ذهبت جائزة غونكور، أرفع جائزة أدبية في فرنسا، للكاتب الفرنسي لوران موفينييه عن روايته "البيت الفارغ" (La Maison Vide) المؤلفة من 750 صفحة والصادرة عن دار "مينوي"، وهي مستوحاة من قصص عائلية تمتد على مدى أكثر من قرن. وقال موفينييه (58 عامًا) لدى تسلّمه الجائزة اليوم الثلاثاء: "أنا في غاية السعادة"، مضيفًا: "إنها مكافأة عظيمة لأنها رواية من طفولتي ترتبط أحداثها بأجيال عديدة".
وكان موفينييه الذي يزخر رصيده الأدبي بنحو عشرين كتابًا، يتنافس على "غونكور" مع زميله الكاتب ومؤلف السيناريو الفرنسي إيمانويل كارير، والكاتبة الفرنسية الموريشيوسية ناتاشا أبانا، والكاتبة البلجيكية كارولين لامارش. وقد فاز بالجائزة المرموقة في الجولة الأولى بستة أصوات من عشرة، في مطعم دروان بمنطقة الأوبرا باريس، في مقابل أربعة أصوات لصالح لامارش عن روايتها "الظلام الجميل".
ملحمة "البيت الفارغ"
في ملحمته الشاملة، يغوص لوران موفينييه في تاريخ عائلته، متتبعًا نسبها عبر الأجيال. تبدأ القصة العام 1976، عندما أعاد والده افتتاح قصر في وادي لوار كان مغلقًا منذ عشرين عامًا. في الداخل، تشهد بعض الأشياء على الماضي: بيانو، وخزانة أدراج ذات سطح رخامي متشقق، وميدالية جوقة الشرف، والأهم من ذلك، صور عائلية قُطع منها وجه جدته مارغريت بشكل منهجي بالمقص. ويُطلق هذا المحو الغامض العنان لبحث أدبي آسر.
ثم يعود المؤلف بالزمن إلى نهاية القرن التاسع عشر لفهم ما حدث في هذا المنزل. يحيي ماري إرنستين، جدته الكبرى، عازفة البيانو الشابة ذات الموهبة الواعدة، والتي تحطمت أحلامها بالالتحاق بمعهد باريس الموسيقي على يد أبٍ مُستبد. ثم قتل زوجها جول بطلاً في معركة فردان العام 1916. ولحقته مارغريت التي حُلق رأسها بعد تحرير فرنسا بسبب صِلاتها المزعومة بالمحتلين الألمان. أرواحٌ كثيرةٌ حطمها عنف القرن، والحربان العالميتان، وثقل أسرار العائلة. تمتد هذه الملحمة العائلية عبر ثلاثة أجيال، وتحاول فهم كيفية توارث هذه الصدمات، والتي بلغت ذروتها بانتحار والد لوران العام 1983، عندما كان الكاتب في السادسة عشرة من عمره فقط.
أشاد فيليب كلوديل، رئيس أكاديمية غونكور، بمسيرة لوران موفينييه المخلص لدار نشر مينويت منذ العام 1999، قائلاً: "نُشيد بكاتبٍ يملك بالفعل مجموعةً واسعةً من الأعمال، والذي لم يُقدم لنا هذا العام عملاً نهائياً، بل روايةً جوهريةً بحق". وهذه تحية لكاتبٍ عكف على بناء مسيرته الفنية منذ أكثر من خمسة وعشرين عامًا، برواياتٍ نالت استحسان النقاد، مثل "رجال" عن حرب الجزائر، و"قصص الليل" - روايته السابقة في عالم التشويق، والتي سبق أن أنبأت برواية "البيت الفارغ" في بضع صفحات.
حاصد الجوائز
وُلد لوران موفينييه في مدينة تور في 6 تموز 1967، لعائلة من الطبقة العاملة في حي ديكارت. درس الفنون البصرية في مدرسة الفنون الجميلة في تور قبل أن يتفرغ للكتابة. حازت روايته الأولى "بعيدًا منهم"، المنشورة العام 1999، على جائزة فينيون. ومنذ ذلك الحين، حصد العديد من الجوائز: جائزة فيبلر، وجائزة ليبر إنتر عن روايته "تعلم النهاية"، وجائزة رومان فناك عن روايته "في الزحام"، وجائزة بائعي الكتب عن روايته "رجال". في العام 2015، نال الجائزة الكبرى للأدب من الجمعية الفرنسية للمؤلفين عن مجمل أعماله. يتميز أسلوبه بالجُمل الطويلة والمتعرجة التي تتعمق في شخصياته وتستكشف الجوانب المظلمة في النفس البشرية.
10 يورو
وجائزة غونكور العريقة هي أبرز المكافآت الأدبية الممنوحة سنويًا للأعمال الناطقة بالفرنسية، وعادة ما ينال الفائز بها شهرة واسعة تتجلى عبر بيع مئات آلاف النسخ من كتبه. أما المكافأة المالية المرفقة بها، فهي عبارة عن شيك زهيد بقيمة 10 يورو (11 دولارًا)، عادةً ما يفضل الفائزون تعليقه على الحائط.
يُذكر أن الفائز بالجائزة العام الماضي كان الكاتب الجزائري-الفرنسي كمال داود المثير للجدل عن روايته "حوريات"، الصادرة عن دار غاليمار، وتتناول الحقبة المعروفة بالعشرية السوداء في الجزائر.
وبالموازاة مُنحت الثلاثاء جائزة رينودو التي يُعلن الفائز بها بالتزامن مع جائزة غونكور لـ أديلايد دو كليرمون-تونير عن روايتها "أردت أن أعيش". كما مُنحت جائزة رينودو للمقال الأدبي لـ ألفريد دو مونتسكيو عن كتاب "شفق الرجال" عن دار روبير لافون.
