السبت 2022/07/16

آخر تحديث: 13:17 (بيروت)

حين يصير رجل المال "زوج الفنانة"... هل تختلف الثقافة؟

السبت 2022/07/16
حين يصير رجل المال "زوج الفنانة"... هل تختلف الثقافة؟
نسرين طافش مع زوجها طبيب الأسنان المصري شريف شرقاوي، الذي قيل إنه أغنى من أحمد أبو هشيمة
increase حجم الخط decrease
من بين الأمور المثيرة للجدل والبلبلة الفايسبوكية، حماسة بعض الجميلات والنجمات، للاقتران برجل الأعمال الثري و"المدهن" والباذخ والمليان، وربّما صاحب اليخت والطائرة الخاصّة والفيللا أو القصر، فيصير تعريف الرجل هو "زوج الفنانة"، أو الرجل المتزوج من الفنانة أو الإعلامية، الملحق بشهرتها... وأخبار التقاء الجميلات، سواء الفنانات أو الممثلات أو النجمات، برجال المال والأعمال، تشكّل مفتاحاً للميديا و"الترند"، وتيمة للتسلية والعراضة والقيل والقال، عن تحركات الفنانة والنجمة وهداياها وجولاتها في العواصم العالمية من باريس إلى لندن، ومواكبتها الموضة، كما هو الحال مع جيسيكا عازار بعد زواجها من رجل الأعمال محمد صفوان.

كأن النجمة صاحبة الجمال حين تتزوج من رجال الأعمال، تقترن بشيء من "الفردوس الأرضي" الذي يحقق جانباً من حياتها الرخيّة (الموضة، السيارات، الرحلات السياحية). قد تنصاع للزواج بما هو قيد بحد ذاته، لكنها تتحرّر من قيود كثيرة تفرضها الحياة وشركات الانتاج والأعمال، وتحقّق طموحات تزيد من جمالها وألق صورتها وزينتها، وربما يكون المال طريقاً إلى دراما ومأساة غير متوقعة. فعلاقة رجل الأعمال المصري هشام طلعت، بالفنانة اللبنانية سوزان تميم، شهدت نهاية مأسوية بقتل النجمة الراحلة، وحكم على رجل الأعمال المصري بالسجن 15 عاماً... ما يهمنا أكثر في هذا المجال، التركيز على المال والجمال باعتبارهما ميديا للترفيه وعنواناً لجذب أصحاب الفضول وصناعة الأخبار. فثمة نجمات جميلات تزوجن من رجال أعمال، وبقيت زيجاتهن صامتة وتقليدية وأكثر من تقليدية وخارج لعبة الأضواء، كما هو الحال في زواج إسعاد يونس وشريهان (التي تشبه الأسطورة) من رجل الأعمال علاء خواجة، الذي عرفه الناس في مصر على أنه أول شخص يجمع بين فنانتين. وثمة زيجات كأنها حصلت لتكون عنواناً دائماً في الميديا، كما هو الحال في زواج هيفا وهبي من أحمد أبو هشيمة، أو زواج الأخير من ياسمين صبري وانفصالهما وما رافقه من تخريفات حول ما تقاضته الزوجة من رجل الأعمال.

أحياناً، إن لم يكن رجل الأعمال موجوداً، فقد تخترعه الصحافة أو مواقع الإنترنت كنمطية من النمطيات الموجودة في الوسط الفني. فغداة زواج الفنانة السورية نسرين طافش أخيراً، من طبيب الأسنان المصري شريف شرقاوي، واكبت الخبر مجموعة من الشائعات الخيالية، فقيل إنه أغنى من أحمد أبو هشيمة، وسارعت طافش المقيمة في دبي وعاشقة الموضة والصورة والترند، إلى نشر صورها معه، وفي أصبعها خاتم الزواج، وعلقت على الصورة قائلة: "ما جمعه الله اللهم بارك هذه الوحدة واحفظ هذا الحب الأبدي دائماً وأبداً". واختارت الفنانة السورية، لوك الأفارقة، وشطحت في تسريب الكلام عن مميزات العريس الطبيب وقالت إنه "مدرب ومعالج بالطاقة مختص بالريكي". وقيل إنها أعجبت بشخصيته وتمكّنه من مساعدتها على تجاوز عدد من مشاكلها الشخصية في الآونة الأخيرة... وهذه ليست الزيجة الأولى لمُنظّرة "الحب الأبدي"، فإذ سبق أن تزوجت من رجال أعمال إماراتي في مرحلة إصدارها مجلة باسمها "نسريننا"، وأشيع أكثر من مرة عن زواجها من رجل أعمال كويتي.. هذا عدا اتهامها بسرقة زوج إحدى زميلاتها في سوريا...

والسؤال الذي يراود الكثير من المتابعين والفضوليين: ما الثمن الذي تتقاضاه أي فنانة في زواجها من رجل أعمال؟ بالطبع، لا ضرورة للكثير من التكهنات والفذلكات والتخيلات... لا ضرورة لإدخال قصة مجنون ليلى أو عبلة وعنتر، في الزمن حينما تصنع فنانات أو نجمات أسطورة لأجسادهن أو يستثمرن بأجسادهن وجمالهن من خلال وسائل التواصل الإجتماعي والمجلات الفنية والأخبار.

لائحة زواج الفنانات بالأثرياء ورجال الأعمال في مصر، طويلة جداً، وتعود الى سنوات. بالطبع ثمة زيجات هادئة وتقليدية، وربّما قائمة على الحب، وثمة زيجات أو علاقات فحواها اقتناص اللحظة وكسب المال من رجل الأعمال. فقبل سنوات، وصل ملياردير سعودي إلى بيروت، قيل إنه خطيب إحدى الفنانات، وسرعان ما انفصلت عنه، ونشرت إحدى المجلات الفنية "السوقية" مقابلة معه. فحوى الخبرية، أن مجموعة كبيرة من الفنانات الجسديات، كنّ يتقصدن الذهاب الى الفندق حيث يقيم، أو الى أمكنة سهراته، ودخلن في منافسة شرسة لمقابلته، وتحول الأمر فضيحة الفضائح...

نتحدّث ونكتب ونتهكّم على الواقع الفني أو واقع الفنانات وحماستهن لقوة جيوب رجال الأعمال، مع أنّ الأمر لا يختلف كثيراً في الوسط الثقافي... فقبل أن تنتشر الجوائز وتصبح قِبلة الكتّاب وتحديداً الروائيين، ذات عام، في ولاية إميل لحود الرئاسية، حطّ رجل أعمال وشاعر سعودي في بيروت، فحصلتْ مهزلة ثقافية. ذلك الشاعر الثري، قدم ساعات رولكس لمن يشكلون مفاتيح الصحافة الثقافية البيروتية، فضجت أوساط المقاهي، وتنافس الكتبة والشعراء على خدمة حاتم طي الهدايا، فكتب عنه شاعرٌ يعتبر نفسه "زعيماً"، مقالة تناولت "البُعد الفلسفي في شعره"، ثمن المقالة نحو 20 ألف دولار. وكتب شاعر آخر من أركان الشفافية ومحاربة الفساد، عن "المصالحة بين المال والشعر"، وأشرف فيلسوف على جائزة باسم الشاعر، وكان أول من ربحها، وعمل وزير "تقدمي" صاحب لسان طيب في الدجل في وزارة الثقافة على تقديم وسام رفيع للشاعر السعودي بالتعاون مع رئيس الجمهورية الملقب بـ"الرئيس المقاوم"، ودوّن ناقدٌ شاب كتاباً عن الشاعر نفسه مقابل مبلغ من المال، تردّد أنه كان زهيداً...

لا يختلف الأمر اذ تأملنا علاقة السياسة اللبنانية برجال المال، بدءاً من رئيس حكومتنا "أبو الفقراء"، وصولاً إلى صناعة النواب في الانتخابات الأخيرة. إذ استطاع الرجل المصرفي الشبيح في إنجاح عدد من النواب، لمجرد أنّه يمولهم، ولا يمتلك أي منهم موقفاً. في الوقت نفسه، نستطيع القول أن بعضهم دفع مالاً من أجل صناعة زعامة ما، لكن من دون نتيجة. وبمعنى آخر، من غير الجائز الحديث عن نمطية معينة في السياسة، وكذا الأمر في التقاء الجمال التي يشكل "قوة النساء"، مع المال "قوة الرجال". فالأمور أبعد من الإسقاطات الجاهزة التي نقرأها هنا وهناك. ربما لهذه الأسباب انشغل الفلاسفة كثيراً في تفسير المال والجمال. فإذا كان أرسطو مثلاً يرى "أن الجمال فوق الحقيقة"، والجمال هو "الجنّي الأنيس الذي نصادفه في كل مكان" كما يقول هيغل، فعالم الاجتماع الألماني جورج سيمل يرى "أن المال ليس مجرد وسيلة للأداء. إنه في الحقيقة قوة تحقق التحضّر والتمدّن. قوة تكثف بداخلها القيم التي تهزم كل ما يقاوم ما يستهدفه الأفراد. لذلك يمكن الحديث عن نتائج اجتماعية وأخرى ميتافيزيقية تنتج عن تدخل المال في مختلف المواقف".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها