جان داود...في يوم المسرح أسألك: هل غيّرتَ العالم؟

في اليوم العالمي للمسرح وفي كل يوم، أسائل نفسي وأسألك: هل غيّرت العالم؟ هل تمكنت من نشر اللاعنف؟ هل أوقفت الحروب؟ هل أوقفت الفساد؟ هل زرعت في النفوس حُب الجميل؟ هل نشرت القداسة المدنية؟ هل أزلت من القلوب الضغينة؟ هل أزلت منها الطائفية والعنصرية؟ هل أزلت الفجور من طباع الناس؟ هل أزلت الحزن من مآقي الأطفال والنساء والأمهات والآباء؟

هل علّمك المسرح شجاعة المواجهة: مواجهة الطغاة، مواجهة المستكبربن، مواجهة الظالمين، مواجهة المنافقين، مواجهة الجهل والإفقار والتجهيل والاستغلال؟ مواجهة سارقي العقل والأرض وكان ما كان وليس من حقهم؟ هل درّبك المسرح على المواجهة بمحبة ونُبل؟ هل أزلت بالمسرح الحقد وأحللت في القلوب - بدءا بقلبك -المحبة النبيلة؟ هل ارتقيت بالفن إلى مرتبة الفن الصافي؟ هل تعلمت الانحناء للمبدع الآخر؟ هل علّمك الإبداع أهمية التواضع؟ هل بنى لديك المسرح فلسفة حياة، وطَبَّعَك بالإيجابية في الحياة فبنيت بالمسرح السلام؟ هل علّمك المسرح أن تفرح بكلّ إبداع وكأنّه منك وبفرح كلّ آخر كأنّه فرحك؟

هل تمكنت من الحفاظ على تلك الإشراقة الساحرة في العيون النابضة بالحياة، تأتي إلى عالم المسرح للدراسة، للبحث في الحياة، لزرع الفرح، لنشر السعادة، لإعمار النفوس؟ هل حرّضت بصائر وعقول طلابك على مزيد من الأسئلة ولم تفرض عليهم إجابتك أنت؟ هل تعلّمت من شغفهم وهمومهم وبحثت معهم عن إبداعات جديدة وعن فنّ زراعة المعنى؟ هل أنتجت معرفة عبر المسرح؟ هل رفضت الظهوريّة؟ هل رفضت النفعية المادية؟ هل رفضت موقعاً ليس لك؟ هل رفضت موقع المربي إنْ أنت غير منتج للمعرفة؟ هل نجحت في تعزيز وتثمير براعم إبداعية راغبا في تفوّقها عليك؟ هل نجحت في تخطّي إقصاء مبدعين آخرين من أجل دور لك؟

إنْ كنت قد أبدعت وتألقت، لك احترام. وإنْ مارست المهنة بمسؤولية، لك احترام. أمّا إنْ لم تحقّق بعض ما أشرنا إليه فقد تكون محترِفاً في أفضل حال، ومعطاءً في أفضل حال، وتستحقّ تكريماً بأفضل حال وفي أفضل حال. إنّما ما زال في انتظارك اكتشاف الحياة الكامنة في جوهر المسرح وغايته. ذاك مسرحي، أردت منه الصّفاء الإنساني والقداسة المدنية والبحث عن مطلق الإنسان في الجميل وبه. الأحبّة من أهل المسرح، دمتم رسالة.
_______________

(*) جان داود: بروفسور في الجامعة اللبنانية