كرّمت مؤسسة أنور سلمان الثقافية بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، الشاعر الراحل شوقي أبي شقرا، بمنح روحه جائزة أنور سلمان للروّاد، وإطلاق كتابه الأخير غير المنشور، في حضور عائلة الشاعر وعدد من الشخصيات الثقافية والأكاديمية.
قدمت الاحتفال الكاتبة والإعلامية ماغي عون التي رحبّت بالحضور في بيروت، المدينة التي ما زالت تُحيي ثقافتها ولغتها منذ نشأتها. ورحب البروفيسور لايل أرمسترونغ، رئيس دائرة الدراسات العربية ولغات الشرق الأدنى باسم الجامعة الأميركية، بالمبادرة والتعاون القائم بين الجامعة ومؤسسة أنور سلمان، شاكراً مؤسسة أنور سلمان الثقافية على تنظيم الحدث لتكريم الشاعر شوقي أبي شقرا.
ورحّب الناقد والكاتب سليمان بختي باسم مؤسسة أنور سلمان الثقافية ودائرة اللغة العربية وآدابها في منح الجائزة لروح الشاعر، لتأكيد أمر مستحق ومصمّم، تقديراً لدوره في حركة الشعر العربي الحديث على مدى اكثر من 65 سنة (صدر كتابه الأول "أكياس الفقراء" في العام 1959) ولريادته في قصيدة النثر، وقد كتب في النهار في 28 نيسان 1959 اول قصيدة نثر بعنوان "رب البيت الصغير" وتحت ترويسة "قصيدة نثر". وفي تأسيسه للصفحة الثقافية في الصحافة اللبنانية، أخذ صفحة بيضاء من الراحل غسان تويني عام 1964 وكتب "الصفحة الثقافية" لتنطلق مغامرة لم ينجُ من سحرها أحد في النصف الثاني من القرن العشرين. وفي هذه الصفحة رأيته يرشّ الأرض قمحاً وتأتي طيور من سموات خفيضة وواسعة لتلمّ القمح واللوز والسكر ومعه فنجان قهوة ولقاء رجل كبير. إن الموت لا يقف بين الإنسان والفن والإبداع والتاريخ بل يُهزم. لذلك، لكل ذلك، تمنح مؤسسة أنور سلمان الثقافية جائزتها الأولى في تكريم الرواد والرائدات للشاعر شوقي أبي شقرا، الذي رحل لكن روحه لم تزل بيننا اذ لا يزال حيّاً كل يوم في القصيدة العربية الحديثة."
كما أطلقت المؤسسة الكتاب الجديد وهو الرقم 19 في كتب الشاعر الراحل أنجزه الشاعر قبل ثلاث سنوات من وفاته ولعلّ أفضل تكريم للمبدع هو نشر اعماله، متوّجاً بالجائزة التي منحت له وهو حيّ وليتسلّمها مجد الشعر وهو راحل. جمع الشاعر مقالاته من انحاء النهار والصياد والغاوون والبناء ونزوى ومنها أيضاً مقالات كتبها خصيصاً للكتاب. وهو الذي دسّ القصائد بين النصوص كأنها واحات او اشراقات او جزر ملوّنة. وعلى مدى صفحات الكتاب كان شوقي ابي شقرا يملك إحساساً عالياً باللغة، كان مدمناً على اللغة، وهذا المدمن يسمّونه شاعراً. وكان فائق الشعور بالآخر وأحلامه وهذا ما يسمّونه إنساناً حقيقياً. جمع الشاعر مقالاته مثل زهور الحقل ليقول كلمة طيبة في علم او مبدع او شاعر او فنان او صديق راحل. وهو الذي اختار العنوان على طريقته الرائدة. في العنونة "حتى ينام الراقدون نتسامر نحن والفرقد والشمعة ابنة الأرض". وأضاف بختي "هناك كلمة "نتسامر" في العنوان، وبالفعل هذا الكتاب هو مسامرة أدبية وروحية وقيمية. مسامرة أشبه بوداع بين جسر وضفة ولا اعرف من كان سيفي حق هؤلاء الكبار في وداعهم او رثائهم ليلوّح لهم اننا جئنا وشاهدنا العطاء لولا همّة شوقي ابي شقرا ونبله وميزاته الدقيق."
وكانت كلمة للعميد السابق لكلية الأعلام والوزير السابق جورج ميشال كلاس قائلاً "لستُ الأعرفَ بنوعية هذه الظاهرة الإستثنائية ، المسماة شوقي ابي شقرا، ولا أنا الأقدرُ على تقييم آثاره وإبراز تأثيراته، لكنني إنطبعتُ بسلوكياته وتأثرتُ بصوره الشعرية، الواقعية والمتخيَّلة، وتعلَّمتُ في (كرسي اعترافه) من نفعياتِ (قلمه الأحمر) المتبوعة، ندماً وتوبَةً بفروض تصحيحٍ و تقويمٍ و تشذيبٍ و تهذيبٍ نقديِّ، موقَّعة بعبسةِ حاجبين".
