ختام معرض بيروت العربي للكتاب: عشرات الندوات ومئات التواقيع

المدن - ثقافةالأحد 2025/05/25
IMG-20250525-WA0006.jpg
حجم الخط
مشاركة عبر
اختتم معرض بيروت العربي الدولي للكتاب فعاليات دورته الـ66 التي استمرت من 15 حتى 25 من شهر أيار الحالي بسلسلة من الندوات والنشاطات الصباحية والمسائية الغنية والمتنوعة، إلى جانب حفلات تواقيع الكتب وزيارات طلاب الجامعات والمعاهد والمدارس.
 
نظم النادي العربي الثقافي وصالون 20، لقاء "رسائل من فوق الماء إلى نزار قباني" من خلال أمسية شعرية، ادارتها ندين خوري. وفي بادرة أدبية رمزية، أعلن الأديب طلال الغندور يوم 30 نيسان من كل عام "يوم نزار حيًّا"، معتبرًا هذا التاريخ مناسبة للاحتفاء بالشاعر السوري الكبير نزار قباني، الذي تحوّلت قصائده إلى مرآة لكل شاعرٍ وهائمٍ ومحبّ للكلمة الحيّة.
الغندور وصف هذا اليوم بـ"عيد الحزن والجمال"، و"يوم رجلٍ نُحِت في ذاكرة حارة الشعراء"، حيث يُعاد إحياء صوت نزار المنادي بالحرية والجمال، في ظل ما وصفه بـ"نوم الأمة" وسط التحولات الفكرية والتقنية.
وتكاملت هذه المبادرة الأدبية بنصّ شعري نثري كتبته الشاعرة رحاب كمال الحلو، فجاء بمثابة مرثاة وجدانية لزمن الشعر الإنساني، وصرخة ضد الذكاء الاصطناعي والواقع الرقمي المُعزّز.
استحضرت الحلو في نصها نزار قباني كرمز للشاعر الحي الذي يعلّمنا أن "للقصيدة قلبًا، وللعاشق وطنًا من حروف".
ثم انطلقت في مونولوج شعري داخلي تسائل فيه التكنولوجيا وتبعاتها على الوعي الإنساني، وقالت: "لو أني أعرف خاتمتي ما كنتُ بدأت… خلّصني من طوفان الآلة… إن كنتَ قويًّا أخرجني من هذا الواقع المعزز…". وتناولت في نصها التناقض بين إنسانية الشاعر وحتمية الواقع الرقمي، فوقفت في حوار وجودي مع "الذكاء الاصطناعي"، الذي تراه قوة جارفة قد تنزع عن الشعراء إحساسهم بالدهشة والضعف الإنساني الضروري للإبداع.
 
تحية إلى شوقي ابي شقرا
نظّم النادي العربي الثقافي ندوة تكريمية للشاعر شوقي أبي شقرا، أدارها الكاتب والناشر سليمان بختي وشارك فيها عدد من الكتاب والشعراء. إفتتحت الندوة بكلمة لبختي ركز فيها على الرقة والعمق الشعري لدى أبي شقرا، مشيرًا إلى أن شعره كان مرهفًا كقطرة ندى، وذكر قصيدة شهيرة كانت بمثابة سر من أسرار ملك اللغة.
ثم تحدث امين البرت الريحاني معبّرًا عن العلاقة الفريدة بين شوقي والصورة الشعرية، مشيرًا إلى قدرة شوقي على العزف على "مزمار الكلمة" وصناعة عالم من الفانتازيا الشعرية والإيروتيكية التي تفجر طاقات الخيال اللا نهائية. ووصفه بأنه صاحب مفردات مشعة تحمل عبق أسرار نابعة من تراث العائلة.
أما الدكتورة إلهام كلاب، فقد عبّرت عن الحزن والدهشة والفرح في إعادة قراءة شعر شوقي بعد رحيله، ووصفت تجربتها مع نصوصه كرحلة في فضاء الحركة والكون من بئر السكون. وأشادت بجمالية حديقة السرية في شعره، التي كانت محاطة بسياج من قصب لين، ودعت التفاحة التي تمثل شعره إلى الانتصار وتحطيم القيود، مؤكدة على أن شوقي هو الشاعر الحالم الحر الذي يشعل في السماء نجومًا جديدة.
بدوره، أسعد جوان تحدث عن التوتر الإبداعي بين شوقي ونزار قباني، حيث وصفهما كصديقين وضدين في آن، تجمعهما "حرب شعرية" انتهت بمكانة مميزة لكل منهما. وأشاد بدور شوقي في كسر الأعراف الشعرية والثقافية، واصفًا إياه بجبران آخر غامض وانفجاري.
الشاعر إسماعيل فقيه وصف شوقي بأنه شاعر فريد لا يشبه غيره، يمتلك قاموسًا خاصًا في شعره مميزًا عن العربية التقليدية، وأكد على إيمان شوقي بأن الشعر هو ملاذه في مواجهة صعوبات الحياة، مشيدًا بلقب "ملك الشعر واللغة والثقافة".
الدكتور فوزي يمين روى لقائه الأول مع شوقي في بيروت، واصفًا إياه بأنه كان غارقًا بين الكتب والورق، لكنه كان ينبوعًا من الكرم والشعر، وعبّر عن تقديره الكبير لتغيير شوقي للكتابة العربية بحيث لم يعد أحد يشبهه أو يسبقه.
الشاعر جو قارح سرد ذكرياته مع شوقي في غرفته، مشيرًا إلى أن شعره كان بمثابة عرس ملون بالحياة والفرح، ووصفه بأنه العريس الذي دخل حياته وأشعل فيها طفولة لا تموت، معبّرًا عن شوقي كبطل داخلي لا يريد أن يكبر.
رفعت طربية أكد صعوبة قراءة شعر شوقي، لكنه أوضح أن شعره يشبه الطفل الذي يبدأ خطواته الأولى، وأنه علم الكثيرين بما تركه من أثر لا ينسى، وبدأ بعدها بقراءة مقاطع مختارة من شعر شوقي، منها: "نامي أنا أكتب، نامي أنا عصفور، نامي أنا صداف، نامي أنا زورق...

مئوية أمين الريحاني 
نظّم النادي العربي الثقافي بالتعاون مع دار نلسن للنشر ندوة ثقافية، بمناسبة مرور مئة عام على صدور كتاب "ملوك العرب" للمفكر والأديب اللبناني أمين الريحاني، أحد أبرز رواد النهضة الفكرية العربية في القرن العشرين.
افتُتحت الندوة بكلمة للكاتب سليمان بختي، الذي تساءل: "ما الغاية التي قصدها أمين الريحاني من وضع هذا الكتاب؟"، مشيرًا إلى أن الريحاني رأى قبل قرن من الزمن أن لا سبيل أمام العرب إلا التفاهم والتقارب من أجل التقدّم وتحقيق المصالح المشتركة. 
من جهته، البرت أمين الريحاني، أشار إلى أن كتاب "محطات في ملوك العرب"، ليس فقط توثيقًا لرحلة الريحاني عام 1922، بل هو مشروع عربي فكري موثق، مضى عليه مئة عام وما زال حيًّا.
ولفت إلى أن المحطة الأولى كانت من خلال اللقاء الأول بين الريحاني والملك عبد العزيز آل سعود، والذي ترك أثرًا بالغًا فيه، وقال له الملك: "لك الحرية في أن تتحدث إليّ كما تشاء، وأنا كذلك، ولا أقبل غير ذلك". وكأن الملك كان قد قرأ مقالات الريحاني عن الحرية، ومنها: "متى توجهين وجهك نحو الشرق أيتها الحرية"، و"إلى رفيقتي في السفر: الحرية
وأكد أن المحطة الثانية كانت عبر رحلته السياسية الكبرى، وكيف أثبت أنه موّلها بنفسه، عبر التصرف ببعض سنداته المصرفية، ما يثبت استقلال مشروعه الفكري عن أي جهة سياسية.
وكانت المحطة الثالثة من خلال دور الريحاني في قضية النفط العربي، حيث دافع عن منح الامتياز لشركات أميركية بدل البريطانية، لا حبًا بالولايات المتحدة، بل لأن الشركات الأميركية - في رأيه - كانت بعيدة عن الضغوط السياسية، خلافًا للبريطانية. 
من جهتها وصفت الهام كلاب البساط الريحاني بأنه كان "مشاءً، يقظًا، شغوفًا، يجتاز الحدود طلبًا للمعرفة". وقالت: "كان يردد دائمًا: خذ عكازك، سر رويدًا، وادر ظهرك إلى المرشدي...". واعتبرت أن الريحاني كان رحّالةً، رسامًا، ومفكرًا، جمع بين الأدب والسياسة والرحلة، كتب كثيرًا، وكتب عنه كثيرون، وتُرجمت أعماله لعشرات اللغات، وهو أول رحالة عربي في بدايات القرن العشرين.
وأضافت أن الريحاني لم يغفل في أغلب كتبه عن تناول أوضاع النساء في مختلف المجتمعات، فكان سبّاقًا في طرح أسئلة عن المساواة والحرية في مجتمعات شرقية وغربية.
بدوره تحدّث مكرم غصوب عن الدوافع التي جعلت الريحاني يبدأ رحلته، مشيرًا إلى أن الانتماء، الارتقاء الروحي، والحلم كانت محركاته. وقال: "لم يمنعه الحرم من اكتشاف طبيعة بلاده، ولا من تأمل الفريكة، ولا من مخالطة الكافر المؤمن بأن وردة الحياة يجب أن تفتح قلبها للنور". 

الفيدرالية 
نظم دار سائر المشرق ندوة ناقشت كتاب "سوريا من فيدرالية العهد الفيصلي إلى الفيدرالية التوافقية"، شارك فيها كل من عبد السلام أحمد، روجيه أصفر وأدار الندوة سليم زخور.
ناقشت الندوة مستقبل النظام السياسي في سوريا، مع التركيز على فرص وإمكانات تطبيق الفيدرالية كحل لإدارة التنوع العرقي والطائفي والمناطقي من خلال رؤية سياسية ودستورية جديدة تراعي التعددية وتؤسس لنظام تشاركي عادل بين مكونات المجتمع السوري.
زخّور قدّم مقاربة فلسفية للنظام السياسي السوري، انطلاقًا من فكرتين أساسيتين: إدارة التعددية، وضمان حكم الأغلبية دون تهميش باقي المكونات. وخلص، بعد دراسة مقارنة لعدة نماذج سياسية، إلى أن الفيدرالية التوافقية هي الخيار الأمثل لسوريا. وأشار إلى أن الفكرة الفيدرالية ليست جديدة في التاريخ السوري، مستشهدًا برسائل الأمير فيصل عام 1919، التي عكست إدراكًا مبكرًا للحاجة إلى إدارة لامركزية تراعي خصوصية كل منطقة. وأكد أن الفيدرالية المقترحة يجب أن تكون توافقية، لا تقوم على فرض إرادة الأغلبية، مع السماح بحرية تشكيل الولايات بما يتناسب مع خيارات السكان، سواء على أساس جغرافي أو اجتماعي.
من جهته، رأى عبد السلام أحمد أن السياق السوري الحالي تحكمه صراعات إقليمية ودولية معقدة. وأشار إلى أن الجماعات الجهادية المسلحة، مثل هيئة تحرير الشام، تم توظيفها ضمن استراتيجية دولية لطرد النفوذ الإيراني من سوريا. واعتبر أن هذه القوى لا تملك مشروعًا حقيقيًا لبناء دولة تشاركية، بل تسعى لإقامة نظام عقائدي أحادي، يتم فيه إقصاء المكونات غير السنية.
أما روجيه أصفر، فقد عبّر عن تفاؤل حذر بعد سقوط النظام السابق، مؤكدًا أن سوريا الحالية خارجة من قمع طويل، وتعاني من دمار اقتصادي واجتماعي وبيئي عميق. وشدد على أن السلطة الجديدة، رغم الدعم الإقليمي والدولي السريع الذي تلقته، غير قادرة بعد على إدارة التنوع السوري الشديد. ولفت إلى أن الإعلان الدستوري وتشكيل الحكومة لم يكونا مشجعَين، بل تضمّنا ثغرات كبيرة تهدد مبدأ المواطنة المتساوية. وأكد أن دستورًا يحصر منصب الرئاسة بطائفة معينة ويتبنى فقهًا دينيًا محددًا كمصدر وحيد للتشريع، لا يمكن أن يكون أساسًا لبناء دولة مدنية شاملة. 
جنوب لبنان والحرب الأخيرة 
نظمت دار رياض الريس ودار النهار ندوة بعنوان:" جنوب لبنان والحرب الأخيرة" شارك فيها كل من الصحافي محمد بركات، هادي مراد وعلي خليفة، وأدارها الدكتور زياد شبيب. تمحورت الندوة حول مستقبل لبنان في ظل الأزمات المتواصلة، وذلك من خلال قراءة نقدية لثلاثة مؤلفات بحثية تناولت الشأن الشيعي في لبنان. 
مراد استهلّ مداخلته بتأكيد أن "الفقهاء ليسوا حكّاماً، بل هم مفتون يُرجع إليهم في الأحكام، لا في شؤون الدولة"، مستنداً بذلك إلى مواقف مرجعيات شيعية لبنانية بارزة مثل السيد محسن الحكيم والسيد محمد مهدي شمس الدين، الذين فرّقوا بين الوظيفة الدينية والسلطة الزمنية، ودعوا إلى دولة مدنية لا ولاية فيها للفقيه. واعتبر مراد أن التشيّع العربي الأصيل، كما عرفه جبل عامل والكوفة، تمرد أخلاقي على السلطان الجائر، لا ولاء للغيب، بل ولاء للحق والعقل. وختم مراد بالإعلان الصريح عن هويته الفكرية: "أنا شيعي لبناني عربي، وأرفض أن يكون ديني بوابة للاستعباد أو أن تُستخدم طائفتي ذراعاً لمشروع لا يشبهني".
أما بركات، فقدّم مداخلة وجدانية وشعرية الطابع، مستحضراً رمزية العصفور في قصيدة الراحل محمد علي شمس الدين ليعبّر عن واقع الإنسان الشيعي الذي يُستهدف من قِبل أنظمة القمع السياسي والطائفي. وتناول بركات العلاقة الإشكالية بين أبناء الطائفة الشيعية في لبنان والمنطقة، والعالم الغربي الذي يحاولون التفاعل معه رغم تناقض الشعارات السياسية التي ترفَع ضدّه. وأشار إلى مفارقة الشابة رشا علوية، التي طُردت من أميركا رغم كونها طبيبة واعدة، والتي لم تفكر في الهجرة إلى "بلاد الحوزات" بل إلى "الشيطان الأكبر" كما يصفه خطاب بعض القوى الشيعية. 
من جهته، قدّم خليفة رؤية سياسية واضحة المعالم، عبر ما أسماه "رؤية 25-30"، وهي مبادرة تهدف إلى إصلاح المشاركة الشيعية في الحياة العامة، عبر مشروع سياسي ينطلق من داخل الطائفة الشيعية في وجه الثنائية السياسية المسيطرة. واعتبر أن "دولة حزب الله" سلبت الشيعة اللبنانيين تاريخهم ومجتمعهم، وأقامت أنظمة رديفة على جثة الدولة اللبنانية، مما حوّل لبنان إلى مجتمع بلا دولة. ودعا إلى استعادة الدولة من خلال الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني (الطائف) وتطبيق الدستور بكافة بنوده. واعتبر خليفة أن رؤية "25-30" تمثل امتداداً لوصايا السيد محمد مهدي شمس الدين، وتعبيراً عن طموح الشيعة اللبنانيين في الاندماج الكامل في قضايا مجتمعهم، لا في مشاريع خارجية.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث