منتدى سلامة كيلة الثقافي يفتتح جلساته في دمشق

سوزان المحمودالاثنين 2025/10/06
خلال افتتاح منتدى سلامة كيله
خلال افتتاح المنتدى
حجم الخط
مشاركة عبر

عقدت الجلسة الافتتاحية لـ"منتدى سلامة كيلة الثقافي" بعد إشهاره في منزله الكائن في برزة بدمشق، حيث قامت زوجته المهندسة والكاتبة ناهد بدوية مع مجموعة من أصدقائه بتنظيم هذا المنتدى أحياءً لذكرى الكاتب والمفكر الفلسطيني الكبير سلامة كيلة، وأدارت ملك الشنواني الجلسة، وعرّفت ناهد بدوية بالمنتدى، وتحدث مروان غازي عن سلامة كيلة والحوار الوطني، بينما تحدث محمود عيسى عن سلامة كيلة وسنوات السجن

 

تحدثت ناهد بدوية عن منزل سلامة كيلة فقالت "أنه شهد اجتماعات من أجل فلسطين دولة واحدة ولقاءات ائتلاف اليسار في الثورة السورية، كما شهد اجتماعات نساء من أجل الانتفاضة السورية، ثم أطلقنا عليها الثورة بعدما بدأت كاحتجاجات أولاً، ثم صارت ثورة بكل معنى الكلمة، وشهد هذا البيت أيضاً اعتقال سلامة من قبل الأسد الأب في التسعينيات ومن قبل الأسد الابن أثناء الثورة السورية، كما شهد اعتقالي أنا مرتين". وتابعت: "هذا المنتدى ليس مجرد تكريم لسلامة كيلة بل هو أيضاً استجابة لحاجة راهنة لبناء سوريا الجديدة التي حلمنا بها منذ ستين عاماً، سوريا اليوم تمر بمرحلة انتقالية وتحتاجنا جميعاً لرسم مرحلة جديدة كما تحتاج إلى أن نعمل جميعاً على ترسيخ ثقافة الاعتراف بالتعدد والتنوع والاختلاف ضمن سوريا واحدة جامعة". أضافت ناهد: "سلامة نفسه كان تجسيداً لهذا التعدد فهو الفلسطيني السوري، والأردني، والعراقي، والمسلم، والمسيحي، واليساري، والديمقراطي، والعروبي، والأممي، كان هو الهوية المركبة المتعددة التي نطمح أن تكون سوريا الحلم كذلك، ونحن الآن بحاجة إلى التعارف فيما بيننا فمعرفة الآخر لم تكن ممكنة في مملكة الصمت نحن بحاجة إلى مناخ حرية لا لنتعرف على الآخرين فقط بل لنتعرف على أنفسنا أولاً، فالديكتاتور لم يصادر حقوقنا فحسب، بل حرمنا من أداء واجباتنا أيضا تجاه بلدنا وأهلنا حرمنا من المبادرة ومن التفكير ومن الحلم". 

 

تتابع ناهد: "كان المسموح هو فقط تنفيذ إرادته وترداد ما يلقن لنا في المدارس والاعلام، هل تعلمون بأننا قد تعارفنا على بعضنا في السجون وفي السجون أقمنا حوارات مع الأخوان المسلمين، تعرفت على سكان كل المحافظات وعلى المتة، والزوفة، والشاي لأنني كنت أشرب قهوة فقط، لا يمكن أن نعرف انفسنا من دون التعرف على الآخر، فالآخر هو مرآتنا. مبادرتنا في تأسيس هذا المنتدى هو مبادرة لإعادة الاعتبار للثقافة ولنكون قريبين من الناس في سوريا الجديدة، وهي تمرين للمبادرة الحرة ووسيلة ستكون انعكاساً متنوعاً لنا كأعضاء فاعلين فنحن ننتمي إلى مشارب ثقافية متنوعة ولا نتفق معاً على كل الآراء مثل أي جماعة تقليدية، وهذا غنى فنحن يساريون، وديموقراطيون، وناشطون على أرضية من الحرية، وسنظل ندافع عن الحرية والعدالة والمساواة ونؤمن بأحلام شهداء الحرية الذين صرخوا منذ أول يوم في آذار 2011 حرية، حرية، واحد واحد، الشعب السوري واحد. علماً أنه لم يكن أحد منهم يعتقد أن الشعب السوري واحد بل هي كانت ثورة ضد الاستبداد وضد الطائفية وضد التمييز الذي استمر لعدة عقود كانوا يصرخون بهذا الشعار بما معناه كفانا تمييز طائفي وعرقي نريد دولة لكل مواطنيها، فالدولة هي في الأساس مؤسسات محايدة موظفة في خدمة جميع السوريين بغض النظر عن طائفتهم، وتركيزنا نحن على العدالة الاجتماعية هو ما كان يميز نضالات سلامة ونضالاتنا".

 

وتقول بدوية "لكننا نؤمن أيضاً أن هوية منتدانا كما هي كل مؤسسة ثقافية ليست شيئاً جامدا ثابتاً بل ستتطور وتتغير من خلال تفاعلها مع المجتمع السوري بعد أكثر من خمسين عاماً من حرماننا من حرية التعبير ومن تحريم الحوار وتدجين الثقافة في المجتمع نحن متشوقون للثقافة من أجل التفاهم من أجل شبابنا وشباتنا الذين نحلم أن يتجرأوا على الحلم وعلى النقد في بلدهم، الآن يبدع السوريون في كل أنحاء العالم، لكننا الآن نأمل ونعمل على أن يبدعوا هنا في بلدنا الحبيب". وأعلنت ناهد بدوية إقامة ندوة شهرية في المنتدى، الخميس الأول من كل شهر، تتضمن نشاطات فنية وثقافية للأطفال والشباب والشابات ولكبار السن، وأنها مع أصدقاء الراحل سلامة تفتتح هذا المنتدى كمساحة حرة للتفكير للحوار والتعدد للعمل لمستقبل زاهر وكريم للبلاد

 

خلال الافتتاج

 

وركزت مديرة الجلسة ملك الشنواني على أهمية تاريخ المكان منذ وجوده وما دار فيه من لقاءات فكرية وسياسية مهمة منها "قوى وطنية معادية للأسد" و"ائتلاف اليسار" و"مناهضة العولمة"، "إعلان دمشق" و" نساء في الانتفاضة" وغيرها.  

 

ذاكرة

ثم انتقل الحديث إلى مروان غازي الذي تحدث عن التزام سلامة كيلة بالقضية الفلسطينية والصراع مع الكيان الصهيوني ومواقفه التي عبر عنها في المقالات الصحافية والفكرية بالنسبة له كان الصراع مع الكيان صراع وجود وليس صراع حدود، وأشار إلى أن سلامة من أسرة مناضلة من فلسطين ومن أهم أعلامها المرحوم ناجي علوش، أحد مؤسسين منظمة التحرير الفلسطينية، وهو خال سلامة كيلة. لم يكن الالتزام بالثورة الفلسطينية هو الالتزام الوحيد بل يشاركه كذلك التزامه بالإنسان العربي الذي يُستغل من قبل الطغاة ومعاناته من الفقر والحرمان والجهل الناتج عن عدم القدرة على التعلم، وهذا ظهر جلياً في كتاباته وانحيازه إلى الانسان أما الالتزام الثالث لسلامة فكان تجاه عروبته وتحدث هنا عن العلاقة بين العروبة والإسلام في فكر سلامة كيلة. 

 

وقال غازي: "كان سلامة جريئا في التعبير عن مواقفه ومستمعاً جيداً للمحاور استطاع أن يكون شبكة من العلاقات المهمة، وكانت لديه علاقات واسعة، سواء على المستوى السوري أو على المستوى القومي، مع غالبية القوى السياسية السورية المعارضة الأحزاب الشيوعية والأحزاب القومية واستطاع أن يبني الثقة مع جميع القوى المناهضة للاستبداد والملاحقة من الأجهزة الأمنية ونتج عن هذه المعرفة تحالفات جديدة لم تعرفها الساحة السورية من قبل وظهرت نشاطات مشتركة عدة مثل توزيع البيانات والاطلاع على أدبياتها والنزول إلى الشارع للتظاهر ضد الاعتداء على لبنان مثلاً وغيرها وأخيرا مشاركته في انطلاق الثورة السورية في 2011 والتي تدعو إلى أنهاء عهد الاستبداد، وفي الوقت نفسه كان سلامة على صلة  بقوى المعارضة التونسية والمصرية والعراقية أثناء دراسته في العراق، وكل هذه العلاقات كانت تتم بسرية مطلقة نتيجة الوضع الأمني لأفرادها".

 

خلال الافتتاج

 

ثم تحدث محمود عيسى، صديق كيلة ورفيقه في تجربة السجن والاعتقال، فقال: "سلامة ذهب الى العراق كي يدرس العلوم السياسية العام 1981 وعندما أراد العودة إلى مدينته بير زيت رفض الاحتلال السماح له بالعودة لأنه كان ناشطاً في فتح، ثم اختار دمشق لقربها من فلسطين ولوجود مخيم اليرموك عاصمة الشتات الفلسطيني، أحب دمشق وياسمينها وكان يحلم بالعودة إليها بعدما رحّله النظام منها. اليوم يعود إليها من أبواب الحرية والنضال التي قضاها في السجن عندما استدعي سلامة لأنه كان على علاقة مع اليسار السوري ومع المكتب السياسي وحزب العمل الشيوعي حيث كانت هناك حوارات واتفاقات حتى وصلت إلى مستوى التنظيم، ثم اعتقل عبد العزيز الخير الذي كان مكلفاً بهذه العلاقة وعندما اعتقل اجتمعنا في هذا البيت وكُلِفَ سلامة والراحل نعمان عبدو بكتابة البيان، وكان بعنوان "أيها الجلادون ارفعوا ايديكم عن المناضل عبد العزيز الخير ورفاقه"، في لحظة اعتقد النظام أنه قد صفى هذا الحالة، كان سلامة متحمساً جداً وجريئاً جداً. بعد اصدار هذا البيان، استدعي مرتين، وتم توقيفه في فرع الميسات بدمشق، حاول ناجي علوش خاله إخراجه لكن النظام رفض، وبقي ثماني سنوات في السجن، ثم نقل من الميسات إلى الفيحاء ثم إلى محكمة أمن الدولة العليا، وكان أبو شهاب أحمد حسو أحد المعقلين في هذا المنزل حيث كمن الأمن السياسي، فاعتقل أحمد لسنوات واعتقل حسيبة عبد الرحمن لعشرة أيام واعتقلت هالة شقيقة نعمان لثلاثة أشهر، ثم ذهبنا جميعا إلى سجن محكمة أمن الدولة في السجن، في الصالة وكانوا قد بقوا ثلاثة أشهر حتى اعتقالنا وانضمامنا إليهم. ثم في سجن عدرا وضع أحمد وسلامة في الغرفة 2، وأنا (محمود عيسى) ونعمان في الغرفة 4، أبو حسن وأحمد معتوق في الغرفة 6، وجرجس أبو يوسف في الغرفة 8. بقينا خمس سنوات في السجن، تصوروا كيف قضى سلامة مدّته، وكيف تعامل مع الزمن. أنجز سلامة خمسة كتب خلال خمس سنوات، وهناك من ساعدنا في إخراجها من السجن وهم السجين محمود علي وناهد بدوية، والكتب هي: "مقدمة عن الملكية في الإسلام"، و"أطروحات من أجل ماركسية مناضلة" و"الاشتراكية والبربرية". كتب سلامة خمسة وثلاثين كتاباً في حياته، منها خمسة أنجزت مسوداتها في سجن عدرا، كان يشتري الزمن، لم يجد السجن عبئاً رغم كل آلامه ومصاعبه. تأخرنا عن اللحاق برفاقنا إلى تدمر، وكان من حسن حظنا، لأن سلامة أنجز ثلاثة كتب أثناء ذلك". 

 

ويتابع محمود عيسى سرد ذكرياته عن صديقه "تزوج سلامة الرفيقة المناضلة المعتقلة السياسية ناهد بدوية وفي السجن احتفلنا بعرسهما في 22/1/1998 أي قبل نقلنا إلى سجن تدمر، سبقنا رفاقنا في 3/1/1998 ونحن نقلنا 24/6/1998. في الطريق كنا نتبادل النظرات لأننا نعرف أننا ذاهبون إلى جهنم، إذ كان من يعود من سجن تدمر إلى سجن صيدنايا نعتبره حصل على نصف إفراج، وكان معنا مُعادون، إذ كان النظام يجرب مساومة السجناء ومن يرفض المساومة يعيده إلى سجن تدمر". ثم يتحدث عيسى عن المعاناة والاذلال الذي لقيه السجناء السياسيون في سجن تدمر وعن معاناة سلامة تحديداً وجسده المنهك: "خرج سلامة في 22/3/2000 احتفلنا ببداية الألفية الثالثة، خرج واستعاد نشاطه وعمله فقد كان في المقدمة عندما اندلعت الثورة السورية، وشارك في ائتلاف اليسار وأصدر نشرة اليساري، وكان سلامة ناشطاً من أجل تجمع اليسار الماركسي وغيره وكتب في الثورة ثلاثة كتب وعندما اقترب من المعارضة أكثر واندمج في الثورة السورية، كان النظام قاسياً جدا واعتقله في 24/4/2012 وعندما خرج كانت العقوبة الأقصى لسلامة هي الإبعاد الى الأردن".

 

وقدم كل من د.هيثم عطواني، والصحافي عمار ديوب، والصحافية السياسية رانيا مصطفى، مداخلات حول فكر سلامة كيلة أيضاً.

 

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث