الجمعة 2023/01/27

آخر تحديث: 13:42 (بيروت)

رحيل نذير العظمة... "القومي" الصوفي وصاحب "القصيدة المدوّرة"

الجمعة 2023/01/27
رحيل نذير العظمة... "القومي" الصوفي وصاحب "القصيدة المدوّرة"
يؤكد العظمة أنه هو مَن عرَّف أدونيس ومحمد الماغوط إلى يوسف الخال
increase حجم الخط decrease
توفي الشاعر والكاتب السوري "القومي" نذير العظمة (1930 - 2023)، وهو ولد في دمشق، وتخرج من كلية الآداب في جامعة سوريا العام 1954، انتسب الى الحزب السوري القومي الاجتماعي، وبعد سجنه مراراً انتقل أواخر الخمسينات إلى لبنان بمساعدة بعض الأشخاص، وقد حاز منحة دراسية في الجامعة الأميركية في بيروت، ومنها كانت الانطلاقة إلى الجامعات الأميركية في الولايات المتحدة حتى أكمل الدكتوراه في فلسفة الأدب، ثم حصل على ماجستير في الأدب الانكليزي وعمل رئيساً لدائرة قسم الشرق الأوسط في جامعة بورتلاند الأميركية.

وفي العام 1973 عاد إلى سوريا، لكنه غادر إلى المغرب ليدرس فيها ثلاث سنوات، ثم عاد إلى أميركا 1976. وفي العام 1980، قرر أن يعود إلى بيروت ويشتغل مع "المقاومة في التوجيه المعنوي الفكري الإبداعي" كما يقول، وخرج مع المقاتلين الفلسطينيين العام 1982 بالسفن، ليعمل بعد ذلك في إحدى جامعات السعودية، ثم يحط في دمشق بعد انتهاء سنين الخدمة. وأبرز نشاطاته "العبقرية" في سوريا، بحسب ما نقلت جريدة حزبه "البناء"، أنه دعا إلى "ترشّح الرئيس الأسد وإلى انتخابه لأنه ضمانة انتصار سوريا على الإرهاب واستمرارها في موقعها القومي".

أنطون سعادة
والعظمة، بحسب تعريفه، متعدّد الوجوه والمشارب الثقافية. ناقد، وكاتب مسرحي، مارس فن المسرحية شعراً ونثراً، وكان من المتأثرين بما قاله أنطون سعادة من "أن العقل هو الشرع الأعلى للإنسان". واهتم بالثقافة الصوفية من والدته ومن جدّه لأمه، وتعبّر قصته "المعراج والرمز الصوفي" عن هذه التجربة الصوفية وتأثير المعراج في العالم والأدبين التركي والفارسي. درس الفكر الصوفي والفكر السياسي والتمدن الإسلامي من خلال الإبداع الأدبي، في جامعة بورتلاند الأميركية الرسمية حيث عمل عشرين عاماً، وتعلم الآرامية في الجامعة الأميركية في بيروت مع أنيس فريحة وقرأ كتباً مترجمة من التاريخ بالآرامية، كما تعلم الفارسية والإنكليزية والفرنسية خلال سنوات دراسته في دمشق، وساعده ذلك في مجال عمله في الأدب المقارن المنطلق من الثقافة الإسلامية. وكان هاجسه أن يوفق بين الحداثة والمعاصرة...

ذات مرة في العام 1992 ألقى محاضرة عن "جبران خليل جبران"، في السفارة الأميركية بالرياض، ومما قال فيها: "نظرت إلى التراث الذي تعامل معه جبران، فوجدته يحتفل بالإضافة على ميراث العرب، من سومر حتى عصره، يلتفت إلى ميراث الشرق الديني: بوذا وكونفوشيوس وموسى وعيسى ومحمد، ورغم مقارعته الكهانة والكنيسة، إلا أنه كان كالمتصوفة، يعتبر نفسه وريثاً للأديان والانبياء، التوحيدي منها وغير التوحيدي... وهي ظاهرة فذة في مطالع هذا القرن في الفكر والأدب الكونيين".

مجلة "شعر"
كما أنه كان أحد الأعضاء البارزين في مجلة "شعر" اللبنانية التي لعبت دوراً كبيراً في تأصيل حركة الشعر الحديث ودفعها بخطوات قوية إلى الأمام، سواء على مستوى الإبداع أو التنظير. يقول نذير العظمة إنه اول من ابتكر ما سمي بالقصيدة المدورة في صيف 1958، وأن القصيدة لقيت إشادة من الشاعر الأميركي روبرت لويل، ونشر أيضاً إشادة بها من الشاعرين أدونيس ويوسف الخال. وقد جاء ذلك في كتاب لنذير العظمة بعنوان "أنا والحداثة ومجلة شعر" (صدر عن دار نلسن)، في فصل بعنوان "من أوراق الخميس روبرت لويل وعشر شموع"، وهو عنوان القصيدة، والخميس هو خميس مجلة "شعر". كانت مجلة شعر جمعت عشر قصائد مترجمة من الشعر العربي المعاصر الى الانكليزية وأرسلتها الى روبرت لويل، رئيس تحرير مجلة "شعر" الاميركية في شيكاغو لنشرها هناك. قصائد ليوسف الخال وأدونيس وخليل حاوي وبدر شاكر السياب وغيرهم، وكان تعليق لويل في رسالة بالانكليزية تلاها يوسف الخال في خميس مجلة "شعر" في بيروت، مثيراً للاهتمام، مفاده "إن الشاعر العربي في القصائد المرسلة اليه والمترجمة يشرح أكثر مما يكشف عن حالته الشعرية. لذلك سيختار لويل أجزاء من هذه القصائد أو من ترجماتها للنشر، بينما سينشر قصيدة "عشر شموع" لنذير العظمة كاملة كما ترجمها فواز طرابلسي". واتبع ذلك بعنوان فرعي هو "القصيدة المدورة" قال فيه: "نذير العظمة أول مَن يبتكر القصيدة المدورة في الشعر العربي الحديث ويبدع نموذجاً مستقبلياً للقصيدة العربية".

وعن تأسيس مجلة "شعر" يقول العظمة: "خرجت من الجامعة السورية 1954 وعملت بالتعليم، تعليم الأدب العربي في ثانوية الحرية بصافيتا، وفي الخمسينيات كانت مرحلة صعبة بالنسبة للانتماءات على كافة أنواعها، ونشأ نوع من الصراع السياسي، أدى إلى أن رحلت إلى بيروت 1955 واشتغلت بالتعليم والصحافة، واجتمعت بيوسف الخال وخليل حاوي، وتحدثنا بضرورة إنشاء مجلة تستقطب كافة المبدعين والشعراء، وتكون منبراً للتوجهات الحديثة، بعد ذلك جاء أدونيس وعرفته على يوسف الخال وخليل حاوي، وأنشأنا مجلة شعر (يوسف الخال، نذير العظمة، خليل حاوي، أدونيس)، بعد ذلك جاء كل من يهتم بالشعر الحديث ليجتمع في خميس مجلة شعر. كان إطاراً لتفاعل وجهة نظر المجلة مع وجهات نظر الآخرين في مسألة الشعر، والبعد الجمالي والنفسي، فأنا من المؤسسين الأوائل ورافقت المجلة من 1955-1962 بالتحرير"...

كما يؤكد العظمة أنه هو مَن عرَّف أدونيس ومحمد الماغوط الى يوسف الخال: "أتى أدونيس من دمشق وعرّفته الى يوسف الخال، ثم جاء في ما بعد محمد الماغوط إليّ في بيتي الكائن يومئذ في برمانا... وعرّفته الى يوسف الخال". الأمرُ الذي يضعه فوراً في مصاف مؤسِسي المجلة الشهيرة. لكن الغريب بحسب ما نقلت جريدة "الحياة"، ذات مرة، أن أهمّ الكتب التي تطرّقت إلى المجلة (كتاب يوسف الخال ومجلته "شعر" - جاك أماتاييس السالسي، ومجلة "شعر" بالفرنسية - دنيا أبو رشيد باديني)، لم تركّز على دور العظمة. بل أن كتاب سلمى الخضراء الجيوسي، "الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث"، لم يذكر نذير العظمة مطلقاً، خِلافاً لكتاب الشاعر والناقد السوري الراحل كمال خير بيك "حركة الحداثة في الشعر العربي الحديث" الذي كان أكثر إنصافاً للعظمة ولتجربة حركة "شعر" ككلّ. ومردّ ذلك أن خير بيك كان عارفاً بخبايا الأمور، وما لم يفصح عنه صراحة شعراء المجلة، إذ يبدو أن الموقف من التراث أدّى دوراً حاسماً في فرط عقد المجلة.

مؤلفات نذير العظمة:
1-عتابا- شعر- دمشق 1952.
2-جرّحوا حتى القمر -شعر- بيروت 1955.
3-اللحم والسنابل -شعر- بيروت 1957.
4-غداً تقولين كان -شعر- بيروت 1959.
5-عدي بن زيد العبادي -دراسة- بيروت 1960.
6-أطفال في المنفى -شعر- بيروت 1961.
7-الشيخ ومغارة الدم -رواية- دمشق 1974.
8-الخضر ومدينة الحجر -شعر- دمشق 1979.
9-زمن الفرات يتألف في القلب -شعر- دمشق 1981.
10-سيزيف الأندلسي -مسرحية- دمشق.
11-نواقيس تموز -شعر- بيروت 1981.
12-طائر السمرمر -مسرحية- بيروت 1982.
13-المعراج والرمز الصوفي -دراسة- بيروت 1983.
14-أطفال في المنفى -شعر- بيروت 1961.
15-سيدة البحر-شعر- دمشق 1992- اتحاد الكتاب العرب.
16-أوروك تبحث عن جلجامش -مسرحية- دمشق 1986-اتحاد الكتاب العرب.
17-دروع امرئ القيس -مسرحية- دمشق 1992.
18-المرايا -مسرحية- دمشق 1992.
19-ثلاث مسرحيات شعر 1992- دمشق
20-خبز عشتار- شعر 1997- دمشق
21-سوناتا في ضوء تشرين- شعر 1997 دمشق
22-مدخل إلى الشعر العربي الحديث- دراسة- 1988- الرياض
23-المسرح السعودي- دراسة 1992- الرياض
24-جبران في ضوء المؤثرات الأجنبية- 1987 دمشق
25-بدر شاكر السياب وايديث سيتويل 1983- الكويت
26-سفر العنقاء حفرية في الأسطورة 1996- دمشق
27-طائر الرعد- شعر- الرياض 1996
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها