الجمعة 2022/06/17

آخر تحديث: 13:13 (بيروت)

وصف القاهرة سينمائياً: المدينة من الازدهار إلى الانفجار(2-2)

الجمعة 2022/06/17
وصف القاهرة سينمائياً: المدينة من الازدهار إلى الانفجار(2-2)
increase حجم الخط decrease
نتابع هنا قراءة كتاب "القاهرة السينمائية عن المدينة والحداثة ما بين الصورة والواقع" لمجموعة من المعماريين ومؤرخي الفن والأدب. وكنا في المقال السابق قد تابعنا تحليل الكتاب لتحولات القاهرة وفق ما صورته مجموعة من الأفلام أُنتجت في الثلاثينيات وحتى الستينيات تقريباً، ونستكمل في هذا الجزء حتى ثورة 2011.

كانت السياسة حاضرة في أول المشاهد السينمائية المصورة في القاهرة العام 1923 التي سجلت تحية الجموع لموكب سعد زغلول العائد من المنفى، ومن وقتها لم تغب أبداً عن الشريط السينمائي، حتى لو من الكواليس. وفي الفصل الذي كتبته كندة السمارة، اختصاصية الأدب العربي في جامعة ملبورن، تكشف كيف تفاعلت السينما مع المتغيرات السياسية، وكيف استُخدمت أيضاً للترويج لبعض الأفكار، وكيف عملت على ترسيخ رؤى معينة في وعي المشاهد بل واعتمادها أحياناً كبديل للواقع التاريخي أو البُعد الجغرافي، ما أعطى صورة غير حقيقية للمدينة في كثير من الأحيان: "هكذا يبني المشاهد العربي صورة خيالية عن مدينة القاهرة وحياتها المتطورة مستنداً فيها إلى ما عرضه الفيلم"، خصوصاً أنه في تلك الفترة –الخمسينيات والستينيات- لم يكن معظم المشاهدين يعيشون في مراكز عمرانية كبيرة كالقاهرة.

تقول إن القاهرة احتضنت أهم الصناعات السينمائية في المنطقة العربية، حتى أصبحت أسماء شوارعها وأزقتها محفورة في الوعي العربي، بل إن اللهجة المصرية أصبحت الأكثر فهماً من بين اللهجات العربية، رغم عدم استخدامها إلا في مصر، وبذلك أصبحت القاهرة السينمائية من أهم أدوات القوة الناعمة التي جلبت معها التأثير الثقافي والفني على كافة المستويات. ولم يكن ذلك بعيداً من الفهم والاستخدام السياسي بطبيعة الحال، حيث اهتم عبد الناصر بالفن عموماً، والسينما على وجه الخصوص، وذلك لإدراكه مدى قوتها كأداة مؤثرة في الوعى الجمعي: "السينما في عهد عبد الناصر كانت قد جنّدت إمكاناتها لخدمة النظام، فهو بحاجة دائمة إلى تبرير سياسي من خلال عرض قضايا معينة، وذلك لتؤدي دورها كما هو مطلوب منها".

بشكل مباشر "أصبح الفيلم الوسيلة الدعائية للسلطة الحاكمة"، بل إن عبد الناصر اعتبر إن السينما توفر الجو المناسب والطريقة الأنجع ربما لـ"تشكيل الهوية الوطنية التي تتوافق مع رسالة الدولة". تقول السمارة إن العام 1956 شكل علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية، لأنه بعد تأميم قناة السويس ووقوع العدوان الثلاثي على مصر في العام نفسه، أصبح التدخل السياسي للدولة واضحاً في صناعة الفنون، كما ظهرت أنواع سينمائية ومواضيع جديدة تخدم المصالح السياسية بشكل مباشر.

لضرب الأمثلة على استخدام السينما كأداة سياسية ولتشكيل الوعي السياسي، تشير المؤلفة إلى فيلم "إسماعيل ياسين في دمشق"، فالملفت في هذا الفيلم بالتحديد إنه أُعلن عنه في البداية تحت اسم "إسماعيل ياسين في لبنان" إذ دارت غالبية مشاهده بين القاهرة ولبنان، لكن بسبب المناخ السياسي الذي سبق الوحدة بين مصر وسوريا مباشرة "ولكي يحقق الأجندة السياسية المطلوبة"، تم تغيير العنوان ليصبح "إسماعيل ياسين في دمشق"، رغم أن دمشق لا تظهر إلا في مشاهد قليلة وفي الجزء الأخير للفيلم! تصف المؤلفة الأمر كـ"محاولة لركوب موجة الوحدة"، وقد نجحت الفكرة بالفعل، فعلى الرغم من ذلك الحضور المتواضع لدمشق في أحداث الفيلم مقارنة بالعنوان، إلا أن الجمهور لم يشكك فيه بل حقق نجاحاً كونه رمزاً للقوة والوحدة بين البلدين.

ولم يستغل الفيلم لتمرير القرارات السياسية فحسب، بل للترويج لتطور وحداثة القاهرة في الوقت نفسه، حيث تظهر كمدينة أوروبية ذات شوارع فسيحة ونظيفة وأشجار نضرة وأنماط معمارية كلاسيكية، بل حتى بيوت الفقراء تظهر فسيحة وجميلة، مع ظهور متعمد لإحدى شركات التأمين: "كان ذلك جزءاً من تمثيل التطور والحداثة وأسلوب الحياة المعاصر الذي تعيشه القاهرة آنذاك، فمفهوم شركات التأمين وفكرة التأمين على الحياة كانت كلها مفاهيم جديدة غير معتادة على مجتمع عربي محافظ".

الطريف أن الأمر نفسه تكرر لكن بشكل عكسي مع فيلم "سنوات الحب" الذي دارت أحداثه بالفعل بين مصر وسوريا، إلا أن وقوع الانفصال بين البلدين أدى إلى تغيير مكان قصة الفيلم، لتصبح بين القاهرة والإسكندرية واستبعاد دمشق تماماً من القصة، وإزالة أي إشارة للوحدة بين البلدين! ولم تغب عنه، رغم ذلك، الإشارة إلى مدى التقدم الذي وصلت إليه القاهرة ومستوى تحضر المرأة المصرية: "تم تصوير هذا الفيلم داخل المترو، وذلك لإظهار تقدم مصر الحضاري في مجال المواصلات وعرض مدى حداثتها في العهد الناصري. ركزت الكاميرا على محطة المترو ومدى حداثتها ونظافتها، وذلك لإظهار مدى التقدم العمراني والحضري في المدينة، كما عرض الفيلم حرية المرأة في استخدام المترو، وفي تنقلها بين المدن وتقاسمها حجرة المترو مع الرجال".

مدينة مُعادية
في فترة السبعينيات وحتى أواخر الثمانينيات، تغير شكل التعامل مع المدينة بالتزامن مع التغييرات السياسية والاقتصادية المتلاحقة، إذ واجه أبناء القاهرة تحديات هددت هويتهم ومكانتهم الاجتماعية، وأصبح هناك شكل من أشكال العدائية الواضحة بينهم وبين المدينة، وهو ما التفت إليه أحمد حمدي في الفصل الذي عنونه به "حداثة معادية: القاهرة في الثمانينيات وأزمة إسكان الطبقة الوسطى"، وكما هو واضح من العنوان يركز على تراجع قدرة الطبقة الوسطى على السكن في المدينة خلال تلك الفترة. ومن أهم الأفلام التي تركز على تلك المشكلات كانت "الحب فوق هضبة الهرم"(1986) و"كراكون في الشارع" إنتاج العام نفسه.

يؤكد المؤلف إنه خلال فترة حكم عبد الناصر، وحتى قبل ذلك، كانت الطبقة الوسطى مرادفاً للمستقبل الآمن والراتب الجيد الذي سيسمح لصاحبه بالزواج وتكوين أسرة، لكن أزمة الإسكان التي حدثت خلال السبعينيات والثمانينيات غيرت هذه المفاهيم تماماً، وأدى ذلك إلى "تكدير الحاضر ورسم صورة غير مؤكدة للمستقبل"، وهو ما حدا بالمؤلف إلى تشبيه الفيلمين بأعمال كافكا، خصوصاً في تصويرها لعدائية ولاإنسانية العالم الحديث: "بطلا الفيلمين، على وشريف، يصارعان واقعاً تركهما عاجزين بطريقة مشابهة تماماً لتلك التي قدمها كافكا"، وأيضاً في البيروقراطية المخيفة التي تتجلى من خلال بعض أجهزة الدولة "يصور كلا الفيلمين إحساساً بالبرودة في العلاقات الإنسانية، حيث يترك أبطال الفيلم وحدهم للتعامل مع حالات عدم اليقين والخوف والاكتئاب، بينما يكتفي الجميع بالمشاهدة".

يتعمق الباحث في دارسة الأسباب السياسية والاجتماعية التي قادت لتلك الأزمة، ويحاول الإجابة على مجموعة من الأسئلة المهمة: كيف تدهور مستوى معيشة الطبقة الوسطى في مصر خلال تلك الفترة، وكيف ساهم هذا الوضع في خروج المصريين للخليج بحثاً عن الرزق، ثم كيف تسببت عودتهم بعد ذلك في تغيير الوجه الأخلاقي للمدينة، إضافة إلى ما فرضته البيروقراطية وهي إحدى السمات الأساسية للحداثة خلال تلك الفترة، وكيف اجتمع هذا كله مع تطبيق سياسة الانفتاح ليجعل المدينة كما لو كانت تطارد أبناءها... "حداثة القاهرة لم تكافئ الملتزم أخلاقياً بقدر ما فتحت ذراعيها للانتهازيين ومغتنمي الفرص... كانت الحداثة مرهقة وغير منطقية وكابوسية لأبناء الطبقة الوسطى في كلا الفيلمين". ولم تكن أزمة الأبطال البحث عن سكن مناسب لهم في المدينة فحسب، بل "كافحوا لكسب الاحترام وفهم المتغيرات المتسارعة من حولهم".

الهروب من الحداثة
مع تمادي المدينة في إدارة ظهرها لأهلها، لم يعد أمامهم إلا الهروب منها، وهو أيضاً عنوان الفصل الذي تكتبه تيسير خيري مستشهدة بفيلمين هما "خرج ولم يعُد"(1984) و"هنا القاهرة"(1985)، وكلاهما كما تقول، يقدم تجربة العيش في القاهرة من منظورين مختلفين ترويهما شخصيتان مميزتنا تنتميان إلى الطبقة الاجتماعية نفسها تقريباً، لكنهما من خلفيتين مختلفتين (حضري وقروي)، ولكل منهما قواعد السلوك والقيم الخاصة به، وتتخذ كلتا الشخصيتين في الفيلمين قرار الهروب من القاهرة، إما بالعودة إلى الموطن الريفي، أو بالعثور على وجهة أخرى بعيدة تماماً من المدينة.

من خلال تحليل تفاصيل الفيلمين، ترى المؤلفة أن كلاهما يعرض مشاهد متطابقة تقريباً للقاهرة التي تظهر كمدينة شديدة الزحام والتلوث في الثمانينيات، ويلقيان الضوء على الإحباط والضغوط المنتشرة بين العديد من سكان المدينة في جميع جوانب الحياة، سواء بسبب القيود المادية أو البيروقراطية، بما في ذلك السكن والحصول على المياه النظيفة والخبز. وفي المجمل، يعتبر الفيلمان بمثابة دعوة للهروب من المدينة سواء بالعيش في المناطق الريفية أو في أي مكان آخر خارجها. لكن الملفت هو أنه في "هنا القاهرة" تشكلت لدى كل من سنوسي وصابرين (أبطال العمل) قبل مجيئهما إلى المدينة "صورة القاهرة" من المشاهد المصورة عبر الإذاعة والتلفزيون والصحف، كمدينة حديثة قادرة على تحقيق الأحلام، وبعد وصولهما يكتشف الزوجان الوجه القبيح للمدينة، وهي صورة ملفتة تجسد أحد أغراض الكتاب نفسه، حيث تنقل القاهرة صورة مضللة عنها حتى لأهل البلد أنفسهم!

وملامح الانهيار الفعلي تتجلى في السنوات التالية، بالتوازي مع ظهور أنماط سينمائية جديدة. تقول مريم مرعي في بحثها عن تلك الفترة، إنه مع بداية الثمانينيات بدأت مجموعة من المخرجين بالتركيز على مواضيع أكثر واقعية لتحقيق أفكارهم، حيث تمثل سينما الواقعية الجديدة المشاكل الحقيقية التي عانتها مختلف الطبقات: "خرج المخرجون للتصوير في الشوارع الحقيقية والبيئة المادية المحيطة، بدلاً من تصميم ديكورات داخل الاستديوهات"، فكان من الطبيعي أن تحول تلك الواقعية الجديدة العمران السينمائي إلى عرض للواقع العمراني كذلك، وأدى هذا بطبيعة الحال إلى استمرار تسجيل عمران القاهرة –المتداعي في تلك المرحلة- في السينما المصرية.

للتأكيد على أفكارها اختارت الباحثة فيلمين، هما "سواق الأتوبيس"(1982) و"عفاريت الأسفلت"(1994)، باعتبارهما الأكثر ملاءمة لإظهار التغييرات العمرانية للقاهرة ولتعامل السكان مع مدينتهم. لكن، في حين يصور الأول عمران القاهرة بطريقة شديدة الواقعية من خلال الزجاج الأمامي للأتوبيس، فعلى النقيض يعرض الفيلم الثاني طرقاً طويلة وذات كثافة منخفضة في جو ضبابي غير واضح المعالم، "ما أدى إلى خلق جو فريد من نوعه لمَشاهد الشوارع، يعطى انطباعاً كما لو أن سائقي الميكروباص يسيرون عبر عالم خيالي غير واقعي"، وهو بحسب تفسير المؤلفة "هروب من الحداثة"، يعكس انفصالاً متعمداً لعالم سائقي الميكروباص عن المدينة الحقيقة وخلقهم مجتمعاً خاصاً بهم. وربما تكون تلك هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها التعامل مع عنف المدينة وزحامها، خصوصاً مع ما يشير إليه البحث من تدهور شديد للمعايير الاجتماعية والعادات والسلوك بشكل عام مع اختلاف الطبقات والاتجاهات: "حسن في سواق الأتوبيس، هو موظف في الدولة، حيث الدولة ما تزال تحتفظ بتأثيرات اشتراكية، وحين كانت الأتوبيسات هي نظام النقل الرئيسي. مما يعتبر نتاج تلك الفترة، وهو جزء من نظام الاشتراكية، الذي بدأ في الستينيات وبلغ ذروته في الثمانينيات. ويمثل سيّد في عفاريت الأسفلت فترة الخصخصة والرأسمالية في التسعينيات، فهو لا يمثل قطاعاً مختلفاً فحسب، بل إنه يمثل أيضاً طبقة اقتصادية مختلفة".

من الحارة للعمارة
لم تجد ميريت عزيز أفضل من فيلم "عمارة يعقوبيان"، مدخلاً للحديث عن مجمل التغييرات التي حدثت في القاهرة خلال 50 عاماً، وكملخص لكل التغييرات التي تلاحقت على المدينة عبر مراحلها الممتدة. تقول إنه يمكن اعتبار "عمارة يعقوبيان" عدسة نستطيع من خلالها تتبع تحولات القاهرة، حيث بُني مبنى يعقوبيان في ثلاثينيات القرن الماضي لسكن وضيافة الباشوات والنخبة. وتبدل الوضع مرات عديدة على مر السنين، مع التغييرات المتتالية في الهرم الاجتماعي المصري: "استبدل الباشوات والأجانب بأفراد عسكريين في أواخر الخمسينيات، والذين استبدلوا بدورهم بعد ذلك بأغنياء جدد عادوا من دول الخليج في السبعينيات، والذين حل محلهم مرة أخرى المهاجرون الداخليون، والطبقة الوسطى الدنيا، والعمال غير الرسميين مع حلول نهاية القرن الماضي". يبدأ الفيلم من لحظة تحول مهمة للعمارة، لحظة هزيمة إن صح القول، حين أصبح سطحها لمجأ للعائلات الفقيرة بعدما كانت تستخدم للخدم في السابق، لتصبح صرخة عادل إمام في الفيلم "إحنا في زمن المسخ" معبّرة عما جرى للعمارة/المدينة في الوقت نفسه، أو كما وصفته المؤلفة بـ"غدر حداثة العمران" حيث "يتلاشى الماضي أمام حداثة لا تحترم تاريخها".

تقارن الباحثة بين "عمارة يعقوبيان"(2006) وبين "شارع الحب"(1958) للتدليل على فكرة التحول من الحارة للعمارة كمعبّر عن جوهر المدينة وتحولات سكانها أيضاً، وكمثال على التحول الاجتماعي الذي حدث في الأعوام الخمسين الفاصلة بين إنتاجهما. تقول إنهما يكشفان التغيير في الأعراف الاجتماعية للقاهريين على مدار نصف قرن، "حيث ترمز الحارة إلى الآمال والطموحات الجماعية للعصر الحديث، بينما تصبح العمارة رمزاً لما بعد الحداثة العمرانية"، وليس هذا فحسب، بل على مستوى سلوك الأفراد أيضاً "يتحد مجتمع الحارة بحلم منعم ويدفعه للنجاح في صورة يوتوبية حالمة، بينما يلقي مجتمع العمارة اليأس في طه وبثينة وزكي باشا، ويدفعهم للتخلي عن أحلامهم وطموحاتهم"، لتصل في النهاية إلى أن "مجتمع يعقوبيان هو المجتمع المعاصر والمختل والذي يرضخ للتدهور والفساد، ويكشف عن الواقع الديستوبي لقاهرة اليوم".

مدينة للرجال فقط
كان هذا كله إيذاناً بلحظة الانفجار الكبرى التي حدثت في 2011، وبذكاء كبير التقطت الباحثة نور عادل التعامل مع المرأة بالتحديد في لحظة التحول تلك، عبر تحليلها لفيلمين، أحدهما قبل الثورة، وآخر بعدها، لتكشف كيف توحشت المدينة وواصلت قسوتها على أبنائها ولم يكن هناك أوضح من التعامل مع نساء المدينة كمثال على هذا التوحش.

ترصد من خلال فيلم "678"(2010) مبلغ العنف ضد المرأة في القاهرة، وتصاعده إلى أشكال متطرفة من العنف الجسدي، حيث يكشف الفيلم الذي تم تصويره في شوارع وأحياء المدينة "أن القاهرة الحديثة المكتظة استحالت إلى مكان وحشي ضد النساء يصعب حياتهن ويعرضهن إلى مواجهات قاسية مع رجال غرباء".. أما فيلم "نوراة"(2015) الذي يصور الفترة اللاحقة للثورة مباشرة فيبين "المشاهد الكئيبة لقاهرتين مختلفتين" حيث تتنقل الكاميرا بين حارة نوارة الشعبية الفقيرة الموشومة بالعبارات الثورية، وسكانها المشغولين بصراعهم مع موظفي الحي من أجل إدخال المياه للمنطقة، و"الكومباوند" الفاخر الذي تعمل فيه، والمتبقي من سكانه بعد الهجرة هرباً من الثورة، فيظهر "ويبرز معاناة النساء من الطبقة الفقيرة في قاهرة القرن الحادي والعشرين ويتجلى التناقض بين العالمين منذ مشهد البداية".

في المجمل، ترى الباحثة أن كلا الفيلمين لا يكشف فقط التدهور الحضري في القاهرة الذي بلغ مبلغاً غير مسبوق، "بل الانتكاسة الاجتماعية والاقتصادية التي تملكت مصر في إثناء فترة حكم الرئيس الأسبق مبارك"، وكيف تطورت المدينة وتوحشت حتى يمكن القول إنها أصبحت "تناسب الرجل فحسب".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها