غسان حاج... رشدي وأنا، تبا لقتلة الكتّاب

 

المرحلة 1 - أحببت "أطفال منتصف الليل" وأعتقدت أنه أفضل شيء حدث على الإطلاق للأدب الإنكليزي.

المرحلة 2 - أحببت "الآيات الشيطانية" أكثر من حبي لـ"أطفال منتصف الليل"، ليس لأنني اعتقدت أنها كانت "موضوعية" رواية أفضل، ولكن لأنها كانت أقرب إلى انشغالي في الشتات بعد الاستعمار. كان ولا يزال مذهلا حقاً من حيث التفكير في لقاء ما بعد الاستعمار بين الغرب ومهاجريه.

المرحلة 3 - مواجهة فتوى الخميني الجزء الأول: الغضب. فكرة أن الكاتب يمكن أن يسكت بتهديده بالقتل وفكرة الفتوى كانت من القرون الوسطى ورجعية في عقلي.

المرحلة 4 - مواجهة فتوى الخميني الجزء الثاني: إبعاد نفسي عن بعض أولئك الذين رأوا التهديد بالقتل كشيء فريد من نوعه لنظام إسلامي، يميل متوسطًا والذين هم أعموا أنفسهم عن التاريخ الغربي للقتل. بدأت المقارنة: ما الفرق بين اغتيال الصهيوني لغسان كنفاني ورغبة الخميني في اغتيال سلمان رشدي؟

أليس ما أزعج البعض في الأمر أن دولة من العالم الثالث، تستطيع استخدام جيش الشتات للتأثير على الغربيين وسط بيوتهم بنفس الطريقة التي استخدم بها الغرب قوته الاستعمارية على العالم الثالث للتأثير على بيوت العالم الثالث الرجاء في وسط منازلهم. لكنه عزز أيضا رأيي بأن مقاومة الاستعمار الغربي، يمكن أن تكون في حد ذاتها رجعية، إن لم تكن حتى أكثر رجعية من الاستعمار الغربي. أعني أنه من المستحيل أن تجعلني أدعم مجموعة من المتعصبين الدينيين "المناهضين للاستعمار" على قوة استعمارية.

المرحلة 5 - الانتقال من عدم الفهم الكامل لماذا يشعر المسلمون بالإهانة من الآيات الشيطانية (كما في 'استرخوا يا رفاق". كيف يمكنك أن تكون متوترًا جدًا بشأن إزالة نص ديني، لمحاولة فهمه. شعرت أنه إذا كنت سأستخدم تجربتي الخاصة كملحد مسيحي (خلفية ملحد)، فلن أستطيع شرح الغضب. وبختُ نفسي لأن خلفيتي المسيحية اللبنانية أبطأتني في إدراك ما هو واضح: أنني بحاجة إلى القيام بحركة أنثروبولوجية مهنية ووضع نفسي في تجربة غريبة بالنسبة لي لفهم المؤمنين المسلمين تراجي.

المرحلة 6 - الشعور بعد فترة من العمل على نفسي، أنني أستطيع فهم الغضب قدر الإمكان. ولكن، وجدت أنه من المدهش أنه عندما بدأت في القول علانية أنني أتفهم الغضب الذي كان علي أن أشير إليه دائمًا؛ حسنًا يمكنني أن أفهم الغضب ولكن هذا لا يعني أنني أقبل ذلك: الغضب من كتابات شخص ما يعني أنه عليك أن تحاول وتقتل أنا لهم من أجل تباً لله (حرفياً ومجازياً). استأت جدا ممن طالبوا مني بتوضيح هذه النقطة وكأنها لم تمر دون قول.

المرحلة 7 - لم تتوقف أبدًا عن التفكير في أن الآيات الشيطانية مذهلة. لكنني اعتقدت أن رشدي نفسه قد شوه بشدة بسبب الفتوى (ومن لن يكون كذلك). شعرت انه كان ممكنا ان يأخذ تجربته والدفاع عن حرية الكلام لأماكن جديدة لكنه لم يفعل. بدلاً من ذلك تم استيعابه من قبل ما شعرت أنه اتجاهات محافظة في هذا الدفاع عن حرية التعبير. أيضا يجب أن أقول، لم أجد رشدي محبوباً كشخص في المقابلات وما إلى ذلك... ومع ذلك، فكرت أيضا: حسنًا، ليس أنت من كان عليه أن يختبر فتوى وأن يتبعه قتلة متعصبين حول العالم، لذا من الأفضل احترام البعد المأسوي لتجربته واحترام حريته في صنع ما يريد أن يصنع منه هو. لم أشعر أن لدي الحق في انتقاده.

المرحلة 8 - الأحمق المتعصب يحاول اغتيال رشدي: أشعر أنني يجب أن أمر بالدورة بأكملها قبل كل شيء مرة أخرى. أحببت "أطفال منتصف الليل"، أحببت "الآيات الشيطانية"، لا أستطيع فهمك، أستطيع فهمك، تبا لقتلة الكتّاب سواء استعماريين أو مناهضين.

(*) مدونة نشرها الكاتب غسان حاج في صفحته الفايسبوكية