الأحد 2023/04/02

آخر تحديث: 12:41 (بيروت)

بابلو بيكاسو ما زال يكتسح المزادات..وأعماله تحتفظ بأرقامها القياسية

الأحد 2023/04/02
بابلو بيكاسو ما زال يكتسح المزادات..وأعماله تحتفظ بأرقامها القياسية
increase حجم الخط decrease
في مناسبة ذكرى مرور نصف قرن على وفاة الفنان الإسباني بابلو بيكاسو، يقام نحو 40 معرضاً حول العالم لإظهار الرسام التكعيبي بمختلف أبعاده. وقال أوليفييه ويدماير بيكاسو، حفيد الرسام الشهير، في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، إن "بيكاسو يأكل كل شيء ويبدو أننا ما زلنا جائعين". وأعرب عن ذهوله "إزاء عدد أمناء المتاحف والمؤرخين والعلماء الذين يواصلون البحث عن زوايا للدراسة".

 موضوعات كثيرة تعالجها الأنشطة المختلفة المقامة لمناسبة "سنة بيكاسو" في فرنسا وإسبانيا. وهو(اي بيكاسو) لا يزال "متفوقاً على الجميع"، بحسب الرئيس الفخري لمركز "بومبيدو" في باريس، برنار بليستين، الذي أشاد على غرار غيره من المتخصصين، بـ"عبقرية" صاحب الكثير من الأعمال الأيقونية بينها "غيرنيكا" و"آنسات أفينيون". وأوضح لوكالة "فرانس برس"، أن "القوة المدمرة لعمل بيكاسو مقارنة بعمل الآخرين، والاختراع الدائم، وعبور كل التيارات العظيمة للحداثة، والتجارب الممتدة على أكثر من 80 عاماً (استمر بيكاسو في الرسم حتى وفاته عن 91 عاماً)، الرغبة في إثارة الإعجاب والاستياء على السواء.. كل هذا لا مثيل له".


وقال إيمانويل جيجون، مدير متحف بيكاسو في برشلونة، إنه بعد مئات المعارض المخصصة له، يظل الرسام مصدراً "لا ينضب" للمتاحف.

لكن مع حركة "مي تو" (أنا أيضاً)، تلطخت صورة هذا العملاق في فن الرسم من خلال اتهامات بـ"كراهية النساء والعنف" ضد شريكات حياته السابقات. وحركة "مي تو"، وسم  انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم في تشرين الأول 2017، لإدانة التحرش وكل أنواع العنف ضد النساء على خلفية التهم التي وجهتها عشرات النساء لمنتج أفلام هوليوود البارز هارفي واينستين. وثمة حملات نسوية أخرى طاولت أدباء مثل نيرودا وهمنغواي واتهما بالاغتصاب والذكورية.


وتأمل الأمينة السابقة لمتحف بيكاسو، إميلي بوفار، أن تكون هذه الذكرى بمثابة "بداية لمسار خلاصي" بشأن طريقة التعامل في الأمور المتعلقة بهذا الفنان "الشعبي" الذي "جسد التزاماً نواصل الحديث عنه وقدم نفسه كرجل قريب من الجميع وكان فعلاً كذلك".
 
 
وأضافت أن "(مي-تو) هزت الركود القائم وهذا أمر جيد"، مطالبة بضرورة "يجب أن نتوقف عن الحديث عن النساء اللواتي مررن بحياته كملهمات. فقد انتحر بعضهن، وغرق بعضهن الآخر في الجنون. كانت فرنسواز جيلو الوحيدة التي نجحت في الخروج من العلاقة بسلام، وهي وحدها التي تركته". هذه الرسامة المقيمة حالياً في الولايات المتحدة، وصفت بيكاسو في كتاب بعنوان "حياتي مع بيكاسو" نُشر عام 1964، بأنه "كائن مستبد ومتطيّر وأناني". وهي التقت به عام 1943 وربطتها به علاقة حبّ، عاشا خلالها معاً حوالي عشر سنوات، وأنجبت منه طفلين، وذلك على الرغم من فارق السن بينهما، إذ كان بيكاسو يكبرها بأربعة عقود.


وتابعت بوفار: "إلى جانب ذكوريته، فإن بيكاسو هو الشخص الذي استولى على الأشياء والكائنات وتملَّكَها بمشاعر من المعاناة والألم. كان مهتماً بالأسئلة القديمة عن الذات والعنف المرتبط بشجاعة معينة لكنه تسبب في معاناة لمن حوله. تناول هذه المسألة يعني التحدث بشكل مختلف ولكن بدقة عن بيكاسو".

"العنف" و"الجنس في الفن" موضوعان تم تناولهما خلال سلسلة محاضرات في باريس، بينما سيبدأ معرض عن بيكاسو والنسوية في متحف بروكلين في نيويورك في حزيران المقبل، وثمة أيضاً متحف مخصص لبيكاسو في باريس، وهو موقع أقل إثارة للجدل وأكثر احتفالية جرى تحويله على يد المصمم البريطاني بول سميث.
وهذا الأمر بمثابة "رهان" لمديرة المتحف سيسيل دوبريه التي تقود مؤسستها الاحتفالات في فرنسا. وتشير دوبريه إلى أن الهدف من هذا المعرض "الانفتاح على المناقشات والتفكير في بيكاسو من أجل إعادة قراءة أعماله وإظهار حيويته".

بالإضافة إلى المعارض، يتم التخطيط لتنظيم عدد كبير من المؤتمرات هذا العام، فضلاً عن الافتتاح في الخريف لمركز أبحاث في باريس، بالقرب من متحف بيكاسو، وندوة دولية في الوقت نفسه في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) في باريس.


الرقم القياسي
ويحوز بيكاسو الرقم القياسي على صعيد عدد المزادات العملاقة، أياً كانت العتبة المحددة لتعريف المزاد العملاق. فقد بيعت خمسة من أعماله بأكثر من مئة مليون دولار، و16 منها بيعت بأكثر من 50 مليوناً، و39 عملاً بأكثر من 30 مليون دولار، وفق قاعدة بيانات تعتمدها وكالة فرانس برس. ولم يحقق أي فنان آخر مثل هذه النتائج.

وأغلى لوحات بيكاسو في المزادات هي "نساء الجزائر" التي رُسمت سنة 1955 وبيعت في مقابل 179,4 مليون دولار في 11 أيار/مايو 2015 خلال مزاد لدار كريستيز في نيويورك، ما يوازي خمسة أضعاف السعر الذي دفعه بائع اللوحة الذي اشتراها سنة 1997 في مقابل 31,9 مليون دولار.


وشكّل هذا الحدث عند إقامته في أيار 2015، أكبر مزاد فني في التاريخ، قبل أن يطيح به في تشرين الثاني 2017 المزاد على لوحة "سلفاتور موندي" المنسوبة لليوناردو دا فنتشي، والتي بيعت بمبلغ 450 مليون دولار، وهو رقم لم يتم تخطيه مذاك.
وخلال السنوات العشرين الأخيرة، حققت لوحتان أخريان من أعمال بيكاسو، خلال فترة بيعهما الرقم القياسي لأغلى عمل في تاريخ المزادات: بداية مع "الصبي والغليون" التي بيعت في مقابل 104,2 مليون دولار واحتفظت بلقب العمل الأغلى في تاريخ بين أيار 2004 وشباط 2010، إلى لوحة "عارية وأوراق خضراء وتمثال" التي بيعت في مقابل 106,5 مليون دولار واحتفظت باللقب بين أيار 2010 وأيار 2012، وفق قاعدة بيانات وكالة فرانس برس.
ومع احتساب كل المزادات مجتمعة، حققت مبيعات أعمال بيكاسو مبلغ 4,7 مليارات دولار خلال السنوات العشر الأخيرة، وفق بيانات جُمعت بالاعتماد على تقارير سنوية أصدرتها مجموعة "آرت برايس".

وهنا أيضاً، حقق بيكاسو ما لم ينجح في تحقيقه أي فنان آخر، بفارق كبير عن صاحبي المركز الثاني أندي وارهول (3,4 مليارات دولار) والثالث كلود مونيه (2,6 مليار دولار).

ولا يقتصر نتاج بيكاسو على اللوحات، بل يشمل أيضاً منحوتات ورسومات وأعمال خزفية ونقوشاً وطباعة حجرية وكتباً مصورة وأزياء لرقص الباليه... وقد بيعت أعماله 31 ألفاً و745 مرة في المزادات خلال عشر سنوات، أي بمعدل أكثر من ثلاثة آلاف عمل سنوياً.

وفي السياق، أزيلت في متحف في ميونيخ لوحة لبيكاسو بعد تدخل وزارة الثقافة الألمانية مؤخرًا بعد استمرار أزمة ملكيتها المتنازع عليها. وقالت وزيرة الثقافة كلوديا روث لصحيفة Süddeutsche Zeitung البافارية: "إنني أدعو حكومة ولاية بافاريا صراحةً إلى تمهيد الطريق أخيرًا لمجموعات الرسم في ولاية بافاريا للموافقة على مناشدة اللجنة الاستشارية، لقد تأخر هذا بالفعل الآن". وحاولت لجنة ليمباخ وهي هيئة أنشأتها الحكومة تتولى عمليات الاسترداد، التدخل في النزاع حول لوحة مدام سولير.

وتعدّ إزالة لوحة "مدام سولير" لبيكاسو من العرض العام في المتحف هي أحدث تطور في نزاع طويل ومرير بين ورثة جامع الأعمال الفنية بول فون مندلسون بارتولدي ومجموعات اللوحات الفنية في ولاية بافاريا التي اشترت اللوحة في العام 1964، إذ مازال الطرفان مختلفان حول ما إذا كانت اللوحة قد بيعت تحت الإكراه خلال صعود النازيين في ألمانيا.


"نظرة مدام سولير خطيرة ويقظة ومركزة". كانت هذه النظرة الشديدة هي الطريقة التي أسر بها بيكاسو زوجة صديقه، الخياط بينيت سولير، في العام 1903، خلال ما سُمي المرحلة الزرقاء.

ونفى المتحف البافاري مرارا، أن تكون من الأعمال الفنية المسروقة منذ أن نقلها مالكها الجامع بول فون مينديلسون بارتولدي عبر الحدود السويسرية إلى تاجر فنون في أوائل الثلاثينيات وسط تصاعد معاداة السامية.



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها