الأربعاء 2022/08/17

آخر تحديث: 12:51 (بيروت)

رزان ابراهيم... عن رأي إدوارد سعيد بأدب سلمان رشدي

الأربعاء 2022/08/17
increase حجم الخط decrease
لا لمحاولة اغتيال سلمان رشدي ولكن اسمحوا لي أن أقول الآتي: إن المتتبع لردات فعل عدد كبير من المثقفين بعد الهجوم الذي تعرض إليه سلمان رشدي في نيويورك، يلاحظ كتابة غير مسؤولة، يرافقها نقل غير مدروس، يدل على انكفاء كثيرين-كما يقال- على صوت الجرس الأوحد الذي يداعب أذنه، مع أن تنقلاً مستمراً بين الفضاءات الثقافية المتاحة سيأخذ الواحد منا نحو رؤية متوازنة شاملة، بدلا من الإصرار على الشرب من ينبوع واحد يعزز قناعة واحدة لا تستند إلى معرفة ومتابعة موضوعية.  

بعد القيام بجولة جادة حول علاقة إدوارد سعيد بسلمان رشدي، قادني إليها كثيرون باتوا يتمثلون رأي سعيد حول سلمان رشدي في إطار حملة دفاعية تدعونا للصلاة من أجله، خرجت بنتيجة أن هؤلاء لم يتابعوا ما قاله سعيد نفسه حول قضية التحول السياسي لرشدي في حديث له في جامعة كولومبيا، وصف فيه كتاباته بأنها "ألعاب نارية لفظية" بل ويرى أن سنوات عيشه في السر بسبب الهجوم على آيات شيطانية خلف لديه شعورا بالارتباك والغضب.

 صحيح أن سعيد كان معجباً به، وأن هناك صداقات فكرية جمعتهما، يمكن قراءة تفاصيلها في كتاب "مقالات رشدي: الأوطان الخيالية" التي تكشف مشتركاً يخص الاستراتيجيات المبتكرة للتهجين والتعددية، صحيح أيضا أنّ سعيد أشاد بشجاعته الأخلاقية في كتابه "الثقافة والإمبريالية"، ولكنه لا يغفل أن أفكاره السياسية تغيرت مع الوقت، نذكر من ذلك تأييده للحرب التي اندلعت في العراق، والتي خلفت من الدمار على شعب العراق ما يصعب حصره. أما عن الجدل الكرتوني الدانماركي عام 2005 الذي أثار احتجاجات بين المسلمين، فقد دافع رشدي عن حق الكاريكاتورية العنصرية.

ليس هذا فحسب، ففي مقال له في "النيويورك تايمز" قدم فيه أمثلة على الشجاعة الأخلاقية وصف إدوارد سعيد بعد رحيله بأنه مثقف خارج الخطى "out of step intellectual, .. dismissed, absurdly, as an apologist for Palestinian terrorism". هنا يُسأل سلمان رشدي عن شجاعته الأخلاقية، كما يسأل عنها عندما يتعلق الأمر بالعنصرية الواسعة الانتشار ضد المسلمين المعروفة باسم (الإسلاموفوبيا)، وهي العنصرية التي استخدمتها دولة الأمن القومي لتمرير أهدافها مرارا، والتي سرها استدعاء رشدي ممثلا رمزيا للعالم الثالث يشبع ما يريدون سماعه، خصوصاً بعد الجدل الواسع الذي أحدثته "آيات شيطانية"، وكذلك بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر حين تحدث في افتتاحيته في صحيفة نيويورك تايمز عن الأساطير الشائعة حول الإسلام وقال: "نعم هذا يتعلق بالإسلام". 

هذا غيض من فيض، وللمهتمين تجدون رابط مقالة علمية طويلة بالإنكليزية بعنوان "سلمان رشدي وإدوارد سعيد والشجاعة الأخلاقية: إرث صداقة فكرية في عصر الإسلاموفوبيا_ في الذكرى العاشرة لوفاة سعيد". كتبتها سارة وحيد: وهي أستاذة جامعية زائرة في كلية أوبرلين في أوهايو متخصصة في الإسلام والقومية والاستعمار في جنوب آسيا.

(*) مدونة نشرتها الاستاذة في جامعة البترا الأردنية، رزان ابراهيم في صفحته الفايسبوكية
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها