في المشهد الأخير من "خطاب الملك"، يظهر جورج السادس برفقة عائلته في شرفة قصر بكنغهام، يلّوحون للحشود المبتهجة في الأسفل. في الواقع، لم يكن هناك احتفال من هذا النوع في اليوم الأول للحرب. كان يوماً كئيباً، الأول من بين العديد من الأيام الممتدة لما يقرب من ست سنوات عصيبة. لم يحدث إلا يوم انتصار الحلفاء في أوروبا، في 8 أيار/مايو 1945، أن تجمّعت الحشود المبتهجة خارج القصر وخرجت العائلة المالكة لاستقبالهم. وهذا هو المكان والحدث الذي يبدأ منه فيلم "ليلة ملكية بالخارج" A Royal Night Out (2015، جوليان جارولد).
في يوم الاحتفال هذا، تناشد الأميرتان المراهقتان إليزابيث ومارغريت (سارة غادون وبيل باولي، على التوالي) والديهما للسماح لهما بالخروج من قصر باكنغهام للاستمتاع باحتفالات يوم النصر خارج البوابات. على مضض، يعطى الملك والملكة الإذن لابنتيهما، ولكن فقط لحضور حفلة رسمية في فندق ريتز، يرافقهما ضابطان من الجيش. يطلب الملك من وريثة عرشه حين عودتها إبلاغه بمشاعر الناس تجاهه وخطابه الإذاعي الذي ألقاه في منتصف الليل معلناً حلول السلام في أوروبا.
في الشارع، تتحرّر الأميرة المغامرة مارغريت من رقابة الضابطين، ثم تتبعها شقيقتها الكبرى إليزابيث الأكثر مسؤولية. تنفصل الشقيقتان عن بعضهما البعض في حافلتين مختلفتين. تصادق مارغريت ضابطاً بحرياً يسعى لاستغلال من يعتقدها مجرد فتاة عادية، أما إليزابيث فيقع حظّها مع طيار غائب عن وحدته من دون إذن. تنقاد مارغريت إلى عالم النوادي الليلية، والمقامرة، والكحوليات، وبيوت الدعارة. فيما تخوض إليزابيث وطيّارها مغامراتهما الخاصة في محاولة اللحاق بمارغريت، الأمر الذي يأخذهما إلى ما بعد الموعد النهائي المحدّد للعودة (الواحدة صباحاً) حتى فجر اليوم التالي.
يُروى الفيلم ككوميديا رومانسية خفيفة، فتدخل إليزابيث سجالاً مع جاك المتردّد في البداية لكسب ودّها، ويجد الفيلم ضحكات في عدم قدرة إليزابيث الظاهرة على التأقلم خارج بوابات القصر. ومع ذلك، يقرّ الفيلم أيضاً بمجهودها في زمن الحرب كسائقة وميكانيكية في الخدمة الإقليمية المساعدة (الفرع النسائي من الجيش البريطاني أثناء اللحرب العالمية الثانية)، ليس أقلّه عندما تقود جاك بثقة إلى ثكناته بسرعة فائقة. لكن الكاميرا تشيح بعيداً حين يأتي موعد قبلة الوداع، في لحظة نموذجية ودالة على النبرة الحذرة للفيلم.
لكن هل كان دقيقاً؟
كانت الأميرة مارغريت تبلغ من العمر 14 عاماً فقط في يوم النصر. الضابطان المرافقان والطيار في السيناريو كانوا من إبداعات الخيال الدرامي وتوابله الضرورية لنسج حبكة قريبة من القلب. ورغم حقيقة أن الأميرتين خرجتا متخفيتين في تلك الليلة، إلا إنهما كانتا بصحبة مجموعة مختارة تضمّ 16 شخصاً من الأصدقاء وأفراد العائلة المالكة، خرجوا في الساعة 10 مساءً، للاختلاط بالمحتفلين، ولم يبتعدوا عن ميدان ترافالغار (ساحة عامة في وسط لندن)، وعادوا إلى قصر باكنغهام الساعة 1 صباحاً، في الوقت المناسب للانضمام إلى الملك والملكة أثناء خروجهما إلى الشرفة للمرة الأخيرة في تلك الليلة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها