يراهن دومينيك على الزيادات في جميع المجالات: من الطول (166 دقيقة) إلى وفرة العري واللقاءات الجنسية، بما في ذلك مشاهد التعاطي أو الكحول، والتعرض الصريح للجنون والانتهاكات بأنواعها. في مركز كل هذا الإفراط، تقدّم الكوبية آنا دي أرماس، التي تحمل ثقل الفيلم من خلال تواجدها في كل لقطة تقريباً، أداءً انتحارياً، جولة تمثيلية جبّارة يتعيّن عليها فيها ترجمة الضعف والألم والصدمة والجنون، والانفصال المستمر والانقسام بين فنّانة فاتنة يحتفي بها الجميع في ظهورها العلني، وامرأة قلقة تفتقر إلى الأمان والطمأنينة وغالباً ما يُساء فهمها ومعاملتها في علاقاتها الحميمة. نادراً ما رأينا ممثلة تبكي لفترة طويلة وبهذه القوة على الشاشة.
بمساعدة أقراص الدواء والمكياج، وعبر صراخ المعجبين، تتحرّك آنا دي أرماس بتخلٍّ، كما لو إنها زاهدة لا رغبة لديها في كل هذا الألق. صوتها اللطيف ينكسر، حركاتها الشاردة والشاذة، والتي -لأن هذا ما كانت عليه الحال مع مارلين- لا تفقد طلاوتها أبداً؛ تؤكّد ضعفها.
موسيقى الفيلم، يغلب عليها البيانو في بعض الأحيان، وأحياناً تغدو نغمات موالفة كثيفة، من تأليف الثنائي نِك كيف ووارن إليس (وكلاهما أنجز المخرج فيلماً وثائقياً عنهما). وكما يفعل الأول في كثير من أعماله، تقترب الموسيقى من حافة الكيتش الفني، لكن بصمة مؤلفها ترتقي بها إلى ما هو أبعد. كذلك بالنسبة إلى الإنتاج والديكورات التي تجلب تفاصيل زمن ومواقع أحداث الفيلم إلى الشاشة بصورة مذهلة ودقيقة.
غير أن "شقراء"، الذي شارك في إنتاجه براد بيت، بين آخرين، مثال واضح على النهج النتفليكسي: يتظاهر بأنه سيستبطن ويسبر أغوار حياة مارلين مونرو، لكنه، في حقيقة الأمر، يبدو تخمينياً ومضارباً في هذا الصدد، حتى إنه في بعض الأحيان يكاد يبدو مبتهجاً بتدمير الذات بدلاً من شرحها أو تفسير منابعها. وهكذا، يفعل ببطلته كل ما يُفترض حمايتها منه. ثم إن دومينيك يقوم بكل شيء عبر إطلاق زئير مشؤوم لمدة ساعتين وربع الساعة، من الناحية الجمالية والدرامية والموسيقية. حقيقة أن آنا دي أرماس (كوبية المولد والنشأة) قادرة على تقديم حضور شبيه بمونرو في خضم هذا كله (وبالتأكيد ستنال نصيبها من إيماءات التقدير في موسم الجوائز على هذا الدور)، لا تساعد كثيراً في الركام الأخلاقي والسردي الذي يغوض فيه الفيلم.
ختاماً، هناك أغنية شهيرة لشقراء هوليوودية أخرى، أقل شهرة للأسف، هي مارلين ديتريش، تقول: "احذر النساء الشقراوات الرائعات". لكن هذا لا يناسب مارلين مونرو، ففي حالتها يبدو الأمر معكوساً: كان الأَولى بها هي الحذر والانتباه لنفسها.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها