الأحد 2022/05/15

آخر تحديث: 08:15 (بيروت)

أول صورة عارية رسمها مايكل أنجلو في المزاد

الأحد 2022/05/15
increase حجم الخط decrease
رسمٌ لمايكل أنجلو، منفّذٌ بالريشة والحبر البنّي، وغير منشور حتى الآن، يُعتقد أنه يمثل أول صورة عارية رسمها الرسّام والنحات الكبير (1475- 1564) خلال عصر النهضة الإيطالية، سوف يُعرض في المزاد يوم 18 أيّار/ مايو الجاري في باريس. أعيد اكتشاف هذا الرسم العام 2019، ويخمّن الإختصاصيون أنه نُفذ أواخر القرن الخامس عشر، ويقدّر أن يبلغ سعر العمل، خلال عملية المزاد، أكثر من 30 مليون يورو.



 في الواقع، من النادر أن يُعرض عمل لمايكل أنجلو في المزاد العلني، كما ليست هي المرة الأولى التي يُعلن فيها عن اكتشاف رسوم لعملاق عصر النهضة الإيطالية. ففي حزيران/ يونيو من العام 2013، تصدّر خبر على صفحات الصحف الفرنسية المتخصصة بالفن، يفيد بأن رسوماً لمايكل أنجلو لم تظهر أو تُعرف من قبل، عُثر عليها في غرفة تحت مذبح كنيسة سان لورينزو في فلورنسا بإيطاليا. على أن صحيفة La tribune de l'art الفرنسية أعادت إثبات الحقيقة بعد بضعة أيام، موضحة أن المؤتمر الصحافي الذي عقدته أمينة البناء- الكنيسة مونيكا بيتي، لم تقدّم سوى تركيب سمعي بصري يسمح بمشاهدة الأعمال على نحو إفتراضي. وإذا كانت رسومات الفحم هذه، المنسوبة لمايكل أنجلو، اكتُشفت في العام 1975، كما قيل، وإطّلع عليها الجمهور في الثمانينيات، فإن هذا الأمر لم يدم سوى لبضعة أشهر فقط لأسباب تتعلق بالحفظ. وسواء كان ذاك اللغط مقصودًا أم لا، فقد سمح هذا الالتباس بتسليط الضوء على هذه الرسوم، كما على التخطيط الجديد، بحسب التقنيات الحديثة، لكنيسة سان لورينزو.


كان مايكل أنجلو قد اختبأ في هذا الرواق galerie الصغير، العائد لكنيسة سان لورنزو، أثناء هجوم القوات الإسبانية على المدينة التوسكانية العام 1529، على ما تفيد بعض الصادر التاريخية. وقد عُثر على الرسوم التي تركها هناك بعد اكتشاف المكان، في عام 1975، أثناء أعمال الترميم التي طاولت أساسات المذبح الجديد. زارت المكان مجموعات صغيرة من الزوار، إذ كان الموقع  ضيقًا للغاية، ومن ثم أوقفت الزيارات لأسباب أمنية تتعلّق بسلامة الزائرين، وقدّم أمين الموقع ببساطة جهازًا سمعيًا بصريًا يسمح بمشاهدة الأعمال على نحو إفتراضي.

كُشِف عن الرسم الفريد، الذي هو موضع الحديث، العائد لعبقري عصر النهضة الإيطالية يوم الخميس 7 أبريل/ نيسان 2022 في باريس، من قبل دار كريستيز للمزادات. تقول هيلين ريهال، مديرة قسم الرسوم القديمة على موقع الدار: "لا يزال هناك حوالي عشرة رسوم لمايكل أنجلو في أيدي المجموعات الخاصة". تم حفظ العمل الذي مقاسه 33 سم × 20 سم، ضمن مجموعة خاصة فرنسية، منذ عام 2019. وشددت دار المزاد على أن هذا الرسم "أفلت من اهتمام المتخصصين" منذ فترة طويلة، وتشهد على ذلك "حالة حفظه الجميلة". وكان عُرض الرسم المنفّذ بالريشة والحبر البني للبيع، منذ أكثر من مئة عام، سنة 1907، في فندق Drouot، تحت تصنيف "مدرسة مايكل أنجلو"، قبل أن يُنسب أخيراً إلى "المعلّم" في عام 2019 فقط، في إطار "قائمة جرد لمجموعة فرنسيّة خاصة".

توضح دار المزادات أن العمل مستوحى جزئيًا من لوحة جدارية موجودة في كنيسة برانكاتشي في فلورنسا للفنان التوسكاني الشهير مازاتشو (1401- 1428 )- (اسمه الأصلي Tommaso di  Giovanni Cassai، وهو أحد روّاد التصوير الجداري في بداية عصر النهضة الإيطالية، وتوفي عن عمر مبكر)، نقول إن رسم مايكل أنجلو مستوحى من إحدى الشخصيات الرئيسة في عمل مازاتشو المسمّى Baptême des néophytes. يقف رجل عار أمام شخصين آخرين، كتفاه منحنيتان وذراعاه متقاطعتان. يمكن التعرّف من خلال وضعيته على أنه مشابه لموقف الرجل المرتعش الذي ينتظر أن يعمّده القديس بطرس في جدارية "معمودية المبتدئين" (1426-1427). بعد إعادة صياغة الجسم النحيف للرجل، وتحويله إلى جسم عضلي أكثر ضخامة، أضاف مايكل أنجلو، أيضًا، عبر أسلوبه السريع والقوي، الشخصيتين الخلفيتين، اللتين لا علاقة لهما بلوحة Masaccio الجدارية. رسم هذين الشخصيتين بأسلوب تخطيطي أكثر من الشكل المركزي، ويمكن اعتبارهما مثالين إضافيين لما يسميه ستين ألستين موهبة مايكل أنجلو في "سرد القصص التي تنقل الجمال والدراما بمساعدة الشخصية البشرية، ولا سيما الشخصية الذكورية".

ويقول ألستين، الذي هو الرئيس الدولي للجنة الرسوم القديمة في كريستيز، "إن هذا العمل هو  أكثر من مجرد نسخة عن عمل مازاتشو. قرر مايكل أنجلو تحويل الشكل إلى شيء يتوافق أكثر مع جمالياته، من خلال جعله أكثر قوة وضخامة، مع الحفاظ، في الوقت نفسه، على هشاشة الشخصية المكشوفة والمرتجفة. قام بتغيير موضع القدمين وإعادة رسم الرأس قليلاً، ولكنه ركّز بشكل خاص على ظهر الرجل وأردافه".

ووفقًا لكريستيز، "يوجد أقل من عشرة أعمال للفنان في أيدٍ خاصة، كما ذُكر، وهذا العمل هو أحدها. وبالتالي، فإن هذا البيع سيظهر رسمًا استثنائيًا ورائعًا لواحد من أعظم الشخصيات في الفن الغربي". وقد تمّت المصادقة على هذا الرسم، عام 2019، من قبل فوريو رينالدي، الذي كان حينها متخصصًا في قسم الرسوم القديمة في دار كريستيز، كما أكّد بول جوانيدس، الأستاذ الفخري لتاريخ الفن في جامعة كامبريدج، ومؤلف كتالوغات كاملة لرسوم مايكل أنجلو، إسناد هذا الرسم إلى الفنان، على ما ذكرت وكالة فرانس برس (أ ف ب). في سبتمبر/ أيلول 2019، اعتُبر الرسم كنزًا وطنيًا، مما يمنع خروجه من التراب الوطني لمدة ثلاثين شهرًا، وأوضحت دار المزادات، أيضًا، أن هذا يمنح الدولة الفرنسية ومتاحفها فرصة إعادة شرائه.

 
وإذ لم يُقدّم أي عرض من قبل الدولة الفرنسية خلال هذه الفترة، فسيُصار إلى عرض الرسم في هونغ كونغ، ثم في نيويورك، لإثارة اهتمام هواة جمع التحف الفنية المحليين والأجانب، من الآن وحتى المزاد، وسيتمكن عشاق الفن أيضًا الاستمتاع برؤية الرسم في باريس، إعتباراً من 13 أيار/ مايو الحالي. وتجدر الإشارة إلى أن الرقم القياسي العالمي لعمل يعود لمايكل أنجلو هو دراسة – سكتش لرجل عارٍ، بيع بالمزاد العلني في لندن، في 4 تموز/ يوليو عام 2000، بأكثر من 8 ملايين جنيه إسترليني، أي ما يقارب الـ12 مليون دولار.

ويثير الفنان الإيطالي الكثير من الشغف في مختلف أنحاء العالم، ويميل الجمهور الفني دائماً إلى معرفة المزيد عنه. هذا الأمر أثار دائماً جملة من الشائعات والمعلومات التي يختلط  فيها الصحيح بما هو مجرّد أكاذيب. في هذا المجال، يحذّر مارك بورماند، رئيس المنحوتات في متحف اللوفر، من أن "هناك في المتوسط مرة ​​واحدة في السنة في المتوسط يُعلن فيها عن إكتشاف عمل جديد لمايكل أنجلو". وهكذا، فإن الاكتشاف المزعوم في فلورنسا، في بازيليك سان لورينزو، عن رسوم بالفحم تغطي جدران وسقف غرفة سرية، وهي "معلومات" أُطلقت من قبل، وتم تداولها فوراً على نطاق واسع على شبكة الإنترنت، إلى حد نقلها من قبل العديد من الصحف والقنوات التلفزيونية ووكالات الأنباء، لم تكن سوى واحدة من تلك الإكتشافات المزعومة، تشبه تلك الأخبار التي تضيق بها الصحف الصفراء.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها