الجمعة 2022/07/01

آخر تحديث: 15:44 (بيروت)

تدمير سورية... كيف نجحت استراتيجية الأسد أو نحرق البلد

الجمعة 2022/07/01
تدمير سورية... كيف نجحت استراتيجية الأسد أو نحرق البلد
حمص
increase حجم الخط decrease
صدر عن شركة رياض الريس في بيروت كتاب "تدمير سورية: كيف نجحت استراتيجية الأسد أو نحرق البلد" للباحث السوري المقيم في أميركا، رضوان زيادة، وفيه يشير إلى أن الحرب في سورية 2011 – 2020 غيرت التركيبة السكانية جذرياً، والافتراض بامكانية العودة بسوريا ديموغرافيا إلى ما كانت عليه قبل الحرب أصبح مستحيلا.

فقد انخفض عدد سكان سورية من 21 مليوناً و124 ألفاً، وفقاً للاحصاءات الرسيمة للمكتب المركزي للاحصاءات، إلى 18 مليوناً و284 ألفاً، وفقا لاحصاء موقع التغييرات السكانية الذي يعتمد على بيانات الأمم المتحدة والبنك الدولي... والاستخدام المكثف لسلاح الجو بشكل منهجي واسع النطاق وعشوائي في الحرب، هو ما ميز الحرب السورية عن غيرها من الحروب الاهلية في العالم، لجهة عدد الضحايا الكبير الذي سقطوا، فقط استخدم النظام سلاح الجو لأول مرة في تموز/يوليو 2012، ولم يتوقف استخدامه ضد المدنيين إلى اليوم، ولم يعرف التاريخ استخداما لسلاح الجو كجزء من الحروب الداخلية الا في حالات محددة... ففي الحرب الاهلية الأفغانية في آذار/ مارس 1979 ردا على الانتفاضة الشعبية، والحالة الثانية التي يذكرها التاريخ كانت في الحرب الاهلية الصومالية، حيث قامت طائرات تابعة لسلاح الجو الصومالي بقصف جوي مكثف في العام 1988 والحالة الثالثة، فهي حالة حرب الشيشان، حيث قصف سلاح الجو الروسي العاصمة غروزني بشكل كبير.

وعدد الضحايا الذي سقطوا باستخدام سلاح الجو السوري يعتبر الأكبر على الاطلاق في تاريخ الحروب الاهلية، وما ميز الحرب السورية عن غيرها من الحروب الاهلية، واشتهر سلاح الجو السوري بـ"البراميل المتفجرة" التي لا يوجد تعريف رسمي لها بموجب القانون الدولي، وهي بالتعريف السائدة عبوة ناسفة مصنوعة من برميل ممتلئ بالمتفجرات، إلى جانب الشظايا أو الزيت، وتسقط من طائرة هليكوبتر، وتؤدي الى دمار كبير... وتفيد التقارير الى أن البراميل المتفجرة ساهمت بشكل متزايد في قتل النساء والاطفال لأنها كانت ترمى عشوائياً، والوفيات كانت بين المدنيين الى حد كبير وليس من مقاتلي العارضة.

ومنذ بدء الحرب وحتى ديسمبر 2017، استخدم ما لا يقل عن 68334 برميلا متفجرا. وتشير الشبكة السورية لحقوق الانسان الى أن النظام السوري نحو 13 الف برميل على مناطق مختلف في سوريا عام 2016 وحده... وفي الجوهر كان استخدم البراميل المتفجرة يهدف الى تهجير المدنيين، وهذا لقصف المنهجي وواسع النطاق والعشوائي أدى الدور الأول والرئيس في النزوح واللجوء... فالغارات كانت تستهدف المستشفيات والافران والاحياء السكنية والمأهولة والاسواق ومحطات الحافلات.

واستخدم الحصار في الحرب السورية بوصفه سلاح حرب، وتعرض السكان المدنيون في المناطق المحاصرة في انحاء البلد للتطويق والمنع من المغادرة والقصف دون تمييز والقتل والتجويع، ومنعوا من الاجلاء الطبي وتوصيل المواد الغذائية، وكل ذلك في محاولة لفرض استسلام الذين يسيطرون على المناطق التي يعيش فيها السكان المحاصرون. وإذ يقارن زيادة بين الحصار في المدن السورية وحصار سراييفو في يوغوسلافيا، الذي استمر 1425 يوماً (1992- 1996). يقول المؤلف إن "الحصار في المدن السورية اتصف بالقسوة وبعدد من الصفات ميزه عن معنى الحصار في الحروب الاهلية الاخرى كنا مورس في حرب البلقان على سبيل المثال"، لكن في حصار الغوطة الشرقية "يعتبر الأطول في التاريخ" بدءاً من مايو/ أيار 2013 حتى فبراير/شباط 2018. ويجب أن ننسى أن الغوطة الشرقية نفسها كانت عرضة لأكبر هجوم بالسلاح الكيماوي في آب/اغسطس 2013، ادى الى مقتل 1400 شخص، وهي عرضة لاكبر تغيير ديموغرافي طائفي الى جانب حمص...

ويخلص إلى أن "كل المناطق التي خضعت للحصار على مدى سنوات طويلة، من 2013 حتى 2018، خضعت للتهجير القسري أو اتفاق تبادل المدن أو اتفاقات المصالحة المحلية أو الإجلاء". وقادت سياسة الحصار الى نزوح ما يصل الى 50000 رجل وامرأة وطفل سوري، في إطار اتفاقات الهدنة المحلية في عام 2018 وحدة. يتبنى المؤلف "العلاقات" ما بين المجازر الإثنية أو الطائفية والتطهير العرقي، وكذلك اعتبار "الاغتصاب قراراً سياسياً وليس مجرد أحد أعراض الحرب". اذ كان الاغتصاب يهدف إلى "زرع الخوف الجماعي الذي يقود إلى الهجرة أو النزوح أو اللجوء الجماعي إلى الخصم".

وإذ يرجح المؤلف أن تكون "الجرائم المؤسسة على أساس طائفي وإثني أكثر انتشاراً في الحرب السورية من الاغتصاب"، يقتفي أثر العلاقة ما بين المجازر الطائفية وموجات التهجير أو النزوح "بشكل يبرهن على الحافز السياسي وراء ارتكاب هذه المجازر". ويؤرخ "أولى المجازر الطائفية الكبرى" بما جرى في حمص في 9- 11 مارس/ آذار 2012. وإذ يقول إن "المجازر الطائفية لا تهدف إلى قتل العدد الأكبر من الطرف الآخر، بل إرهابه وترويعه بهدف تشجيعه على الرحيل والهجرة".   

ويتحدث المؤلف عما يطلق عليه "التهجير القسري"، الناتج غالباً من "التفاوض على نقل السكان بعد حصار طويل فرضته قوات النظام. فـ"حتى بداية عام 2018 تمكن النظام السوري بالتعاون مع النظامين الروسي والإيراني من إجبار المعارضة على إخلاء المناطق التي تسيطر عليها مقابل اختيارها الذهاب إلى الشمال السوري، وتحديداً إدلب، بعد اتفاقات أطلق عليها النظام السوري وروسيا ما يسمى اتفاقات المصالحة، لكنها بالنسبة إلى المعارضة عدت اتفاقات تهجير قسري، إذ أجبر الأهالي، على مغادرة بيوتهم ومدنهم وقراهم مقابل الحفاظ على أرواحهم إذا ما قرروا الذهاب إلى إدلب، وقد ارتفعت أعداد المناطق التي شهدت عمليات تهجير لسكانها في سورية إلى أكثر من 30 مدينة وبلدة.

ويخلص المؤلف إلى أن النظام "سعى إلى إعادة صياغة التركيبة السكانية في مناطق معينة من سورية (وما زال يفعل ذلك)، ومن المرجح أن يعني هذا أن عدداً كبيراً من اللاجئين والنازحين داخلياً لن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، واستعمل "ترسانة من القوانين والاجراءات الأمينة، وتدمير الممتلكات التي تجعل من هذه العودة مستحيلة الى البلد الأم سورية".  وغالبا ما تتبع عملية تهجير السكان من المناطق المستهدفة التعفيش أولا واستيلاء قوات النظام على اراضي النازحين ومساكنهم، وجرى الحديث عن انتاج الوثائق المزورة كناية عن تكيتك واسع الانتشار في نقل الملكية القانونية للممتلكات والأراضي من مالكيها الشرعيين إلى الموالين للنظام. وظهرت تقارير عن التدمير المتعمّد للسجلات المدنية في حمص والمناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة سابقاً ريف دمشق وحمص وحلب.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها