"خلّيا بيناتنا"... المسكوت عنه خلف أبواب البيوت

والمسرحية يمكن وصفها بالعمل العائلي (كتابة طوني يمين شقيق فؤاد، وتمثيل وإخراج فؤاد وزوجته سيرينا)، ومن هذه التركيبة الانتاجية "تقع" المسرحية على كنبة منزلية، حيث تحاك القصص وتتحوّل الى استخدامات وأماكن مختلفة.
 

تبدأ المسرحية بحادثة قتل مفاجئة، ينفذها عامل الدليفيري، والضحية فتاة تنتظر طلب البيتزا، لينفتح العرض المؤلف من أربعة فصول على نص ينتمي إلى الكوميديا السوداء، فيه من السلاسة والبساطة ما يسجن المشاهدين في حكايا، تدخلهم عبر الضحك والمفارقات إلى عمق طبقات وطبقات من المسكوت عنه والمُحرّم داخل مجتمعاتنا الصغيرة.
 

 

فؤاد وزوجته سيرينا قدما على المسرح ثنائية منسجمة ومتفاعلة ومتواترة مع أحداث النص.
كتابة فيها من الحذاقة والمهنيّة العالية والمعرفة العميقة بما يُرسل الى الجمهور المتلقي من رسائل وإشارات مخبأة في ثنايا المفارقات التي يتقنها فؤاد يمين بخبرته، وهو صاحب الحضور على الخشبة برشاقة حواراته ومفارقاته الذكية المضحكة طيلة العرض، حتى في ذروة اللحظات الدرامية الصعبة. كتابة أيضاً فيها حركة سيرينا الشامي المينيمالية المدروسة، والموقّعة إيقاعاً وأداءً. يساندهما عنصر الصوت المولف والمتداخل مع جمل الحوار والأحداث، ناهيك عن السينواغرافيا المتواجدة ككتلة صغيرة في وسط المسرح، لتتحول طوال الوقت إلى أماكن مختلفة من المسرحية بما فيها كواليس العرض.

هو عامل الدليفيري، ميشال أو طوني، وهي الفتاة واسمها "سما". هو المصاب أو الذي يدعي الإصابة برهاب النساء الجميلات (venustraphobia)، وهو واقعياً وعلمياً نوع من رهاب يؤدي إلى حالات ذعر ونوبات هلع لدى مصادفة رجل لسيدة جميلة. أما هي، ففتاة اختارت أن تكرس حياتها لمساعدة الأشخاص عديمي الثقة في أنفسهم.

شخصيتان متكاملتان في الاحتياجات، ومتفارقتان في مسرحية "خلّيا بيناتنا"، لتنتج عنهما المواقف الضاحكة الكامنة بين جُملة وجُملة أو بين حركة وحركة، وصولاً الى الحقيقة التي تصفع المشاهدين وتجعلهم يقفون أمام واقع أليم، لطالما توارى داخل البيوت واعتُبر من الأفعال المسكوت عنها كمُحرّمات اجتماعية.

مسرحية "خلّيا بيناتنا"، تبوح بالمحرّمات الاجتماعية من كنبة تتحرك مثل لعبة "بيت بيوت"، وترفض ان تظل هذه الانتهاكات "بيناتنا".