الإثنين 2022/05/23

آخر تحديث: 21:14 (بيروت)

الهذر حول انتخاب التغييريين وسقوط رموز النظام السوري

الإثنين 2022/05/23
الهذر حول انتخاب التغييريين وسقوط رموز النظام السوري
سنخوض البحر معك
increase حجم الخط decrease
غداة فوز مجموعة من الناشطين في المجتمع المدني في الانتخابات النيابية اللبنانية، وهزيمة بعض "رموز" النظام السوري في لبنان، كثرت التأويلات والتخمينات والتحليلات إلى درجة الهذر وخلط "الدبس بالطحين"، وقول الشيء ونقيضه...

فقد قال الزعيم السنّي المعتكف أو المعلّق نشاطه السياسي، رئيس الحكومة (الأسبق) سعد الحريري، بأن الانتخابات هي "الانتصار الحقيقي لدخول دم جديد إلى الحياة السياسية"، و"قرارنا بالانسحاب كان صائباً... هز هياكل الخلل السياسي". ولا ندري ما كان سيقوله الحريري لو كانت النتيجة المختلفة، وعزا بعض الكاتبين والكتبة في إعلامه بأن تعليقه نشاطه السياسي، ساهم في خسارة "حزب الله" الأكثرية النيابية، على عكس ما كان يروّج منافسو الحريري على القيادة السنّية، بأن اعتكافه سيترك فراغاً في الشارع السنّي يستغله "حزب الله"، ويسلّم البلد لإيران وتوابعها... وردّ الزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، على الحريري قائلاً أن "التغييريين أتوا من دون جميلة أحد"، لكنه أردف بأن 25 في المئة فقط من الجنبلاطيين أو التابعين للحزب التقدمي الاشتراكي، صوّتوا للمصرفي مروان خير الدين، المرشّح "التوافقي" بين نبيه بري وجنبلاط وطلال أرسلان في حاصبيا، واعتبر أنّ قلّة الحماسة الجنبلاطية الاشتراكية للتصويت لخير الدين، المصرفي و"الناشط" في قتل الأُسود والجواميس، والمتهم بإرسال شبيحة للاعتداء على الصحافي محمد زبيب، تعود إلى رد فعل على حادثة "شويا" في محيط سوق الغرب، يوم حاول صهر رئيس الجمهورية، جبران جرجي باسيل، القيام بجولة سياسية في مناطق الشوف، انتهت بمقتل مرافقين اثنين للوزير الأرسلاني صالح الغريب...

وعدا "الصدمة" بفوز مجموعة نواب، من خارج الاصطفاف التقليدي "الممانع" و"السيادي"، سارع أصحاب الآراء والولاءات إلى تحميل النواب المنتخبين، أكثر مما يمكن أن تحمله قوة، فلجأت قناة "المنار" إلى محاولة "انتزاع" موقف من النائب الجنوبي الياس جرادي "يمجد المقاومة"، وهي اختارت من مقابلة طويلة ما يناسبها من جملة عرضية وما يجعل النائب عرضة للإنتقاد والالتباس والاتهام في فايسبوك. وأكمل إعلامي النظام، مارسيل غانم، المشوار، فسعى إلى حشر جرادي في مواقف فحواها المبالغة والجعجعة من غير طحن، فردّ جرادي دون أن يقع في مطب الأفكار البهلوانية، والحلقة نفسها أدخلتْ الشارع والفايسبوك في هرج ومرج كلامي حول الزواج المدني، بسبب تأييد بعض النواب السنّة (المنتخبين) له، كأن هناك من يسعى بقوة لحرق هالة فوز المدنيين في معارك دون كيشوتية في غير أوانها... ولم يتردد أحد أبرز أبواق "الممناعة" في القول بأن هذه المجموعة التابعة لحراك 17 تشرين "أخطر" من حزب "القوات اللبنانية"، لأنها غير ممسوكة لا من السعودية ولا من إيران، وطالب شطري الانقسام السياسي، 8 و14، بالحرب على هذه المجموعة. في وقت بدأت بعض الأقلام تضع الآمال الكبيرة عليهم، وتضعهم ما فوق الواقع.
في الجانب الآخر، هناك تأويلات كثيرة وهذرية حول خسارة بعض المرشحين المقرّبين أو الموالين للنظام السوري الأسدي. فلم يتردّد أحد الأبواق في القول إن نبيه بري أسقطهم لأنهم كانوا يريدون إنشاء تكتل سوري. وقالت تحليلات إن هذا التكتل ربما هدفه ترشيح منافس لبري، يحرجه في السباق على رئاسة المجلس على غير عادة، وهو الجالس بأمان على الكرسي نفسه منذ ثلاثة عقود، شهدت خلالها الدول الديموقراطية تبدل دزينة من الرؤساء... وعزا محلل استراتيجيي آخر سقوط أتباع النظام السوري الى سعي من "حزب الله"، مرة بتهمة تقرّب الزعيم الساقط انتخابياً، فيصل كرامي، من تركيا، ومرة بتهمة تواصل المرشّح لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية مع الفرنسيين، وتجاوزه "الخط الأحمر"...

يضحك المرء حين يقرأ هذه المعجزات الانتخابية والسياسية التي يملكها "حزب الله" في رأي المحللين وأصحاب الأقلام. كأن هذا الحزب، بسحر ساحر، يقدر أو يمكنه أن يتغلغل في إدارة كل الطوائف والمجموعات والأحزاب والمفاتيح الانتخابية، ويركب ما يشاء ويسقط من يشاء، مع التذكير بأن حلفاء سوريا في لبنان، هم "حزب الله" أكثر من "حزب الله" نفسه، وهم يؤيدون نبيه بري أكثر من نبيه بري، اللهم اذ استثينا أحدهم... من دون شك لا أمان لأحد يتبع النظام السوري، وقد يلجأون إلى انقلاب حين تتسنى لهم الفرصة، لكن في الواقع، غالبية هؤلاء شخصيات منتهية الصلاحية. الغريب ليس في سقوطهم، بل في تأخر سقوطهم إلى اليوم.

نقطة أخيرة، بعد دخول مجموعة من حراك 17 تشرين إلى البرلمان، سنشهد الكثير من التعليقات السجالية حول عملهم و"طهريتهم"، فهم الآتون من مثالية ما في الثورة والعمل السياسي الشارعي والاعتراضي، سيكون خيارهم المر، التعامل مع واقع سياسي جديد، ومع شخصيات في معظمها تنتمي الى مجموعة "كلن يعني كلن" كما سمّاها جمهور الشارع.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها