إلى سلطان القلوب
عبد الرحيم أبو حسين (1951–2022)
شكر
اقترح عليّ أن أحقّق هذا الكتاب زميلي الراحل الدكتور عبد الرحيم أبو حسين، وعرض عليّ المشاركة في التحقيق والتقديم له. وقد ناقشنا الكتاب وموضوعه مرارًا في رحلاتنا المتكرّرة إلى تركيا، لكنّنا كنّا نأجّل العمل عليه حتّى شفائه. مرّت السنون، وفُجعت بصديقي، وبقي هذا الكتاب لا أدري ما أصنع به. وكنت كلّما شرعت بتحقيقه تهيّبت لأنّي لم أعتد تحقيق الأعمال التي تعود للفترة العثمانيّة، ولكنّي بعد مليّ من التفكير رأيت أنّ حقَّي المودّة والوفاء يفرضان عليّ نشر العمل على قدر المعرفة والاستطاعة.
أودّ أن أشكر المساعِدة البحثيّة روان الحلو التي قرأت الكتاب بعناية واستوفت العمل على فهارسه، فسهّلت على القرّاء مهمّة البحث فيه، والدكتورة لينا الجمّال لقراءتها نصّ المقدّمة. كما أشكر الدكتور ياسر محمّد غريب عبد السلام لإرساله نسخة عن أطروحته للدكتوراه التي حقّق فيها ديوان ابن العُليف ودرسه. والشكر موصول لكرسيّ الشيخ زايد في الجامعة الأميركيّة في بيروت ومعهد الأبحاث في جامعة نيويورك أبوظبي لدعمهما هذا العمل.
(بلال الأرفه لي - بيروت 2023)
مقدّمة
شاءت الظروف التاريخيّة أن تتشابك مصائر العرب والترك في السرّاء والضرّاء لما يزيد على ألف عام. ولا يسمح المقام هنا بتتبّع جذور هذه العلاقة، ولكن يكفي القول إنّ هذا التشابك سابق على الفترة العثمانيّة ولم يكن دومًا انعكاسًا لموازين القوى بينهما. فقد كانا شريكين، كما كانا حكّامًا لمحكومين، وفي أحيانٍ أخرى الأخوةَ الأعداء. وقد جمع بينهما تاريخ مشترك، وجمعت غالبيّتَهما الرابطة الدينيّة، وفرّقت بينهما المصالح خاصّة في أواخر أيّام الدولة العثمانيّة وما تلا انهيارها من قيام دول المنطقة الحديثة على أنقاضها. أنتجت المستويات المختلفة لهذه العلاقة العربيّة التركيّة وتعقيداتها، خاصّة في الفترة التي تلت نهاية الحقبة العثمانيّة، تباعدًا بل جفاءً بين العرب والترك، وقد انعكس هذا الجفاء في نظرة كلٍّ منهما إلى الآخر نظرة عدائيّة. وانسحبت هذه النظرة على الحقبات التاريخيّة السابقة، وخاصّة على الفترة الأطول زمنيًّا، والأغنى تفاعلًا ثقافيًّا، ونعني بها الفترة العثمانيّة التي جمعت العرب والترك في إطار جامع سياسيًّا وثقافيًّا على مدى أربعة قرون كاملة.
لقد شهد القرن العاشر/السادس عشر تغيّرات كبيرة: غلبت الشيعة الاثنا عشريّة الدولةَ الصفويّة، واكتشف البرتغاليّون طريقًا إلى الهند بمنأى عن سيطرة الدولة العثمانيّة ودولة المماليك، اللتين انشغلتا بحروب متتالية أفضت إلى سقوط دولة المماليك في مصر وسوريا. وكان دخول السلطان سليم الأوّل (حكم 918–926/1512–1520) عام 922/1516 بداية لحكم العثمانيّين في المنطقة العربيّة، والذي استمرّ حتّى عام 1337/1918.[1] وكان العثمانيّون قد سيطروا بعد معركة مرج دابق على معظم ما يُعرف اليوم بالعالم العربيّ، ومع أنّ مركز السلطنة أو الخلافة لم يعد في العالم العربيّ، فإنّ وجهاء العرب ظلّوا موالين للباب العالي في إستانبول مستمدّين منه شرعيّة الحكم والنفوذ المحلّيّ.
انطلاقًا ممّا سبق، لا بدّ لنا بصفتنا عربًا أوّلًا، وباحثين في العلاقات العربيّة التركيّة ثانيًا، أن نعود لقراءة النصوص الأدبيّة والتاريخيّة ضمن إطارها الزمنيّ والجغرافيّ، لا أن نسقط على هذه النصوص وقائع سياسيّة من الأزمان اللاحقة (والأمر عينه ينطبق على الباحثين الأتراك طبعًا). وفيما يركّز أغلب الدراسات الحديثة على العلاقات العثمانيّة العربيّة في مصر وسوريا، فإنّ أهميّة النصّ الذي ننشره في هذا الكتاب أنّه لأحد أبرز وجوه الجزيرة العربيّة الثقافيّة في القرن السادس عشر الميلاديّ. فهو أحد علماء مكّة، وهي إذ ذاك ليست تحت السيطرة العثمانيّة، يكتب تاريخًا للدولة العثمانيّة وترجمة لمعاصره من سلاطينها بايزيد الثاني (حكم 886–918/1481–1512).[2]
لسنا هنا بصدد تقييم العمل من جهة إضافته للمعرفة التاريخيّة، ولكن من جهة أنّه انعكاس لصورة العثمانيّين والترك وما يربطهم بالعرب من وجهة نظر المؤلّف. وفي ضوء ذلك يمكن اعتبار هذا العمل وثيقة تاريخيّة هامّة.
الأدب العربيّ في الفترة العثمانيّة
لم يولِ مؤرّخو الأدب العربيّ، حتّى وقت قريب، كبير اهتمام بالفترتين المملوكيّة والعثمانيّة، ومردّ ذلك وجهة النظر القديمة القائلة بانحطاط الحياة الأدبيّة والفكريّة والثقافيّة بعد سقوط بغداد بيد المغول عام 656/1258. وقد ساءلت الدراسات الحديثة هذه المقولة، ممّا فتح المجال لسبلٍ جديدة لدراسة التاريخ الفكريّ والثقافيّ في هاتين الفترتين.[3] ومن الباحثين الذين ساءلوا مقولة الانحطاط في الفترة المملوكيّة محسن جاسم الموسوي وتوماس باور (Thomas Bauer).[4] وقد بدأ عدد من الباحثين الجادّين بتسليط الضوء على الأدب العربيّ في الفترة العثمانيّة.[5] درست هيلين بفايفر (Helen Pfeifer)، على سبيل المثال، دور المجالس الأدبيّة في دمشق العثمانيّة.[6] وسلّط آدم طالب الضوء على المقاطع الشعريّة ودورها في الأدبين المملوكيّ والعثمانيّ.[7] ويتّفق هؤلاء الباحثون على ضرورة تحقيق التراث ودراسته وفقًا لمعايير الفترة الزمنيّة التي ظهر فيها لا معايير القرن التاسع عشر. ونشهد اليوم أيضًا اهتمامًا متزايدًا بنشر الدواوين الشعريّة من هاتين الفترتين، بالتزامن مع ظهور دراسات جادّة تركّز على أصحابها من الشعراء.[8]
يبحث الشعراء المادحون – كعادتهم – عن رعاة للأدب دومًا، وهذا يسري على شعراء الفترة العثمانيّة سريانه على شعراء الفترة العبّاسيّة. يرى توماس باور وحاجي عثمان غندز (Hacı Osman Gündüz) أنّ ما يميّز الشعر في الفترتين المملوكيّة والعثمانيّة هو تغيّر الفضاء الذي أُلقي فيه هذا الشعر. فالسلاطين المماليك والعثمانيّون نادرًا ما أتقنوا العربيّة،[9] مع أنّهم كافأوا الشعراء المادحين.[10] ويبدو ممّا وصلنا من الآثار أنّ فئتي الشعراء والكتّاب قد اختلطتا بفئة العلماء، وأنّ أشخاصًا من مختلف المهن والطبقات الاجتماعيّة قد نظموا الشعر.[11] كما وصلنا كمّ كبير من الدواوين الشعريّة والرحلات وكتب المختارات التي تشي بحياة أدبيّة زاخرة.
اتّصل الشعراء في الحجاز في هذه الفترة الزمنيّة بالسلاطين المماليك والعثمانيّين في آن، ولا شكّ أنّ دعم العثمانيّين للشعراء العرب كان غرضه الدعاية وتعزيز الولاء للباب العالي، وبالتالي السيطرة على مكّة المكرّمة. والملاحظ أنّ اهتمام العثمانيّين بمكّة سابق لهذه الفترة، فقد أوقف السلطان محمّد الأوّل (حكم 816–824/1413–1421) جزءًا من أمواله على فقراء الحرمين، وكذلك فعل مراد الثاني (حكم 824–855/1421–1451)، ومحمّد الثاني (حكم 855–886/1451–1481).[12] وعندما حجّ السلطان بايزيد في السنة التي تولّى فيها المُلك، توثّقت علاقته بأمير مكّة الشريف محمّد بن بركات (ت 903/1497) وكبار العلماء والأدباء فيها، فكان أن زاره بعضهم في إستانبول. وحين دخل السلطان سليم مصر، وافق الشريف بركات بن محمّد بن بركات (ت 931/1525) على الدعاء للسلطان العثمانيّ مقابل الإقرار العثمانيّ بإمارته على مكّة.[13]
شهاب الدين ابن العُليف وآثاره
كثيرة هي المصادر التي ترجمت لشهاب الدين ابن العُليف، وقليلة هي المعلومات التي نعرفها عنه، إذ تكرِّر هذه المصادر المعلومات عينها بفروقات طفيفة. وثمّة خلط في بعض المصادر بين عدد من الأشخاص المنحدرين من الأسرة نفسها، وينسحب هذا الخلط على الأشعار المنسوبة لشاعرنا في ديوانه. وقد اهتدى محقّق ديوان ابن العليف ياسر محمّد غريب عبد السلام إلى عدد من الأشخاص الذين ارتبطوا بهذا الاسم إلى جانب الشاعر موضوع الدراسة، وهم:[14]
وقد نظم معظم أفراد العائلة الشعر واشتهروا به، ولكنّ الشاعر شهاب الدين أحمد بن الحسين ابن العليف كان أشهرهم وأهمّهم لوجود ديوان ضخم يجمع شعره، ولاهتمام كتّاب الطبقات به وبإرثه. وترد ترجمته في المصادر التالية:[15]
الضوء اللامع لأهل القرن التاسع لشمس الدين محمّد بن عبد الرحمن السخاويّ (ت 902/1497)، 1/290.
النور السافر عن أخبار القرن العاشر لعبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس (ت 1038/1628)، 180–185.
الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة لنجم الدين الغزّيّ (ت 1061/1651)، 1/122–124 (ضمن ترجمة "أبو يزيد ابن محمّد آل عثمان)
سلّم الوصول إلى طبقات الفحول لحاجّي خليفة (ت 1067/1657)، 1/141.
شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد شهاب الدين (ت 1089/1679)، 10/123–124.
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع لشيخ الإسلام محمّد بن علي الشوكانيّ (ت 1250/1834)، 1/54–56.
هديّة العارفين أسماء المؤلّفين وآثار المصنّفين لإسماعيل باشا البغدادي (ت 1339/1920)، 1/139–140.
نعرف من هذه المصادر أنّ اسمه: شهاب الدين أحمد بن الحسين بن محمّد بن الحسين بن عيسى بن محمّد بن أحمد بن مسلم بن مُحيي المكّيّ الشافعيّ، وُيعرف كأبيه بابن العُليف، وهو تصغير عَلَف. يتّفق معظم هذه المصادر على أنّ مولده كان بمكّة المكرّمة في جمادى الأولى سنة 851/1447. وعاش دهرًا من حياته في مكّة لينتقل بعدها إلى المدينة المنوّرة، ثمّ يعود في الشوط الأخير من حياته إلى مكّة التي مات فيها في الثامن من ذي الحجّة سنة 926/1520. ويبدو من التواريخ المتوّفرة لدينا أنّه قد عاش يتيمًا، إذ توفّي والده وهو في الخامسة من عمره. ويذكر السخاويّ زواجه غير مرّة، وإنجابه لولد في المدينة هو أبو الفضل محمّد بن أحمد بن العليف، وهو شاعر كذلك، ولبنتين في مكّة. ويشير السخاويّ إلى أنّ أحوال الشاعر المادّيّة كانت صعبة لتكاثر الديون عليه، لذا نراه يطالب في عدد من قصائده بأعطيات تقيل عثرته وتوفي مغارمه.[16]
تخبرنا المصادر بأنّه قد سمع بمكّة على بعض المشايخ، وعمل بالنساخة، وأكثر من مطالعة دواوين القدماء، وأخذ العربيّة والفقه عن القاضي عبد القادر المكّيّ المالكيّ (ت 880/1475–1476) وأبي الفتح عليّ بن محمّد نور الدين الفاكهيّ (ت 880/1476)، كما أخذ عن السخاويّ ونور الدين عليّ بن عبد الله السمهوديّ (ت 911/1506) اللذين يذكرهما في ديوانه. وقد رحل الشاعر أيضًا إلى القاهرة لطلب العلم، فأخذ عن علمائها ابن الخيضريّ (ت 894/1489) والجوجريّ (ت 889/1484)، وكانت له رحلات إلى دمشق وحلب وطرابلس. ويورد بعض المصادر[17] رحلة للشاعر إلى إستانبول مدح فيها السلطان بايزيد الثاني، وتخصيص الأخير مبلغ ألف دينار جائزة له، وترتيبه مئة دينار ذهبًا كانت تصل إليه في كلّ عام وصارت بعده لأولاده. فهل حقًّا رحل ابن العُليف إلى إستانبول؟
لا يذكر السخاويّ معاصر ابن العليف شيئًا عن هذه الرحلة في ترجمته للشاعر، وظاهر نصّ كتاب الدرّ المنظوم في مناقب السلطان بايزيد ملك الرّوم أنّه منقول عن مصادر كثيرة لا عن عيان أو لقاء مع السلطان بايزيد، والقصيدة الختاميّة في الكتاب توحي بأنّ الشاعر لم يلتقِ بالسلطان، بل أرسل له القصيدة. ويورد نجم الدين الغزّيّ قصّة كتاب الدرّ المنظوم والقصيدة وعطاء السلطان في ترجمة السلطان بايزيد، ولكنّه يقول إنّها عندما "وصلت إلى السلطان أبي يزيد خان سرّ بها."[18] لذا ليس هناك من دليل على أنّ ابن العليف قد زار إستانبول.
ذكرت التراجم أعمالًا لابن العُليف لم تصلنا، هي: درر الإفراد في معرفة الأعداد، والشهاب الهاوي على الكاوي (ردّ على السيوطيّ)، والمنتقد اللوذعيّ على المجتهد المدّعي (ردّ على السيوطيّ)، وديوان هالة القمر في مدح خير البشر.[19] وممّا وصلنا من أعماله ديوان شعر وكتاب الدرّ المنظوم في مناقب السلطان بايزيد ملك الرّوم.
غلب المديح على شعر ابن العُليف، فنراه يمدح بشعره الكثير من معاصريه، غير أنّه خصّ بمعظم مديحه شريف مكّة بركات بن محمّد، ومن بعده أبا نُميّ بن بركات (ت 992/1584). ويُعدّ الديوان وثيقة لأحداث عصره، إذ حفظ كثيرًا من الأحداث التاريخيّة مثل صراعات الأشراف على مُلك الحجاز، ونهايات الدولة المملوكيّة، والهجمات البرتغاليّة على البحر الأحمر، وحركات التوسّع العثمانيّ في الشرق. ونرى في ديوان ابن العُليف أيضًا – شأنه شأن معاصريه من الشعراء – اهتمامًا بالمديح النبويّ، ورثاء وهجاء لبعض معاصريه، وبعض الألغاز. وغالبًا ما تتضمّن قصيدة المديح عنده نسيبًا وحماسة وفخرًا وحكمة وشكوى.[20]
للديوان نسختان: الأولى في المكتبة الملكيّة الدانمركيّة، كوبنهاغن 244 وعدد أوراقها 281 ورقة،[21] والثانية في مكتبة برلين 7931 وعدد أوراقها 88 ورقة.[22]
مخطوط المكتبة الملكيّة الدانمركيّة 244، ورقة 2أ
مخطوط المكتبة الملكيّة الدانمركيّة 244، ورقة 2ب
الدرّ المنظوم في مناقب السلطان بايزيد ملك الرّوم
للكتاب نسخة واحدة هي مخطوط مكتبة فاتح 4357 بتركيا، تقع في 118ورقة، ووُقّعت بخطّ المؤلّف بتاريخ 16 ذو الحجّة سنة 910/29 مايو 1505.
تحيل كلمة "الروم" الواردة في عنوان الكتاب، ضمن سياق استعمالها في القرن السادس عشر الميلاديّ، إلى الشعوب التي تسكن بلاد الأناضول والبلقان. ويشير المؤرّخون إلى أنّ المؤلّفين العرب قد استعملوا مصطلح "التركي" (ج. الأتراك) للدلالة على العثمانيّين وللتفرقة بينهم وبين المماليك، بينما استعملوا لفظة "الروم" للدلالة على الشعوب التي تقطن هذه الأراضي، واستعملوا لفظة "عثماني" للدلالة على الأشخاص العاملين في الدولة.[23] ويشير جمال كفادار إلى أنّ لفظة "الروم" تحمل دلالات طبقيّة لأنّها تحيل إلى فئة برجوازيّة، بينما تشير لفظة "الترك" إلى الأرياف.[24]
يقع الكتاب في مقدّمة وثلاث أبواب. بعد البسملة والحمدلة وبراعة الاستهلال المعهودة في مقدّمات الكتب العربيّة، يذكر المصنّف سبب تأليف الكتاب، فيقول إنّ: "تقييد المآثر من أهمّ الأسباب، وتأبيد المناقب من شأن ذوي الألباب، حفظًا لذكر محاسن الأيّام، وضبطًا لآثار أفعال الكرام، وترغيبًا للسير على جادّة أولي الفضل، وتنبيهًا على التحلّي بحلية ذوي العدل." وهو بذلك يقتفي أثر كتّاب السيرة النبويّة وسير الخلفاء، وبالطبع فإنّه بذلك يضع السلطان بايزيد في سلسلة من العظماء، فهو على حدّ قول المصنّف: "سلطان الزمان، صفوة الصفوة من ملوك بني عثمان، كفو الملك، وربّ السرير، ودرّة التاج، وإنسان الحدقة، وواسطة العقد، ونكتة المسألة، وقطب الدائرة، وقلب الجسد." وهذه صفات سيكرّرها ويثبتها في الكتاب.
يدرك المصنّف أنّه استرسل في الكتاب ليتكلّم عن سلالة السلطان بايزيد وأرض الروم عامّة وأحداث تاريخيّة لا ترتبط مباشرة بالسلطان. ولكنّ هذه الزيادات – بحسب رأيه – "لُمَع مفيدة من نفائس الأخبار، ومحاسن الآثار" و"فوائد حكميّة" فيها "تلقيح للعقل وتنبيه للرأي وصقل للذهن،" "وربّما أدّى الاسترسال إلى أشياء نفيسة [...] على نسق التاريخ."
يندرج الكتاب – علاوة على "السيرة" و"المناقب" – في إطار النوع الأدبيّ المسمّى "مرايا الملوك." ووفقًا لهذا النوع الأدبيّ يتشارك هادي الكتاب والمُهدى إليه في التأليف، فالكتاب عن محاسن السلطان ومناقبه، وهو بذلك صورة لهذا السلطان. يقول ابن العُليف: "علّمتني مكارمه كيف أُثني عليه، ودلّتني مناقبه من أين أدخل إليه، فاختلست من درّ معادنه، وأثنيت على شريف محاسنه، ومدحته بما فيه فكأنّي أنفقت عليه من خزائنه." وبما أنّ صاحب الكتاب ينتقي أو يقتبس من هذه المحاسن، فإنّ الصورة ستقصّر حتمًا عن استيعاب مجموع المحاسن والمناقب الموجودة في الأصل، ولو أوتي جميع العدّة اللازمة لذلك. ونرى ابن العُليف يعتذر عن هذا التقصير، مصرّحًا بأنّه قد بذل "جهد المستطيع" وأنّ السلطان غير محتاجٍ إلى "ثناء ناظم ولا ناثر ولا مدح خطيب ولا شاعر" خاصّة "بعد أن شُهد له الإجماع." لماذا إذن هذا الكتاب؟
يورد المصنّف سببًا آخر لتصنيف الكتاب، وهو أن يتشرّف قلمه وبنانه ولسانه وتصانيفه وديوانه بذكر السلطان. ولكن علاوة على السبب الأوّل المذكور آنفًا – أي تقييد المآثر ترغيبًا للسير على جادّة أولي الفضل – والسبب الثاني – أي تشريف المصنّف بذكر السلطان – وهما سببان يرتبطان بالعادة والسنّة الأدبيّة والتنميط، يورد المصنّف سببًا آخر مباشرًا – وإن على عجلةٍ واستحياء – يرتبط بالأوضاع التاريخيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، باللحظة الزمنيّة والبقعة الجغرافيّة التي يكتب فيها ومنها، فيقول: "قصدت أن يكون له نصيب من الأدعية الحَرَميّة والأثنية المدنيّة." فالمصنّف هنا على تمام الوعي بأهمّيّة موقعه في الحرمين الشريفين وهما ليسا بعد تحت السيطرة العثمانيّة، وبأهمّيّة قبول أهل الحجاز – وبخاصّة العلماء منهم – للسلطان العثمانيّ من أجل إضفاء الشرعيّة على حكمه لهذه الأرض المباركة.
في مقدّمة الكتاب نقاش مستفيض يستعرض فيه المؤلّف ثقافته وسعة إلمامه بالتراث الأدبيّ والتاريخيّ العربيّ-الإسلامي. يبدأ المصنّف بتقصّي أنساب الروم والأقوال المختلفة في ذلك، وسبب تسميتهم ببني الأصفر، والعلاقة بينهم وبين اليونان، مصرِّحًا في كلّ ذلك بمصادره. ويخصّص مبحثًا عن النبوّة في الروم فيتكلّم عن النبيّ أيّوب، والإسكندر وعلاقته بذي القرنين وأصحاب الكهف. يلي ذلك فصلٌ عن فضل الروم وأخبارهم والحكمة عندهم، يركّز فيه الكاتب على أرسطوطاليس (ت 322 ق.م.) – الذي يعدّه من مقدونية – وهرقل (حكم 610–641) الذي راسله النبيّ (ص) فيورد قصّته من صحيح البخاريّ وغيرها من الأخبار المرتبطة به. يركّز هذا الفصل على دواعي فخر الروم ومنجزاتهم واكتشافاتهم، ووصف لبعض مدنهم، وذكر مَن قدم من هذه المدن. يحاول المصنّف الإيحاء بالتقارب بين العرب والروم، إذ تُنسب إلى الروم بحسب المصنّف طوائف من العرب من تنوخ وغسّان ولخم وجذام وعاملة وغيرهم، ويخصّ بالذكر صهيبًا الروميّ (ت 38/659) ويورد الأخبار في قصّة إسلامه.
ينتقل المؤلّف بعد ذلك إلى ذكر أسلاف بايزيد ومديح مدينة إستانبول، معدّدًا الأعمال المعماريّة التي أُنجزت في عهده. ثمّ يتطرّق إلى الحروب التي خاضها. يلي ذلك قسم في مناقب السلطان كإحسانه للفقراء، وتقريبه للعلماء، ونهجه في الحكم. كما ينوّه المؤلّف باهتمام بايزيد بالعلوم العقليّة والنقليّة وعلم الفلك، وبإجادته للنثر والشعر.
يتميّز الكتاب بالتسلسل المنطقيّ والتدرّج في أبوابه، إذ يفضي الواحد منها إلى الآخر. فالباب الأوّل "في مناقب السلطان بايزيد ومآثر سلفه السعيد" وهو "نتيجة المقدّمة." يبدأ المصنّف في هذا الفصل بالحديث عن دولة بني عثمان وسلالتهم التي يقع السلطان بايزيد فيها "موضعَ الواسطة من عقود ملوكهم." ويفصّل المصنّف الأقوال المختلفة في نسب السلالة ويورد رأيًا – سيكرّره لاحقًا – وهو أنّهم ينتسبون إلى الخليفة الراشديّ الثالث عثمان بن عفّان (حكم 23–35/644–656)، وأنّ أصلهم من الحجاز (المدينة المنوّرة أو مكّة). يقول المصنّف في هذا الباب:
أخبرني بعض فضلاء الروم الواردين إلى المدينة الشريفة أنّ نسبهم الشريف يتّصل بكسرى أنوشروان وأنّ هذا شائع بين أهل الروم، وأخبرني بعض أهل المدينة الشريفة أنّ نسبهم ينتهي إلى عثمان بن عفّان رضي الله عنه. والذي ذكره الحافظ السخاويّ أنّ أصلهم الكريم من مدينة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأنّ جدّهم عثمان الأعلى هو المنتقل [...].
ونراه يكرّر هذا الرأي في الباب الثاني:
قلت: فإن صحّ قول من يقول إنّ بني عثمان من ذرّيّة عثمان بن عفّان رضي الله [عنه] فإنّهم من أهل البيت على قول الإمام أحمد بن حنبل وجماعة من العلماء إنّ قريشًا كلّهم من أهل البيت وعثمان رضي الله عنه من بني عبد مناف، فإنّ هاشم وعبد شمس ولدا عبد مناف جدّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
يفصّل المصنّف في الباب الأوّل الحديث عن أجداد السلطان بايزيد من السلاطين، فيتحدّث عن استتباب الملك لهم وتحلّيهم بالكرم والعدل وإكرامهم العلماء وعمارتهم المساجد والمدارس وجهادهم.
بعدها يبدأ المصنّف بذكر خبر السلطان بايزيد الثاني، فيعزو إليه جميع خصال السلاطين السابقين الحميدة. وبحسب هذه الأخبار، فقد ظهرت نجابة السلطان بايزيد من صغره، وصار عند تولّيه الملك ملاذًا للجميع. ويورد المصنّف أخبارًا عن طلب السلطان بايزيد للعلم، والكتب التي قرأها، ويذكر جمعه للعلماء من حوله وإكرامه لهم. يلي ذلك فصل في ذكر كرم السلطان، وهنا يرسم المصنّف صورةً للسلطان الكريم تكاد تكون نمطيّة، غير أنّ ما يميّزها هو الحديث عن كرمه تجاه أهل الحرمين الشريفين، فيقول:
وأمّا إحسانه وبِرّه بالخصوص لأهل الحرمين الشريفين، وسكّان المحلّين المنيفين، فأمر لم يُعهد مثله لملكٍ من ملوك الإسلام، فيما سلف من الدهور والأيّام، [...] فإنّه لمّا أفضى الملك إليه، وصار المُعوَّل في الأمور عليه، جعله الله باقيًا فيه وفي عقبه، ووصل سبب الخيرات بسببه. صرف همّته الشريفة إلى النظر في أوقاف سلفه إليهم، وفيما أضافه من صدقاته المضاعفة عليهم، راجيًا بذلك من الله جزيل الثواب، وعظيم الأجر والاحتساب. وصار يرسل إلى أهل الحرمين الشريفين في كلّ عامٍ مالًا جزيلًا يشترك فيه الخاصّ والعامّ، ويتناول منه أمراء الحرمين الشريفين ما جرت عادتهم به، ويختصّ العلماء، والقضاة، والنظّار، والفقهاء، ومشايخ الحرم الشريف النبويّ وخدّامه، وأرباب الوظائف بهما من الأئمّة، والخطباء، والمؤذّنين، والفرّاشين، والوقّادين، والبوّابين بجملة. ويعمّ معظم الناس من أهل السنّة والواردين والمجاورين من الغرباء، وزيادةً على ما يرسله من أوقافه وأوقاف آبائه ما رتّبه، بارك الله في حياته، من المرتبات السنيّة بالمدينة الشريفة بالمسجد الشريف من قراءة قرآن، وحديث، ودروس على الأربعة مذاهب في كلّ يوم، وقدّر على ذلك مرتبات سنيّة تُحمل في كلّ سنة لأرباب الوظائف المذكورة. وفوق هذا مرتبات حسنة من خالص ماله بأسماء الجماعة في غير عمل، لكلّ إنسان منهم نحو مائة دينار فما دونها تُحمل إليهم في كلّ سنة أيضًا. وجلّ اعتماد أهل الحرمين الشريفين الآن على ما يصل إليهم من صدقاته وكريم صلاته بحيث ضعف ما يصل إليهم ممّا عدا بلاد الروم.
ينتقل المصنّف بعد ذلك إلى وصف مركز دولة السلطان بايزيد، إستانبول، فيفصّل الحديث عن سبب اختيارها مركزًا للدولة وصفاتها الطبيعيّة وانعكاس ذلك على ازدهارها الفكريّ والحضاريّ، كما يتحدّث عن صفة سكّانها. يلي ذلك فصل عن المباني التي بناها السلطان بايزيد في المدن المختلفة من مدارس ومارستانات وحمّامات ومساجد وجسور. يليه فصل عن جهاد السلطان بايزيد وفتوحاته، يسوق فيه المصنّف عددًا كبيرًا من الأحاديث النبويّة التي تحثّ على الجهاد، ويعدّد إنجازات السلطان في هذا المجال. يليه فصل في حسن سيرة السلطان وعدله وحلمه وسياسته وفضله، يفصّل المصنّف فيه خصال السلطان بايزيد الحسنة. ويورد المصنّف هنا رسالة طويلة كتبها الطاهر بن الحسين الخزاعيّ (ت 207/822) إلى ابنه عبد الله حين ولّاه المأمون العبّاسيّ (حكم 198–218/813–833) مصر. بعد ذلك ينتقل المصنّف إلى ذكر أولاد السلطان بايزيد ليصل بعدها إلى الباب الثاني.
يخصّص المصنّف الباب الثاني من الكتاب لذكر طرف من أخبار الروم يصل فيه بين "ملوك بني عثمان" و"ملوك الروم،" فيبدأ بذكر الإسكندر ذي القرنين، ويتكلّم في الحرب بين الروم والفرس، وأخبار هرقل، وذكر الهدايا والمراسلات بين ملوك الإسلام وملوك الروم في الحرب والسلم والمهادنة.
أمّا الباب الثالث والأخير فمخصّص لخبر القسطنطينيّة وما يتّصل بها من بعض مدن الروم المشهورة. يورد المصنّف الأسماء المختلفة للقسطنطينيّة، وسبب تسميتها وبنائها، وعمارتها، ووصفها، وخبر دفن أبي أيّوب الأنصاريّ (ت نحو 52/672) فيها، وفي أنّ فتحها من أشراط الساعة. يورد المصنّف هنا بعضًا من تاريخ الصراعات البيزنطيّة العربيّة ومنها حكاية فتح المعتصم العبّاسيّ (حكم 218–227/833–842) لعمّوريّة. يصف المصنّف كذلك هرقلة، ورومة وإقامة البابه فيها، وسردانية، وطليطلة.
نرى أنّ صوت ابن العُليف بصفته المؤلِّف حاضرٌ في الكتاب عند تعليقاته وعند تخلّصه من باب إلى آخر، ولكنّ هذا الصوت يغدو جليًّا في خاتمة الكتاب. يختم ابن العليف كتابه في مناقب السلطان بايزيد بقصيدة رائيّة مدحيّة طويلة تقع في 73 بيتًا من البحر الطويل، وهو يُعلّل اختياره لخاتمة شعريّة بولعه بالآداب عامّة وبأنّ الشعر "زبدة محضها، وحلبة ركضها، وثمرة نَورها، ووردة زهرها، لأنّه حليّ اللسان، وحلية الإنسان، وروضة النفس، وفاكهة الكلام، وفخر الملوك، وغوث الصعلوك." وهو يسوق عددًا من الأحاديث الشريفة والآثار التي تحثّ على نظم الشعر والاستماع إليه، مشدّدًا على دور الشعر في مديح السلطة:
فما زالت الخلفاء، والملوك، والأمراء، والوزراء، والأكابر يستدعون الشعراء لمديحهم ويثيبونهم على المديح أجلّ مثوبة، ويفتخرون بذلك ويعدّونه من المآثر الباقية والمفاخر السامية، كلّ ذلك تخليدًا لمناقبهم وحرصًا على بقاء ذكرهم.
لكنّ خبرًا يسوقه ابن العُليف من كتاب العمدة لابن رشيق (ت 456/1063-1064 أو 463/1071) يُنبئ بأكثر من ذلك:
وقيل لسعيد بن المسيّب رحمه الله إنّ قومًا بالعراق يكرهون الشعر فقال: نسكوا نسكًا أعجميًّا.
إذن من يكره الشعر أعجميّ النسك، وبالتالي فإنّ مدح السلطان بايزيد بالشعر يوحي بنُسكه العربيّ ويزيد من أهليّته لقيادة العرب. تنظم القصيدة المعاني نفسها المبثوثة في ثنايا الكتاب. وتبدأ بحنين الشاعر إلى أحبابه الذين نأت بهم الديار بعيدًا منه، ورغم هذا البعد فإنّه يراهم بضميره وفكره (الأبيات 1–6). وهو يشتاق أرضهم السهلة المباركة التي تأخّر عن زيارتها (7–12). ونراه يسأل الركبان أن يوافوا بُرصا وبعدها إستانبول ليصلوا إلى دار الملوك ويطلب منهم تقبيل ثراها (13–17). يبدأ الشعر بعد ذلك في وصف خصال "بايزيد الخير" (19)، فهو شريف المساعي (18)، نافذ النهي والأمر (18)، حمى بيضة الإسلام (19)، وأباد الطواغيت والكفر (20)، وجاهد في الله حقّ الجهاد (21)، وفتح البلاد (22)، سيرته في العدل أكرم سيرة (23)، وأيّامه غرر (24)، له هيبة (25)، أطاع له من بين روم وفارس (26)، هو البحر (29)، والبدر (30)، والليث (31)، والغيث (32)، والسيف (33). يصفه الشاعر بعد ذلك بأنّه سليل بني عثمان (34) منتقلًا بذلك إلى مدح السلالة (34–40)، ولكنّ الشاعر يؤكّد على أنّ السلطان بايزيد وإن اشترك معهم في لفظ الملك فإنّه يتعالى عنهم جميعًا رفعةً وجلالة وذاتًا وأوصافًا (42–44)، وهو كلّما دنا تواضعًا زاد سموًّا (45)، وزهت به أرض الروم ملاحةً (46) وملأ قلب العدوّ مهابةً (47). فهو ابن عثمان الذي سار ذكره (49)، همام جواد ملقى رجال الحمد والمدح والشعر (50)، ومحطّ ركاب الآملين (51)، ملك الإسلام (52). يركّز الشاعر في ختام قصيدته على جود السلطان (53–56)، فيمينه تروي عن يسار ونائل ووجهه يروي في البشاشة (56)، وهو بكرمه هذا قد علّم الآخرين الشكر (57). ونرى الشاعر هنا يصرّح بطلب النوال لجبر صدع نفسه الكسيرة (58–59). فالمدح عزيز عليه في غير السلطان (60). وهو يطلب من السلطان مقابلة الشكر بمثله وتحقيق رجاء الشاعر (61–62)، ويدعو له في البيت الأخير بدوام التوفيق والعزّ والنصر (63).
أمّا بالنسبة لمصادر الكتاب فقد اعتمد ابن العُليف على عددٍ كبير من الكتب المتوفّرة لديه، منها على سبيل المثال: عرائس المجالس للثعلبيّ (ت 427/1036)، والآثار الباقية للبيرونيّ (ت 440/1048)، ومروج الذهب للمسعوديّ (ت 346/957)، ووفيات الأعيان لابن خلّكان (ت 681/1282)، والروض المعطار لابن عبد النور[25] (ت. الربع الأوّل من القرن الثامن/الرابع عشر)، والمنتظم لابن الجوزيّ (ت 597/1201)، والمجالسة للدينوريّ (ت 333/944)، ودرر العقود الفريدة للمقريزيّ (ت 845/1442)، وغيرها. ولكنّنا نراه متنبّهًا إلى قصور هذه المصادر. ونسوق هنا فقرة تدلّ على منهجه في استعمال المصادر المتاحة له:
واعتمادي على ما حرّرته في هذه الأوراق من التراجم وغيرها من الحوادث والوقائع على بعض كتب المؤرّخين التي اطّلعت عليها، ومن ذكر القربات التي سقتها على ما أخبرني به من يترجّح عندي صدقه من فضلاء الروم الواردين علينا، مع علمي أنّ كلًّا منهم غير موفٍ بالمقصود ولا مؤدٍّ للأحوال على حقيقتها، إمّا لعدم اطّلاعه وتصدّيه لذلك، أو قصور عبارته، أو جهله [...].
مخطوط فاتح 4357، ورقة 1أ
مخطوط فاتح 4357، ورقة 117ب–118أ
تحقيق الكتاب
لقد حاولنا جهدنا في تحقيق الكتاب أن نضبط النصّ على نحوٍ منهجيّ. وإلى ذلك خرّجنا المادّة النثريّة والشعريّة حيثما أمكن ذلك وزدنا أوزان الشعر. وكذلك ألحقنا بالكتاب فهارس بالآيات القرآنيّة، ومتون الحديث، والأعلام، والأمم والقبائل والجماعات، والأيّام والغزوات، والبلدان والمواضع، والأشعار.
[1] للمزيد عن معركة مرج دابق ودخول العثمانيّين الشام ومصر في هذه الفترة عمومًا، انظر:
Abdulrahim Abu-Husayn (ed), 1516: The Year that Changed the Middle East.
انظر أيضًا:
Michael Winter, “Egypt and Syria in the Sixteenth Century.”
[2] انظر ترجمة السلطان بايزيد الثاني في ابن حجر العسقلاني، إنباء الغمر 5/128؛ وابن تغري بردي، النجوم الزاهرة 12/217 و267؛ والسخاوي، الضوء اللامع 11/148؛ والصيرفي، نزهة النفوس والأبدان 1/334 و365 و390 و2/149؛ والسيوطي، حسن المحاضرة 1/160؛ والشوكاني، البدر الطالع 1/60؛ والمقريزي، درر العقود الفريدة 1/439.
[3] لمثل هذه المساءلة لمقولة الانحطاط، انظر:
Khaled El-Rouayheb, Islamic Intellectual History in the Seventeenth Century: Scholarly Currents in the Ottoman Empire and the Maghreb; Muhsin J. al-Musawi, The Medieval Islamic Republic of Letters: Arabic Knowledge Constructions.
انظر أيضًا:
Dana Sajdi, “Decline, Its Discontents and Ottoman Cultural History: By Way of Introduction.”
Muhsin J. al-Musawi, The Medieval Islamic Republic of Letters: Arabic Knowledge Constructions;
وانظر مراجعة توماس باور للمجلّد المخصّص للأدبين المملوكيّ والعثمانيّ ضمن سلسلة كمبردج للأدب العربيّ:
Thomas Bauer, “In Search of ‘Post-Classical Literature’: A Review Article.”
[5] انظر مقالة حاجي عثمان غندز التي يناقش فيها الإطار العامّ لمفهوم الانحطاط وسياقه في الدراسات العربيّة الحديثة:
Hacı Osman Gündüz, “Ottoman-Era Arabic Literature: Overview of Select Secondary Scholarship.”
[6] انظر:
Helen Pfeifer, “Encounter after the Conquest: Scholarly Gatherings in 16th-Century Ottoman Damascus”; Helen Pfeifer, Empire of Salons: Conquest and Community in Early Modern Ottoman Lands.
[7] انظر:
Adam Talib, How Do You Say “Epigram” in Arabic?.
[8] انظر:
Hacı Osman Gündüz, “Ottoman-Era Arabic Literature: Overview of Select Secondary Scholarship,” 117–118.
[9] يشير غندز إلى استثناءات منها مجلس السلطان المملوكيّ قانصوه الغوري (حكم 906–922/1501–1516)، ومجالس قضاة دمشق.
[10] انظر على سبيل المثال مدح ابن سلطان (ت 950/1544) للسلطان سليم الأوّل:
Kristof D’hulster, “Caught Between Aspiration and Anxiety, Praise and Exhortation: An Arabic Literary Offering to the Ottoman Sultan Selīm I.”
وانظر مديح ماميه الروميّ (ت 985–7/1577–9) للسلاطين العثمانيّين:
Hacı Osman Gündüz, “Between Lamenting Vicissitudes of Life and Celebrating Ottoman Authority in the Sixteenth Century: Māmayya al-Rūmī’s (d. 985–7/1577–9) Times and Poetry.”
[11] انظر:
Thomas Bauer, “Mamluk Literature: Misunderstandings and New Approaches,” 108.
وكذلك:
Hacı Osman Gündüz, “Between Lamenting Vicissitudes of Life and Celebrating Ottoman Authority in the Sixteenth Century,” 318.
[12] السباعي، تاريخ مكّة: دراسات في السياسة والعلم والاجتماع والعمران، 342 و392.
[13] السباعي، تاريخ مكّة: دراسات في السياسة والعلم والاجتماع والعمران، 393–394.
[14] انظر دراسة ياسر محمّد غريب عبد السلام، ديوان ابن العليف (851–826/1447–1520): تحقيق ودراسة، 54 وما بعدها.
[15] وانظر: خير الدين الزركلي، الأعلام، 1/117؛ وعمر كحّالة، معجم المؤلّفين: تراجم مصنّفي الكتب العربيّة، 1/208.
[16] انظر نماذج عن هذه القصائد في دراسة ياسر محمّد غريب عبد السلام، ديوان ابن العليف (851–826/1447–1520): تحقيق ودراسة، 66–67.
[17] انظر مثلًا حاجّي خليفة، سلّم الوصول إلى طبقات الفحول، 1/141، وابن العماد، شذرات الذهب، 10/124، وكذلك يرى ياسر محمّد غريب عبد السلام، ديوان ابن العليف (851–826/1447–1520): تحقيق ودراسة، 68.
[18] نجم الدين الغزّيّ، الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة، 1/123.
[19] كتاب ألغاز ابن العُليف وحلّها الموجود في معهد الثقافة والدراسات الشرقيّة في جامعة طوكيو في اليابان 2417 (ورقة 36ب–49ب)، وهو لبدر الدين حسين بن عيسى بن محمّد والد ابن العُليف مؤلّف الدرّ المنظوم.
[20] انظر موضوعات شعر ابن العُليف في أطروحة الدكتوراه للباحث ياسر محمّد غريب عبد السلام، ديوان ابن العليف (851–826/1447–1520): تحقيق ودراسة، 73–118، وانظر أيضًا الدراسة الفنّيّة لشعره في المصدر نفسه، 121–214.
[21] انظر
T. Rasmussen Stig, De Orientalske Samlinger-The Oriental Collections, 332.
[22] انظر
Wilhelm Ahlwardt, Verzeichnis der arabischen Handschriften, 7/109.
[23] انظر:
Bruce Masters, The Arabs of the Ottoman Empire, 1516–1928: A Social and Cultural History, 13.
[24] انظر:
Cemal Kafadar, “A Rome of One’s Own: Reflections on Cultural Geography and Identity in the Lands of Rum,” 11.
[25] نسبة الكتاب شائكة، وقد نسبه إحسان عبّاس في مقدّمته للكتاب إلى محمّد بن عبد المنعم الحميريّ؛ وانظر: أحمد الباهي، "حول هويّة ابن عبد المنعم الحميريّ مؤلّف كتاب: الروض المعطار،" وفيه نقاش حول نسبة الكتاب لابن عبد المنعم بن عبد النور الحميريّ.
نبذة
بلال الأرفه لي، باحث وأكاديمي لبناني، أستاذ كرسي الشيخ زايد للدراسات العربيّة والإسلاميّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت وأستاذ زائر في جامعة نيويورك أبوظبي. متخصّص بالأدب العربيّ والإسلاميّ، والقرآن، والتصوّف.
اعتنى الأرفه لي بالمخطوط الإسلاميّ وتاريخه وحقّق عشرات الكتب التي أثرت المكتبة العربيّة والعالميّة. من كتبه: مقامات بديع الزمان الهمذانيّ: التأليف والنصّ والسياق (رايخرت، 2022) وفن الاختيار: أبو منصور الثعالبي وكتابه يتيمة الدهر (بريل 2016). له عدد من المقالات حول تاريخ نصّ مقامات بديع الزمان الهمذاني، وأخرى عن علاقة الحديث الشريف بالتصوّف الإسلامي، وعلاقة القرآن الكريم بالأدب العربي، وعلاقة الفقه الإسلاميّ بالأدب، وعلاقة النحو العربي بالأدب العربي.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها