حجم الخط
مشاركة عبر
كتب الأستاذ جهاد الزين في "النهار" بتاريخ 27/5/ 2025 بعنوان "السلام مع إسرائيل ليس تطبيعاً". وأضاف: "نحن في زمن التفوق الإسرائيلي الذي هو جزء من التفوق الحضاري الغربي وليس مجرد تفوق عسكري".
إن القبول بهذه المقولة ذو وجهين: الأول، صحيح ومفروغ منه عند المقارنة البسيطة. أما الوجه الآخر، فيرفض هذا المنطق لأنه يعتبر ضمنياً أن كل نضالات شعوب آسيا وإفريقيا وجنوب أميركا ضد الاستعمار الأوروبي كانت تسير عكس اتجاه التاريخ وهذا غير دقيق لأنها نجحت ولنا- نحن العرب- في مثال ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي في القرنين التاسع عشر والعشرين الذي استمر أكثر من قرن وثلث قرن من الزمان اثبات على ذلك.
فالسؤال، إذا، لماذا نجحنا في الجزائر وفشلنا في فلسطين؟
هناك عوامل كثيرة، داخلية وخارجية، أدت إلى هذه النتيجة. فلا شك أن الاستقطاب الدولي بين أكثر من تحالف دولي في مرحلة التخلص من الاستعمار المباشر ساهم في تزويد حركات التحرر في ما يسمى "العالم الثالث" بدفعة ضرورية من المساندة الدولية المباشرة وغير المباشرة فكانت المنافسات الدولية تصب في مصلحة حركات التحرر الوطني في آسيا وإفريقيا. كما أن مسافة بُعدٍ المستعمرة عن مركز الدولة المستعمرة، أي المتربول، كان له دور في إمكان إعطاء الدول القريبة من منطقة النضال ضد الإستعمار أماكن اختباء ومناورة تمكنها من "الكر والفر" الإستراتيجية التي كانت تتبعها حركات التحرر الوطنية ضمن تكتيكات حروب العصابات المعروفة.
أما في فلسطين، فقد تبين أن المشروع الصهيوني كان مؤيداً من كافة مراكز القرار الدولي، وإن بدرجات متفاوتة، بما في ذلك موسكو ولندن وواشنطن. ثم اضيفت إليها برلين وباقي العواصم الأوروبية التي اعتبرت أن عليها دَيناً للصهيونية اليهودية بعد "المحرقة" النازية في الحرب العالمية الثانية والتي رغبت أيما رغبة في نقل "القضية اليهودية" من أوروبا إلى آسيا أو حتى إفريقيا. لذلك، سرت في الغرب نظرية أننا لا نحارب الاستعمار الاستيطاني، بل نحارب الحضارة الغربية الحديثة التي لا تتفق مع الثقافة العربية ولا مع الدين الإسلامي.
هكذا جرى تزوير توحيد مواقف الحداثة الغربية في عواصم أوروبا وأميركا من جهة، ومواقف العنصرية الاستيطانية في فلسطين. أصبحت المستعمرة جزءاً أصيلاً من المتربول وأصبح المتربول المدافع الشرس عن المستعمرة إلى حد أنه -كما شهدنا أثناء قيام جزء من الجمهور الغربي بالتظاهر اعترضا على "الإبادة الجماعية" في غزة- أن جرى تجميد العمل بأهم المبادئ الديمقراطية التي يفخر بها الغرب مثل "حقوق الإنسان" و"حق التعبير عن الرأي" والتضييق على بعض المراكز الأكاديمية وجرى، بطريقة فجة، ترحيل ًطلاب أجانب ذووي إقامة شرعية أتوا للدراسة المتخصصة.
كانت المقاومة ضد الصهيونية في فلسطين تعني الحرب لا ضد الصهيونية فحسب، بل، في المقام الأول، ضد بريطانيا العظمي أقوى دول العالم في القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين ثم أخذت الولايات المتحدة مكانها ومكانتها منذ المنتصف الثاني للقرن الأخير وأصبحنا في حرب مع القوة العالمية الأكبر. وكانت الصهيونية -ولا تزال- وجه العملة الآخر للاستعمارين.
نكرر، في النهاية، إن الصهيونية هي المتربول والمتربول هو الصهيونية. ومن يريد اثباتاً ملموساً ليراجع كمية الأسلحة وأنواعها التي تدفقت على إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 حتى اليوم.
إن القبول بهذه المقولة ذو وجهين: الأول، صحيح ومفروغ منه عند المقارنة البسيطة. أما الوجه الآخر، فيرفض هذا المنطق لأنه يعتبر ضمنياً أن كل نضالات شعوب آسيا وإفريقيا وجنوب أميركا ضد الاستعمار الأوروبي كانت تسير عكس اتجاه التاريخ وهذا غير دقيق لأنها نجحت ولنا- نحن العرب- في مثال ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي في القرنين التاسع عشر والعشرين الذي استمر أكثر من قرن وثلث قرن من الزمان اثبات على ذلك.
فالسؤال، إذا، لماذا نجحنا في الجزائر وفشلنا في فلسطين؟
هناك عوامل كثيرة، داخلية وخارجية، أدت إلى هذه النتيجة. فلا شك أن الاستقطاب الدولي بين أكثر من تحالف دولي في مرحلة التخلص من الاستعمار المباشر ساهم في تزويد حركات التحرر في ما يسمى "العالم الثالث" بدفعة ضرورية من المساندة الدولية المباشرة وغير المباشرة فكانت المنافسات الدولية تصب في مصلحة حركات التحرر الوطني في آسيا وإفريقيا. كما أن مسافة بُعدٍ المستعمرة عن مركز الدولة المستعمرة، أي المتربول، كان له دور في إمكان إعطاء الدول القريبة من منطقة النضال ضد الإستعمار أماكن اختباء ومناورة تمكنها من "الكر والفر" الإستراتيجية التي كانت تتبعها حركات التحرر الوطنية ضمن تكتيكات حروب العصابات المعروفة.
أما في فلسطين، فقد تبين أن المشروع الصهيوني كان مؤيداً من كافة مراكز القرار الدولي، وإن بدرجات متفاوتة، بما في ذلك موسكو ولندن وواشنطن. ثم اضيفت إليها برلين وباقي العواصم الأوروبية التي اعتبرت أن عليها دَيناً للصهيونية اليهودية بعد "المحرقة" النازية في الحرب العالمية الثانية والتي رغبت أيما رغبة في نقل "القضية اليهودية" من أوروبا إلى آسيا أو حتى إفريقيا. لذلك، سرت في الغرب نظرية أننا لا نحارب الاستعمار الاستيطاني، بل نحارب الحضارة الغربية الحديثة التي لا تتفق مع الثقافة العربية ولا مع الدين الإسلامي.
هكذا جرى تزوير توحيد مواقف الحداثة الغربية في عواصم أوروبا وأميركا من جهة، ومواقف العنصرية الاستيطانية في فلسطين. أصبحت المستعمرة جزءاً أصيلاً من المتربول وأصبح المتربول المدافع الشرس عن المستعمرة إلى حد أنه -كما شهدنا أثناء قيام جزء من الجمهور الغربي بالتظاهر اعترضا على "الإبادة الجماعية" في غزة- أن جرى تجميد العمل بأهم المبادئ الديمقراطية التي يفخر بها الغرب مثل "حقوق الإنسان" و"حق التعبير عن الرأي" والتضييق على بعض المراكز الأكاديمية وجرى، بطريقة فجة، ترحيل ًطلاب أجانب ذووي إقامة شرعية أتوا للدراسة المتخصصة.
كانت المقاومة ضد الصهيونية في فلسطين تعني الحرب لا ضد الصهيونية فحسب، بل، في المقام الأول، ضد بريطانيا العظمي أقوى دول العالم في القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين ثم أخذت الولايات المتحدة مكانها ومكانتها منذ المنتصف الثاني للقرن الأخير وأصبحنا في حرب مع القوة العالمية الأكبر. وكانت الصهيونية -ولا تزال- وجه العملة الآخر للاستعمارين.
نكرر، في النهاية، إن الصهيونية هي المتربول والمتربول هو الصهيونية. ومن يريد اثباتاً ملموساً ليراجع كمية الأسلحة وأنواعها التي تدفقت على إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 حتى اليوم.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها