الإثنين 2023/02/13

آخر تحديث: 13:23 (بيروت)

في ذكرى ميلادها... شادية تزيل بنفسها التباسات بداية المشوار

الإثنين 2023/02/13
increase حجم الخط decrease
على الرغم من أن تجربة الفنانة شادية (1931 – 2017) هي ابنة القرن العشرين، فإن أشد ما يدهش المتابعين لسيرة حياتها تلك المغالطات أو الالتباسات التي صاحبت بداياتها في الحياة والفن على السواء، من تاريخ ميلادها، وصولاً إلى فيلمها الأول، ومروراً بمكتشفها الفعلي ومن قدمها للحياة الفنية وقصة اختيار اسمها الفنّي...

ولئن كان هناك اتفاق على أنها من مواليد شهر شباط/ فبراير1931، فإن غالبية من تعرضوا لسيرة حياتها بما في ذلك موقع "ويكيبيديا" الشهير، يشيرون إلى أنها من مواليد الثامن من هذا الشهر، بل إن محرّك البحث "غوغل" دأب طوال السنوات الماضية على الاحتفال بميلاد شادية في الثامن من شباط، وواقع الأمر أنها من مواليد التاسع من الشهر ذاته. وتتوالى الالتباسات المتعلّقة بنشأة شادية، إذ تشير المصادر إلى أنها من مواليد حي عابدين في وسط القاهرة، وأنها تعلّمت في مدارس هذا الحي العتيق، بل هناك من ذهب إلى أنها من مواليد لبنان، لكن الفنانة الراحلة تزيل هذا اللبس لمن يبحثون عن الدقة حين تقول في ردها على قراء مجلة "الإذاعة" في 11 آب/أغسطس 1956، ومنهم القارئ عصمت توفيق عبد الغني، الذي سألها عن محل ميلادها وهل هو في لبنان، فقالت إنها من مواليد حيّ الحلمية الجديدة في مدينة القاهرة. وفي إجابتها على سؤال القارئة سوسن حسن من حيّ الدقي في القاهرة، عن تاريخ ميلادها والمدارس حيث تعلّمت، أجابت شادية بأن تاريخ ميلادها هو 9 فبراير 1931، وأنها تلقّت تعليمها الأولى في مدرسة شبرا الابتدائية للبنات، وأن والدها – وهو مصري – كان يعمل اختصاصياً بيطرياً في تفتيش الخاصة الملكية بإنشاص، بينما كانت أمها تركية الأصل تتحدث العربية بصعوبة...

قصة حياتي
هذه الحقائق ذاتها التي كانت شادية قد أشارت إليها بشيء من التفاصيل حين كتبت لمجلة "الكواكب" مقالاً بعنوان "قصة حياتي" بتاريخ الخامس من كانون الثاني/ يناير 1954 قالت فيه:
"أنا مصرية الأب.. تركية الأم.. قاهرية المولد.. ولدت في الحلمية الجديدة أيام كانت تحتل مقام غاردن سيتي أو الزمالك العام 1931.. وانتقلت أسرتنا بعد ذلك إلى إنشاص، وقد تلقيت دروس الروضة فيها وكانت الأسرة تنتقل إلى القاهرة بين الحين والحين، لكنها لم تستقر فيها نهائياً إلا عندما التحقت مع شقيقاتي في المدرسة الابتدائية". ثمّ تكشف في هذا المقال أن موهبتها في الغناء قد تفتحت أولاً أثناء دراستها قبل أن تجذبها هواية التمثيل وتمارسه هي وشقيقاتها حتى في المنزل، غير أن أهم ما يزيله هذا المقال من التباس هو ما يتعلّق بمكتشفها الحقيقي الذي وضع يدها على الطريق الصحيح بعدما نجح في إقناع والدها بقوة موهبة ابنته.

وقالت شادية: "وحدث يوم شم النسيم من العام 1944 أن خرجت مع الأسرة إلى الحدائق نلهو كما يلهو الناس في يوم الربيع، وكان معنا المطرب التركي الأستاذ منير نور الدين، وقد قالت له إحدى شقيقاتي إني أجيد الغناء، فطلب مني أن أغني ولكني رفضت لأن أبي كان موجوداً وكنت أخشى أن يشيلها لي، وقد دُهش أبي حين سمع أنني أجيد الغناء ولم يصدق، بل ووجدته يبتسم ويقول لي "طيب غنّي يا فاطمة"، وبدأت أغني واستمعوا إليّ واستمع الذين حولنا أيضاً، ولم يكن يهمني رأي أحد فيهم قدر رأي منير نور الدين".

(شادية- طفلة)

وأضافت: "سررتُ أيما سرور حينما صفق لي، ثم رأيته ينتحي بأبي ناحية، ويقول له إن صوتي عذب لا ينقصه إلا الصقل، وطلب منه أن يتيح لي فرصة تعلّم الموسيقى، ومانع أبي في أول الأمر... فقد كان لا يفكر على الإطلاق في أن أكون ممثلة أو مطربة أو أي شيء من هذا القبيل، لكن منير أصر على رأيه حتى اقتنع أبي في النهاية. كان مدرّس الموسيقى الذي جاء يلقنني أصولها هو الأستاذ محمد ناصر، وقد كانت له علاقة وثيقة بالأستاذ أحمد بدرخان، وذات مرة قال لبدرخان إن عنده اكتشافاً جديداً يودّ لو يتولى بدرخان تقديمه للسينما ورآني بدرخان وسمعني وأعجب بي. وفي ذلك الوقت كان الأستاذ أحمد بدرخان قد تعاقد مع إحدى شركات السينما على أن يخرج لها فيلماً واختارني أحمد بدرخان لدور في هذا الفيلم، وتعاقدتْ مع الشركة على أن أتقاضى 24 جنيهاً في الشهر الواحد، ومكثت ثمانية شهور أتقاضى مرتبي والشركة تسوِّف في موعد إخراج الفيلم، وفي نهاية الشهر الثامن قالوا لنا إن الشركة لن تنتج الفيلم".

وتابعت شادية: "في تلك الأثناء قمت بالغناء على طريقة الدوبلاج في فيلم «المتشرّدة» وكدت أطير فرحاً حين سمعت صوتى مع الفيلم، ولم يكن باقياً إلا أن أظهر أنا على الشاشة، وحانت الفرصة فعلاً في فيلم «أزهار وأشواك» الذي قامت ببطولته حكمت فهمي، ولم يقتنع المخرج بأنني أجيد الغناء فأحضر إحدى المطربات تغني بدلاً مني على طريقة الدوبلاج، وهكذا لم يتحقق حلمي المشترك في أن أمثل وأغني في آن واحد، لكني كنت دائمة الابتسام ولم أكن أطلب المستحيل ولا أقفز الدرجات دفعة واحدة، كان لا بد أن أتذرع بالصبر وبالأناة ولا أتعجّل المجد. وقدمني بعض أصدقاء أبي إلى الأستاذ حلمي رفلة، وكان في ذلك الوقت يستعد لإخراج فيلم "العقل في إجازة" وقد أسند إليّ دوراً كبيراً سررت به وتفانيت في أدائه، وكانت في الفيلم أغنية أغنيها مع محمد فوزي، فحازت الإعجاب، وعُرض الفيلم فاتهجت الأنظار إليّ. وكان "العقل في إجازة" فاتحة المستقبل بالنسبة لي".

يبقى ما علق بقصة اختيار "شادية" اسماً فنياً لها، فحتى ذلك الحين كان اسمها فاطمة كمال أحمد شاكر، وقيل الكثير عن انتقاء اسمها الفني، وأن الموسيقار محمد فوزي أو المخرج حلمي رفلة كان وراء هذا الانتقاء، أو أن إدارة الإنتاج اختارته تيمناً بنجاح فيلم "شادية الوادي" الذي مثلته ليلى مراد في العام نفسه 1947. لكن الحقيقة لم تكن كذلك، إذ كشفت شادية نفسها، في حوار مع تلفزيون الكويت، أنها وقّعت عقد فيلم "العقل في أجازة" باسم "هدى" وهو الاسم الذي كانوا اختاروه لها، لكنها دعيت في ذلك الوقت للاحتفال بـ"سبوع" إحدى قريباتها، وسرت لوجه المولودة الصغيرة، فلما سألت عن اسمها قيل لها "شادية" فاستبشرت بالوجه والاسم خيراً، وقررت منذ ذلك اليوم أن يكون اسمها الفنى شادية، وقامت بتغيير العقد الذي كانت قد وقعته سابقا.
وما أن ظهرت الفنانة الكبيرة صوتاً وصورة في فيلم "العقل في أجازة" حتى تفتحت أمامها أبواب النجاح والشهرة لدرجة أنها قدمت على مدى مشوارها الفني 117 فيلماً قبل اعتزالها التمثيل العام 1984 في أعقاب عرض فيلمها الأخير "لا تسألني من أنا"، ثم التوقف تماماً عن الغناء بعد ذلك بعامين.      
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها