(أحمد معلاّ)
العرض الحالي في صالة مارك هاشم يشارك فيه فنانون محترفون من ذوي الخبرات المتفاوتة في الزمن والرؤيا. أعمال الفنان اللبناني حسين ماضي، الحاضرة في المعرض رسماً أو نحتاً، لا تخرج عن أسلوبه الذي صار معروفاً، بعد عقود من العمل في المجال الفني، والتي أدّت إلى شهرته ومكانته في المشهد التشكيلي اللبناني. الطابع الغرافيكي لأحد أعماله التصويرية، العائد إلى العام 2009، ظاهر كما في العديد من أعماله، وقد تعوّضه ليونة نسبية في النحت، وإن كانت الأعمال النحتية، وخصوصاً المعدنية منها، لا تخرج عن الإطار الأسلوبي العام. عمل الفنان السوري أحمد معلاّ هو أشبه بـ"سجّادة" تراثية، أو غلاف لكتاب ديني. هذا من حيث بناء العمل التأليفي الشكلي لا غير. أمّا من الناحية الجوهرية التصويرية، فلا شك أن اللوحة ذات مردود بصري شديد الوضوح، يرفده سعي متقن إلى التقميش، لا شك أن تنفيذه استوجب وقتاً لم يبخل به الفنان، وهو ما يزيد من ثقل الناحية البصرية المذكورة ومستواها الفني.
(سارة شمّا)
في ما يخص عمل بيتي ياغي، كبير الحجم، فلا بد للمُشاهد العارف أن يلحظ تأثير جاكسون بولوك، من حيث اللجوء إلى التقنية التي كانت أطلقت عليها تسمية "التصوير الفعلاني" (أو الحركي). طريقة تقوم على إستعمال اللون السائل، من أجل عملية "صب" أو "تقطير" فوق القماش. لكن، وفي حين خلت أعمال الفنان الأميركي من أية إشارة إلى العالم الموضوعي، فقد ضمّنت ياغي لوحتها عصافير ووروداً وأشياء أخرى. العمل ذو مفعول بصري أكيد، كما عمل الملاّ، الذي سبق ذكره. أما لوحة غازي باكر، الملوّنة بـ"عنف"، وتتضمن مقاطع هندسية ولونية تذكّر بموندريان، التجريدي الخالص، فامتلأت وجوهاً بعضها ضاحك، والباقي مبتسم، ربّما أراد الفنان من خلالها السخرية من أمور كثيرة يفيض بها واقعنا. يمكن نسب العمل إلى الـ"بوب آرت"، لما يحمله من عناصر واقعية، واستخدامه "الوسائل الأكثر تداولاً، والأقلّ جمالية، والأكثر زعقاً في وسائل الإعلام"، على ما صرّح روي لشتنستين، ذات يوم، واصفاً ما يميّز هذا الإتجاه "الشعبي" والنقدي، الذي ظهر منتصف خمسنات القرن الماضي في بريطانيا، لينتقل بعدها إلى الولايات المتحدة.
وبما أنه من الصعب الإحاطة بكل محتويات المعرض، نظراً لضيق المجال، فسنتوّقف، نهاية، عند لوحة الفنانة السورية سارة شمّا، التي تمثل سيّدة في طور التدخين. هنا، يمكننا، أيضاً، أن ننسب العمل إلى نهج البوب آرت. يقدّم العمل الشكل الإنساني بحسب نظرة معاصرة، في مجتمع مديني بلا قيود. لا بد من أن يخطر في بالنا، لدى معاينة العمل، فرنسيس بيكون، من حيث إعتماد تصوير ذكرى النموذج بدلاً من النموذج نفسه، لينقل إلينا صورة إنسانية شبه مشوّهة في شكل مقصود. عمدت الفنانة إلى تصوير حركة اليد في شكل مزدوج، وكأننا في صدد صور متتابعة كما في شريط سينمائي، وإمتدت خطوط أفقية وعمودية، تمييزاً لطابع العمل اللاتقليدي.
قلنا في البداية أن الغاليري ستعمد إلى تنظيم معارض دورية، ذات طابع جماعي، خلال فترة الصيف. الفكرة جيّدة، وسيكون من شأنها إطلاع الجمهور على أعمال لم يُتح له رؤيتها في الفترة الماضية. لذا، فسنكون في انتظار العرض المقبل لنرى ما سيمكننا معاينته، وربما معالجته، إذا ما ساعدتنا الظروف.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها