الإثنين 2022/04/11

آخر تحديث: 13:24 (بيروت)

ميشال المر "الحفيد" وشعارات الفقراء وسلوكيات رجل المافيا

الإثنين 2022/04/11
ميشال المر "الحفيد" وشعارات الفقراء وسلوكيات رجل المافيا
ميشال المر.. الجَدّ والحفيد
increase حجم الخط decrease
في أواخر آذار الفائت، زار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والدفاع السابق، ورئيس مؤسسة الإنتربول، الياس المر، مع رئيسة اتحاد بلديات المتن ميرنا المر، ورئيس مجلس إدارة جريدة "الجمهورية" ميشال الياس المر، مقر حزب الطاشناق الأرمني اللبناني في برج حمود، حيث استقبلهم الأمين العام للحزب، النائب هاغوب بقرادونيان، وعدد من المسؤولين الأرمن. وبعد الاجتماع، قال بقرادونيان: "هذا المركز الذي له تاريخ خاص بعلاقة الحزب مع بيت المرّ منذ العام 1957، أي علاقة 65 سنة".. وصرّح إلياس المرّ متأبّطاً يد نجله: "الحقيقة ما قاله حضرة الأمين العام لحزب الطاشناق النائب بقرادونيان، صعب للإنسان أن يضيف شيئًا عليه"... و"نحن أبناء الجبل وحزب الطاشناق في برج حمود والقرى المجاورة، نعيش حالة واحدة من الفقر لم يشهد مثلها لبنان في تاريخه. إن رمزية هذه الانتخابات ليست في أن يصبح المرء نائباً، لأن الظروف تغيرتْ، بل إن رمزيتها تكمن في كيفية أن يصبح الإنسان صاحب مشروع لمساعدة الفقراء أولاً، وثانياً لمواجهة كل المشاكل الاجتماعية التي تعانيها أكان الطائفة الأرمنية أو الطائفة الأورثوذكسية والطوائف الأخرى. لهذا السبب لا أستطيع أن أقول هذا التحالف الانتخابي هدفه شن معركة مع هذا الفريق أو ذاك، بل إن هدفه هو خدمة الناس ومساعدتهم"...

للوهلة الأولى يحسب المرء أن رئيس مؤسسة الأنتربول، وهو يتحدث عن الفقراء، هو عضو في حزب يساري أو شيوعي، يرفع راية "العمال والفلاحين والطلبة" على ما غنى الشيخ إمام. ويربط المر، النيابة الراهنة، بمشروع لمساعدة الفقراء، كأن المرء لا يمكنه مساعدة الفقراء إلا إذا كان نائباً، وهنا لا تحتاج المسألة إلى كثير تفكير لتفكيك الكلام الشعبوي الانتخابي. فتجربة آل المر السياسة في المتن، وتحديداً ميشال المر الجَدّ، أحد أبرز أوليغارشيي المنظومة الحاكمة على مدى عقود، كانت تقوم على الزبائنية والعطايا والاستحواذ على البلديات والمخاتير، وهذا السلوك المافيوزي جعل منه إمبراطوراً في المتن، خصوصاً في مرحلة الوصايا السورية...

والياس المر، الذي نجا من محاولة اغتيال في 12 تموز العام 2005، ومن بعد تعداد مسار التعاون التاريخي مع الطاشناق "الحليف" و"الصديق" و"بيضة القبان" في الإنتخابات المتنية على مدى سنوات ما بعد اتفاق الطائف، قبل أن يطل "القانون النسبي" برأسه ويخلط الأوراق والتحالفات، بشّر اللبنانيين بأن مرشح آل المر هو ابنه ميشال المر، وهو، بحسب والده "شاب يطمح إلى التغيير". ويسبق كلامه هذا بأنه ليس في مواجهة مع أحد، وأنه آتٍ لخدمة الفقراء، وهو أيضاً "يرغب في أن يعيش في لبنان، لا أن يغادره. يريد أن يؤمن مستقبلاً له ولأولاده في النهاية". ويبشرنا الياس المر أيضاً وأيضاً، بأنه يقدّم اليوم أغلى ما عنده لـ"خدمة الناس"، أو كأنه يقول أن الشاب نجله، حفيد النائب الراحل ميشال المر، وحفيد الرئيس السابق إميل لحود، في طريقه للالتحاق بدورة عسكرية للجيش اللبناني، أو إلى جبهة قتال لمقارعة عدوٍّ ما، وحياته على "كف عفريت"، وليس في معركة سياسية انتخابية عراضية زعامتية نفوذية. والأرجح أن الياس المر، أو "الشهيد الحي" كما درج التوصيف بعد محاولة اغتياله، يعتبر أن العمل في السياسة في لبنان، بشكل أو بآخر، بات جبهة، فمنذ العام 2004 إلى وقت قريب، حصلت عشرات الاغتيالات لسياسيين وصحافيين وعسكريين... 

والمر، صهر الرئيس إميل لحود، الذي ورث زمن الوصاية السورية، توليّ وزارة الداخلية عن والده ميشال المر، واشتهر بمحاربة "عبدة الشيطان" وصناعة فزاعتهم. وها هو يعطينا دروساً حول التوريث السياسي قائلاً: "أتمنى الا يحدثني الناس عن التوريث السياسي وإلا كنت لأكون أنا المرشح، ولأن التوريث السياسي يقوم على أن يعيّن ميشال مكان جده، ومن يقول بأنه ضد التوريث السياسي فهو بذلك يكون ضد مبدأ الديموقراطية لأنه يمنع بذلك الناس من التعبير عن رأيها. من يقرر إذا كان هذا الشخص صالحاً أم لا؟ الناس تقرر"، ويقفز إلى "جورج بوش الأب الذي كان رئيساً للجمهورية وابنه كان رئيساً للجمهورية لولايتين. لماذا إذاً لا يحكى عن توريث في الولايات المتحدة؟"...

ويسع المرء، من بعد تأمل جولات ميشال المر الحفيد وصوره، الاستخلاص بأنه يجرّب تقمص شخصية جدّه. فهو أطلّ على الحياة السياسية بخبر في أحد المواقع الإلكترونية يتحدّث عن مسارعة المرّ "بعد معرفته بتعطّل سيارة الإسعاف التابعة للدفاع المدني في قرنة شهوان إلى الإيعاز بتصليح السيارة على نفقته الخاصة، الأمر الذي أثار إعجاب وتقدير أبناء الجوار". والحفيد المندفع، خلال إعلان بيان لائحته الروبن هودي، يقول "ممنوع ولاد المتن يتبهدلو على أبواب المستشفيات"، فيلقى التصفيق من المحيطين به، و"ممنوع ولاد المتن يناموا ولادن بلا عشا"، فيلقى التصفيق أيضاً. وفي تصريح "وطنجي" يقول: "أنا متمسك ببلدي ووطنيتي ومني قادر هاجر.. عم ناضل لأبقى بلبنان". يكاد المرء تسيل دموعه وهو يقرأ أو يسمع كلماته ويراقب "نضالاته". ثم يرى عراضاته وسياراته رباعية الدفع ضمن جولاته الانتخابية، وجلوسه على كنبة إلى جانب صورة جدّه، واضعاً ساقاً فوق ساق مثل رجال المافيا، وخلفه مجموعة من الشبان، الأرجح من المناصرين والمرافقين والحاشية، وتبدو عليهم علامات التمسكن ووضع اليد على اليد... في ذلك كله، يسلك الحفيد والوريث، سلوك رجل المافيا، أو تلميذها النجيب والواعد، أو يشبه "جبل شيخ الجبل" في مسلسل "الهيبة".

لا ضير في القول إن المشهد اللبناني، الاجتماعي، و"الثقافي" و"الفني"، والمهني، يغلب عليه الطابع التوريثي. الابن يعيش في جلباب أبيه أو جدّه، وتزيد وتيرة هذا المشهد في المجال السياسي. فالانتخابات النيابية تقوم على قاعدة الطائفية من جهة، والقبلية القرابية من جهة ثانية، ولطالما كان الصراع ضمن الطائفة الواحدة حول الأكثر تمثيلاً للطائفة. فالمواطن الذي لا يملك حيثية أو عصبية طائفة، يصنف درجة ثانية في الطائفة، عدا ذلك، فإن جزءاً كبيراً من المرشحين، نتاج "التوريث السياسي" بمفهومه التقليدي. ثمّة زوجات السياسيين، والأصهار والأبناء، وباتت لدينا، إلى جانب "الصهر الرئاسي" جبران باسيل، مجموعة كبيرة من الأسماء التي يمكن تسميتها بـ"جيل الأحفاد".... سامي أمين بيار الجميل، نديم بشير بيار الجميل، طوني سليمان طوني سليمان فرنجية، تيمور وليد كمال جنبلاط، وميشال الياس المر الحفيد، الذي يتصرف بطريقة جعلت الكثيرين يقولون "سنترحم على ميشال المر الجَدّ".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها