أعراس الكبتاغون والحبحبة الجماعية

بترا خاطرالأحد 2025/11/02
سوريا كبتاغون.jpeg
كبتاغون
حجم الخط
مشاركة عبر

على هامش الأحداث التي حصلت أخيراً في مخيم شاتيلاً، ومشاهد المدمنين التي أظهرت على الملأ وكأن المخيم أصبح "قبلة" الباحثين عن المخدرات، رُوي في أكثر من مناسبة وعلى لسان أكثر من شخص في البقاع، أن أصحاب بعض صالات الأفراح والمناسبات الاجتماعية الأخرى، صاروا يوظفون حارساً لركاوي أو مصبّات القهوة العربية النحاسية الكبيرة، خوفاً من دس حبوب الكبتاغون أو المخدرات فيها. أتى ذلك بعدما حصلت مراراً حوادث قيل بعض المتعاطين أو الخبثاء (وربّما الظرفاء) لجأوا إلى وضع الحبوب المخدّرة في القهوة العربية، ومعها يتبدل مزاج الناس في الحفلات، كأنهم في لحظة حبحبة جماعية من دون علمهم، وينقلب المشهد رأساً على عقب، من السكون والهدوء والروتين والمواويل إلى الهيصة والدبكة والهلوسات و"الخروج عن الواقع"، وروي أنه حتى العجائز يدب فيهم النشاط، وعلى غير عادة، يلجأون الى الرقص والدبكة...

 

بعض المواطنين باتوا يتجنبون تناول القهوة في الأعراس، خوفاً من مكروه ما، ورُوي أن شاباً اكتشف أن في القهوة مخدراً، بعدما تناولها وذهب إلى البيت ولم يستطع النوم...

وعدا "طرائف" الأعراس الفاتكة، هناك جيل كامل من الشباب المدمنين والمحبحبين (كبتاغون وسيلفيا وبنج البقر وحشيش). والسبب هو انتشار هذه المادة في كل مكان، حتى في الجامعات، وكثرة العصابات المروجة والمتحصنة في بعض الأماكن، حتى اضطر الجيش اللبناني أخيرًا لاستعمال المسيرات لقتل أحد أبرز المروجين.

وثمة روايات حول تناول حبوب الكبتاغون، فانتشاره لم يعد بين المدمنين فقط، بل في وسط بعض العمال الذين يتوهمون بأنه "يحفزهم" على العمل، وبأنهم يشتغلون ولا يشعرون بالتعب. وقيل أن بعض الميليشيات، كان عناصرها يلجأون إلى الكبتاغون في ذروة المعارك والهجمات والقنص، فالمقاتل المحبب يصبح أكثر اندفاعا ولا يأبه لشيء حتى لو رأى القبر والدم أمامه.

 

هذه عينة عابرة عن أحوال انتشار حبوب الكبتاغون (وغيره) التي باتت في العقدين الماضيين حديث الناس والدول الكبرى ووسائل والإعلام، وانتشرت تجارتها وصناعتها في البقاع وبعض ومناطق ضواحي بيروت والشمال اللبناني ومناطق متفرقة في سوريا، خصوصاً في حوض العاصي وحمص والقلمون والحدود مع الأردن، وتُصدر إلى البلدان الخليجية عبر طرق ملتوية ومبتكرة، إذ اتبعت شتى الوسائل لتهريبها في الخضر والفواكه (رمان، أفوكا، بصل، بطيخ..) والمواشي والصناعات الخشبية (الموبيليا، والأبواب) والمعدنية والكهربائية الى حد صار كل ما يأتي من لبنان وسوريا مشبوهاً ومراقباً، وسبّب مشكلة للاقتصاد اللبناني والمزراعين، وقيل أن كثيرين في السنوات الماضية أيضاً، استغلوا مواسم الحج الى مكة لتهريب الكبتاغون وتهريب ماله عبر استعمال بعض الحجاج، من دون انتباههم، قبل أن تكتشف هذه الطريقة، وتوضع أسماء المهربين على الحدود السعودية وفي المطارات.

 

الاندفاع للتجارة الكبتاغون هو أنها مادة صناعية، تحتاج إلى معمل صغير وبعض المكابس والمواد، وليس إلى تكاليف كبيرة، على عكس القنب الهندي الذي أقرّت تشريعه الدولة أخيراً، ووضعت له الهيئة الناظمة. فالحشيشة على رغم صيتها تحتاج مراحل حتى تصبح مهيئة للبيع، من الزرع في الأرض الخصبة إلى الري والحصاد والتجفيف والتيبيس والطحن والنخل والتعبئة. وكثر يقولون إنها مثلها زراعات كثيرة، "المزارع" لا يحصل منها على القليل بينما تروح الأرباح للتاجر المروج، حتى أرباحها لم تعد كبيرة مقارنة بالكبتاغون، فكثر في لبنان ظهر عليهم الثراء المفاجئ والسيارات الفخمة والمباني العالية، ودائما يكون التفسير "فتش عن الكبتاغون".

أثرياء الكبتاغون صاروا موضع "حسد" وقيل وقال، يبدأ الحديث من كيف كان التاجر فقيرًا معدمًا وكيف أصبح ثرياً و"وجيها" و"شيخا" ويتصدر الصف الأول بين المصلين، ويرتدي الثياب من أرقى المتاجر. أحد التجار صار يملك أسطول سيارات "طاهو"، ينافس مواكب بعض الوزراء، واشترى هكتارات الأراضي في بلدته، والتف على ولائمه بعض أصحاب العمائم الرخيصة وأشاد به بعض قادة الممانعة. وحكي الكثير عن أن صناعة حبوب الكبتاغون وتجارتها صارت الممول للنظام السوري السابق والبائد وأتباعه، وقد وّجدت أكثر المصانع في مناطق سيطرة الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد، عدا عن المصانع في مناطق نفوذ اتباعه واقربائه.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث