الجلّة بين منطقة وأخرى. ففي ريف حماة، يقول ياسر السلوم، وهو أحد سكان سهل الغاب، لـ"المدن"، إن "تجاراً يأتون إلى ريف حماة الشمالي كي يشتروا روث الحيوانات من المزارعين بأثمان مختلفة، تراوح بين 15 و20 ألف ليرة سورية ثمناً للطن الواحد (40 دولار). بينما يبلغ ثمن برميل المازوت 70 ألف ليرة (138 دولاراً)، ويراوح ثمن طن الحطب بين 60 و70 ألف ليرة (138 دولاراً)".

في ريف إدلب أيضاً بدأ السكان شراء الجلّة، حيث تنتشر تجارتها في ريف إدلب الجنوبي، في محيط كفرنبل، ويبلغ ثمنها 20 ألف ليرة، (38 دولاراً) لروث البقر، بينما يباع روث الأغنام بـ35 ألف ليرة، (69 دولاراً) للطن الواحد. لكن الأغلبية المطلقة من سكان أرياف إدلب تعتمد على مخلفات معاصر الزيتون كوقود للمدافئ في الشتاء، وهي توازي الحطب في جودتها، ويباع الطن الواحد منها بـ40 ألف ليرة (79 دولاراً).

أما في غوطة دمشق فبدأ الفلاحون العودة إلى الجلّة في عمليات إعداد الطعام والتدفئة، لكنهم يعتمدون غالباً على إنتاج حيواناتهم في تصنيعها، وقلما يحصل بيع وشراء لها. وربما يكون السبب في ذلك هو اعتدال الطقس في ريف دمشق مقارنة بأرياف حمص وإدلب الباردة.

وتصنّع الجلّة بخلط روث الحيوانات بالماء وإضافة القش الجاف إليه. ويتم تشكيل الخليط بعد مزجه جيداً على نحو دائري، إما باستخدام قوالب خشبية أو بشكل يدوي. ثم يجفف بأشعة الشمس ليتم تخزينه بعدها في مكان جاف منعاً لتعرضه للرطوبة.

والحال أن بيع روث الحيوانات لم يكن سائداً في الماضي، إلا في حالات نادرة، حيث كانت تشترى هذه المادة كسماد عضوي للمزروعات. وفي أحسن الأحوال، لم يكن ثمن الطن الواحد يبلغ ألف ليرة سورية (20 دولار) قبل العام 2011. ومعظم مربي الأبقار والأغنام كانوا يقومون بمنح هذه المادة للمزارعين بشكل مجاني، كي لا يتكبدوا أعباء التخلص منها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها