newsأسرار المدن

صقر أبو فخر والحرب الأهلية اللبنانية: تاريخ مختلف

المدن - ثقافةالسبت 2025/05/10
WhatsAppImage20250509at18.00.35_180045.jpeg
حجم الخط
مشاركة عبر
صدر حديثًا للباحث والكاتب صقر أبو فخر، كتاب بعنوان "الحرب الأهلية اللبنانية: لماذا اندلعت ومتى بدأت؟" (بيروت – عمان: المؤسسة العربية للدراسات والنشر). ويوافق صدور هذا الكتاب الذكرى الخمسين لاندلاع تلك الحرب. ويفنّد هذا الكتاب الروايات الزائفة عن بدايات الحرب وعمّن أشعلها، ويدحض السرديات المفبركة عن مراحل الحرب الأهلية التي يستعيد اليمين اللبناني حكاياتها اليوم، بعد نصف قرن على بداياتها والذي كان هو نفسه المفجّر الرئيس لها، والأداة الاستعمالية التي كانت تأمل من تفجير الحرب استدراج تدخل أميركي وفرنسي في لبنان لمؤازرته في مشروعه السياسي. 

يؤرخ الكتاب لوقائع الحرب الأهلية ومجرياتها المتقلبة وجوانبها السياسية والأمنية والعسكرية، ويحاول الإجابة عن الأسئلة التي ما برحت تتوالى حتى بعد مرور نصف قرن على بداياتها، وبعد أكثر من ثلث قرن على وقفها. وتدور تلك الأسئلة، عمّن أشعل تلك الحرب، وهل كان في الإمكان تفاديها. ويجيب الكاتب بالقول: نعم، كان في الإمكان تفادي الحرب لأن الخلافات الداخلية والمنافسات المحلية والتناقضات الاجتماعية والصراعات الأيديولوجية لا تؤدي، بالضرورة، إلى الاحتراب الأهلي. لكن السياسة الأميركية العليا، والسياسة الأمنية الإسرائيلية، وانسياق قوى اليمين اللبناني مع هاتين السياستين، حال، ذلك كله، دون تجنب الحرب وأهوالها ونتائجها التي ما برحت تتفاعل حتى اليوم.

وفي هذا الميدان التاريخي يكشف الكاتب جوانب كثيرة من تزوير الوقائع السياسية والعسكرية التي وردت في كتب السِيَر التي نشرها بعض مَن شارك في تلك الحرب، ويُصحح حوادثها، ويقوّم استنتاجاتها، ويفضح دوافعها استنادًا إلى عشرات المراجع المتينة والمصادر العلمية والوثائق الصحيحة. ولا يكتفي الكاتب بهذه الجوانب وحدها، بل يورد، إلى جانب ذلك كله، التواريخ الصحيحة لبدايات الحرب في لبنان، ويكشف أسماء تجار السلاح وارتباطاتهم الاستخباراتية، والدول التي كانت تزوّد الميليشيات اللبنانية بالأسلحة والأموال، ويسرد فصولًا من أدوار الفصائل الفلسطينية في مراحل القتال المختلفة، ويتناول النهج السياسي لياسر عرفات في الشأن اللبناني والذي كان يفترق عن نهج حليفه كمال جنبلاط بأشواط.

ويروي الكاتب قصة دخول الجيش السوري إلى لبنان والموقف الأميركي المعارض في البداية، ثم الموافق بعد أن أصبح اليمين اللبناني على وشك الهلاك. ويكشف الكتاب وقائع مسكوتًا عنها على غرار النهب والمخدرات وحلف الأقليات والوكالة اليهودية وعملائها التاريخيين، والموساد وعملائه المتجددين، علاوة على أفكار الفيدرالية التي راحت تنتعش في صفوف اليمين اللبناني اليوم وتستعيد "شبابها" السياسي الزائل.

وفي الكتاب فصل مهم عن دحض مرويات كتب الاعترافات ونقض سِيَر بعض قادة الميليشيات وسردياتهم، وهو يفضح التزوير في كتب "هذيانية" من طراز "أنا الضحية والجلاد أنا" (جوزف سعادة، 2009)، "مذكرات الأباتي بولس نعمان" (أنطوان سعد، 2009)، "بشير الجميل: تاريخ في رجل" (جورج حايك، 2009)، "من الفياضية حتى واشنطن" (أنطوان بركات، 2015)، "صليب الحرب" (مارون مشعلاني، 2018). 

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها