"لحمي الحميم" لعلي عبدالله سعيد...الجسد بكل مآسيه وانغماساته

المدن - ثقافةالأحد 2025/10/05
علي عبدالله سعيد.
علي عبدالله سعيد
حجم الخط
مشاركة عبر

صدرت عن "محترف أوكسجين للنشر" في أونتاريو رواية جديدة للروائي السوري علي عبدالله سعيد، بعنوان "لحمي الحميم". وهي روايةٌ يواصلُ فيها الكاتب مشروعه السردي الخاص والأصيل، بعد سبع روايات ومجموعتين قصصيتين.

 

يصدّر الروائي علي عبدالله سعيد روايته الجديدة هذه بالمقطع التالي: "وعلى ذلك… / أخذتُ أعيد بناء الحطام، فوق الحطام/ كما لو كانت تلك الحطامات/ هي الحياة برمّتها في الكتاب". و"لحمي الحميم" هي روايةُ ذواتٍ متعدّدة، تتداخل فيها الضمائر كما الأجساد، وتتمازج فيها الحكاية مع الهذيان، والسرد المحكم مع التعقّب الحرّ، والأحلام المجهضة مع أشدّ الكوابيس قتامة. فالرواية لا تتبع حبكة سردية خطيّة، إنّما تبني معماراً من القطع النثرية والمشاهد والتقطيعات، مجترحةً كلّ الأسئلة الممنوعة حول التاريخ والجسد والأوضاع المتردّية في زمن التشظي والانهيار. قطعٌ نثريةٌ جمعَ سعيد حطامَها، على مدار أزيد من عقدين، ليقدِّم لنا حياةً مترامية عبر شخصياتٍ نلمسُ دواخلها في بوحٍ متأخرٍ، استعاديٍّ، آنيٍّ، يكشفُ عمراً من النكسات والرغبات.

وكما جاء في كلمة الغلاف: "تسلِّمُ هذه الرواية نفسَها للغواية، لتلك اللَّذة الوحشيّة البدائيّة التي تتلبَّس الشخصيات برغباتِها المحرّمة، بلحمِها الحميم المهدَّد، وبمآسيها المترامية خلف الجدران. إنه عالم مضطرب يُزيح عنه الروائي السوري علي عبدالله سعيد كل الحجب، فيتسق في أسلوبه السردي الأصيل. إنه عالم عنيف، وقد أمسى الجسد مغتَصباً، متوفزاً، مستسلماً لجوع الحب الخام وفجائعه، فما حدث في المطبخ ذات صبيحة، يتقاطع مع ليلة السرطانات على الشاطئ، ويُستعاد في زمن آخر كغريزة ترفض الموت، كما الرواية وهي تطالب بالخلود".

 

في مستهلّ الرواية يكشف صاحب "سكّر الهلوسة" للقارئ عن تجربته الجمالية وأسلوبه:

"تلك الطريقة التي تشبه الوهم في اللغة، أو الطيران في سماواتها المحدّبة، أو المستقيمة، أو الدائرّية، هو ما يمكن أن ندعوه سرداً أيضاً. أو مطاردة للكائن في تشيُّؤاته، أو انحداراته، أو صيروراته، في بناءٍ يتداعى باستمرار، وكذلك... يُعمّر باستمرار على خلاف ما اتُّفق عليه في بناء السرد عبر الأزمان، وكأنّ الحال، هو حال اللعب مع التفاصيل، أو الفضاءات، التي لا يمكن أن تكون في مواضعها الطبيعية أبداً... حيث تكون البدايات المتجدّدة في الرواية، مجرّد شرك، أو أشراك، أو إشراك في معنى الحياة، أو معانيها من البراءة، إلى اللَّذة الجنسيّة الوحشيّة، أو البدائيّة... أي أنْ تعمل طَوالَ الوقت على...

البناء...

ثمّ الهدم".

هدمٌ يطالُ كلَّ شيء، كلّ المعتقدات والمسلّمات، كلّ الأفكار الصنمية المتفق عليها، بينما يمضي الراوي في تبديل ضمائره بين حضورٍ واختفاء، بين الأنا والآخر، وما بين نايات وسراب، وأسماء وأجساد أخرى، حيث يصبح الزمن شاهداً ومداناً في الوقت ذاته.

في رواية "لحمي الحميم" لعلي عبدالله سعيد نحن أمام كتابة عبثيّة متوتّرة، يتدفّق عبرها السرد ويتقطّع مع كل نفسٍ ومشهدٍ وحكاية، وما علينا ونحن نقلّب صفحاتها الـ 224 سوى الاستسلام للمصائر المتشابكة، للجنون الماثل، وللبوح حين يصبح خلاصاً وهو يصبر أعمق مشاعرِنا وأعقدِها.

المؤلف

علي عبدالله سعيد روائيّ من سورية، مواليد اللّاذقيّة 1958. من رواياته: "ملح الهذيان" (2024)، و"سكر الهلوسة" (2023) التي صدرت عن محترف أوكسجين للنشر، و"جسد بطعم الندم" (2020)، و"البهيمة المقدّسة" (2020)، و"براري الخراب" (2000). فازت روايته "جماليّة المتاهة" بجائزة منتدى ابن خلدون، القاهرة (1993)، بينما نالت روايته الأولى "اختبار الحواسّ" جائزة مجلّة الناقد، لندن (1992). صدر له في القصة: "موت كلب سرياليّ" (1996). و"هكذا مات تقريباً" (1993).

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث