الأربعاء 2022/12/07

آخر تحديث: 13:06 (بيروت)

آياتٌ لمْ يقرأها نبيٌّ بعدُ

الأربعاء 2022/12/07
آياتٌ لمْ يقرأها نبيٌّ بعدُ
increase حجم الخط decrease
صدر عن دار "أروقة" ديوان "اللهب الغارق... نادو" للشاعر العراقي شوقي عبد الأمير.
نقتطف منه هذه القصائد..

-1-

 

أيّ توتّرٍ هذا الذي يحدثُ

على سطح بحيرة "إينادو"

مسكونةٌ بماء ينبع من فراديس ملعونة

يرتادها أنبياء عشاقٌ وآلهة رُعاةٌ

خرجوا على النّاس بأحاجي

في الغيب والهُيام

لا تسألوا عنها الأشجار لا الطيور

ولا حتى الأسماك الفضية

لا تصغوا للعابرين

خاصة الشّعراء والمفتونين منهم

الغيوم القادمة من الشرق

ربما تعلم شيئاً

القوارب في أنهار الغيب

الّتي تصبُّ في صحراء الكائن

تشي ببعض الأسرار

المحارة الرمادية التي تتَكتّمُ

كقلبٍ خائف تعرفُ

الشّراع في ليلة صيف

قد يهمُس بما يرى للرّياح الباردة،

وجه إله يستريح على صفحة الماء

يتلو مزاميرَه وآياتِه

جذع شجرة البلوط العائم

يعرف جيداً،

ولا أحد يصدّق ما يقول

النيل وفرات يثرثرن كثيراً

تحت سطح الماء

لكن إحذروا... إحذروا

اعترافَ غريق.

 

بين ضفتي البحيرةِ تقيم

الهة عاشقة تؤدي طقوسها في الليل

عاريةً عن كل أسمال الكون

يحرسها منذ خمسة آلاف عامٍ

مُغنّ يعزف على قيثارةٍ

لن تُصغي لألحانها إلا الأرواح الناجية

من كوابيس العالم السّفليّ.


-2-

 

على أطراف البحيرة

التي سُرّتُها

قوسُ قُزَحٍ الالتفاتة،

كوكبٌ يومئُ

وراء الغلاف الروحي

يمامتان أُصيْبتا بطلْقٍ ناري

ينزفان في شفتين

روحُ عاشقةٍ

اقتُلعتْ من الوجود عنوةً

تلتحفُ بضفيرةٍ سوداء لتعود

وفي أعلى الكتف

وحمةٌ تنتظرُ ليلةً

التنّورةُ الّتي تُطوّقُ الخصر

وتتكسّرُ على الرّكبتين جسدُ

الملاكِ الحارس.

 

عندما رأيتها لأوّل مرّة

كانت تُربّي النّحولَ في الكثبان

لكي تقوى على العدو

وراء الرّيح.


-3-

 

سأصعد إلى السّماء

لأمشط شعري فوق سطح البحيرةِ

وأرى كيف تكون الأرضُ بدوني

وكيف ترقدُ الأرواحُ والزفراتُ

على وسائدَ محشُوّةٍ بريش الطّيور

القتيلة.

 

دخلتْ الغيمةُ إلى دفتر أشعاري

فغرقتْ نيسابور، بواخر الدّم الأسود،

وساحات الرّبيع العربيّ

كما نقعت دفاتر نفوس 350 مليون نسمة

وغطى الماءُ الرّذاذَ فوق المآذن والمنابر

في شهر قمريّ بعينه.

 

أعرف الآن أنْ لا فرقَ بين السّماء والأرض،

بين طمي الأنهار ولعنات الآلهة

بين القرى والأرامل

وكذا بين الجسد والماء

فقد كنتُ قبل حين

أعوم في رحم الإلهة الأم

وصيحةُ ولادتي لم تهدأ بعدُ

في صوتي.

 

 -4-


عبقُ الأكاسيا ...الأكاسيا

يغمرُ ضفاف دجلة

تلك التي جئتُ بها من رُقيم

كتبهُ شوقولتودا الفلاح

الذي استطاع أن يفكَّ أقفال

النّطاقات المسحورة الّتي تطوّقُ خصري

لذا سأرتمي في حُضنهِ

لأشهدَ كيف تُحطّمُ قُبلتي

الأصنامَ التي لا تحصى في كعبةِ الخطايا

سأعرى أمام الرّمال لأُريكم كيف تستحيلُ

الصّحارى والوديان التي ليست بذات زرع

جنائنَ وأنهاراً من خمرٍ وعسلٍ

تجري تحت قدميّ

واتقلّدُ بعد كل فجيعة قلادة كنعان""

أترك الثّيران تحرثُ

في حقول السّماء الرّماديّة

لألتقي به فوق زقورتي

أمنحهُ ارتعاشه قمري

وآيتي الّتي لم يقرأها نبيٌّ

بعد. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها