وصل الروائي الفلسطيني باسم خندقجي، الحاصل على جائزة البوكر العربية 2024 عن روايته "قناع بلون السماء"، إلى القاهرة، وذلك بعد الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل. وبحسب مصادر فلسطينية قررت إسرائيل إبعاد خندقجي إلى القاهرة، ضمن لائحة الأسرى المحررين المبعدين، الذين سيتم إرسال بعضهم إلى خارج الضفة الغربية، والبعض الآخر إلى خارج الأراضي الفلسطينية بشكل كامل. من المقرر أن يشارك خندقجي في عدد من الفعاليات الثقافية في القاهرة، والاحتفاء بخروجه من الأسر وبفوزه بالبوكر العربية.
خندقجي، المولود في مدينة نابلس العام 1983، اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي في 2 تشرين الأول 2004 عندما كان في سنته الجامعية الأخيرة، على خلفية عملية سوق الكرمل التي أدت إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة أكثر من خمسين. ورغم أنه لم يشارك في أي نشاط عسكري مباشر، فقد حُكم عليه في 7 يونيو 2005 بثلاثة مؤبدات، بالإضافة إلى إلزامه بدفع تعويضات لعائلات القتلى بقيمة 11.6 مليون دولار.
بدأ باسم خندقجي رحلته الأدبية داخل السجن، حيث كتب أول أعماله "مسودات عاشق وطن" الذي ضم عشر مقالات عن الهمّ الفلسطيني، ثم تلته تجربة "وهكذا تحتضر الإنسانية" التي تناولت معاناة الأسرى وظروفهم اليومية. حوّل خندقجي زنزانته إلى غرفة عمليات ثقافية، يدير منها مشاريعه الفكرية ويشرف على نشر كتبه وتنظيم حفلات توقيعها. كما أسس "صندوق الأسير باسم خندقجي لدعم أدب الأسرى"، الهادف إلى رعاية الإبداعات الأدبية والفكرية للأسرى الفلسطينيين وحفظها من الضياع.
وواصل بعدها إنتاجه الإبداعي، فأصدر دواوين شعرية منها: "طرق على جدران المكان"، "شبق الورد أكليل العدم"، "طقوس المرّة الأولى"، و"أنفاس قصيدة ليلية".
أما في الرواية، فقد قدّم أعمالا بارزة منها: "مسك الكفاية: سيرة سيدة الظلال الحرة"، وقد شهد ملتقى فلسطين الأول للرواية العربية العام 2017 في رام الله، إطلاق روايته "نرجس العزلة"، حيث تولت والدته مع شقيقه توقيع الرواية نيابة عنه، إلى جانب "خسوف بدر الدين"، و"قناع بلون السماء"-الرواية التي نالت "بوكر" بنسختها العربية، وفي الرواية تعود حيفا إلى الظهور من خلال فتاة شابة اسمها سماء إسماعيل، تلتقي بطل الرواية نور الذي ارتدى قناع الصهيوني أور، وتعرّض لمفارقات غير قليلة مع سماء المنتمية إلى هويتها الفلسطينية بكل صراحة وجلاء، في حين ارتدى نور قناع أور لعله يتمكن من الدخول إلى كيبوتس صهيوني ما كان يمكنه الدخول إليه إلا عبر تخفي المغلوب في هوية الغالب.
يقول الروائي الفلسطيني محمود شقير: "يمكن تصنيف هذه الرواية على أنها رواية أفكار، أو رواية معرفيّة معنيّة بضخّ أكبر قدر ممكن من المعارف والمعلومات والرؤى والاجتهادات في النص الروائي للتأثير في المتلقي على النحو الذي يريده الكاتب، وفي ذهنه كما ورد في الرواية دحض المقولات الصهيونية التي تدّعي أن فلسطين هي الوطن التاريخي لليهود. لذلك، غابت الحكاية أو الحدوثة من متن الرواية، وغاب التصاعد الدرامي للحدث الروائي، وغاب عنصر التشويق العاطفي، لتحل مكانه المتعة العقلية والشوق إلى متابعة المناظرة الحادة حينًا والخافتة حينًا آخر، بين المقولات الفلسطينية عن الحق الفلسطيني الثابت في فلسطين، وبين المقولات الصهيونية التي لا تعترف بأي حق للفلسطينيين في بلادهم، وأيُّ تطرق إلى هذا الحق وأيُّ دفاع عنه يُصنّف على أنه معاداة للسامية، أو يُصنّف على أنه موجّه من جهات معادية لإسرائيل".
وتقول الكاتبة المصرية عبلة الرويني: "عادة لا تشغلنى الجوائز(الأدبية تحديداً)...لا تشغلنى نتائجها ومعاييرها... الحسابات والمصالح والتاريخ والجغرافيا والذائقة الشخصية وكل شيء مباح!!.... لا تشغلنى الجوائز (موضوعيًا) وإن كانت بالتأكيد فرحة للفائزين بها...هم أيضًا لهم أسبابهم (غير الموضوعية)، الزهو والضوء والرواج والإنتشار، والأهم بعض الأموال، بمثابة الحلم فى واقع عربى مأزوم اقتصاديًا!! لا تهم كثيرًا الجوائز... لكن فوز رواية قناع بلون السماء، للكاتب الفلسطينى باسم خندجقي، بجائزة البوكر العربية هذا العام... فرحة ونصرة قوية للجائزة وللأدب الفلسطينى ورمزية الكتابة كفعل مقاومة وحرية".
