الجمعة 2021/07/23

آخر تحديث: 13:12 (بيروت)

عادل الأسطة وذكرى ناجي العلي..دمُنا ليس ثمن دولة قمعية

الجمعة 2021/07/23
عادل الأسطة وذكرى ناجي العلي..دمُنا ليس ثمن دولة قمعية
increase حجم الخط decrease
أمس صادفت الذكرى الرابعة والثلاثون لاغتيال فنان الكاريكاتير الفلسطيني الأشهر ناجي العلي، وصرنا مؤخراً حين نُسأل:
- ماذا ستكتب اليوم؟
نجيب:
- أكتب وصيتي.
متكئين على كاريكاتير مشهور لناجي. وصارت كتابة الوصية تلح على الذاكرة منذ اغتيال نزار بنات.

هناك من حذر الشاعر Zakaria Mohammed، فكتب مقالاً فيه، وهناك من أخذ يلمح لي أن انتبه لنفسك. وهناك من طلب منا أن نلتفت إلى ما يجري في غزة أيضاً، فما يجري هناك من قمع لا يقل عما يجري في الضفة.

كان لي صديق نشط هو عبد الله أبو شرخ، سُجن في غزة قبل عام، وخرج، ولم يعد يرغب في متابعة صفحتي، ولا أعرف لماذا، علماً بأنه كان من متابعيها، كما كنت من متابعي صفحته. وحين اعتَدت، قبل عامين تقريباً، حركة "حماس" في غزة على الروائي عاطف ابوسيف، كتبت شخصياً واقفاً إلى جانبه، وكنت أتوقع أن يعلن موقفاً مما جرى مع نزار بنات، لكن إعلان الموقف جاء من وزير الثقافة الفلسطينية الأسبق الدكتور إيهاب بسيسو، فكان أن كوفيء من السيد رئيس السلطة بإقالته من منصبه.

غالباً ما أستشهد بسطر شعري ورد في قصيدة محمود درويش "الكتابة على ضوء بندقية" لأقول إننا ننشد وطناً يُحترم فيه الإنسان.
"نحن لا ندفع هذا الدم الغالي لكي يزداد هذا الوطن الضاري حجراً".

ولا أظن أن الذين دفعوا دمهم ضريبة لتحرير فلسطين، دفعوه لتكون فلسطين المحررة، دولة، مثل كثير من دول القمع العربية.
قبل مقتل نزار بنات كان الشاعر زكريا محمد حين يقارن، من حيث هامش حرية الرأي، بين الأوضاع في مناطق السلطة الفلسطينية والأوضاع في العالم العربي، ينحاز إلى السلطة الفلسطينية، فهي تمنحنا هامشاً واسعاً في التعبير عن آرائنا ولا تضيق ذرعاً بما نكتب، ولا أعرف لماذا ضاق صدرها بالأصوات المعارضة فارتكبت ما ارتكبت ووقفت في وجه المحتجين.

ترى لو كان ناجي العلي الآن حياً ويقيم في مناطق السلطة الفلسطينية، فما هو المصير الذي سيؤول إليه؟
لم يعد اللاجئون الفلسطينيون إلى وطنهم الأصلي ولم تقم الدولة الفلسطينية حتى على 22 في المئة من أرض فلسطين، بل وازداد الحصار وصرنا نعيش ليلاً أشد سواداً تنبأ به محمود درويش في ديوانه "ورد أقل" 1986 حين كتب قصيدته "هنالك ليل أشد سواداً، هنالك ورد أقل".
- مقالك اليوم عن الديموقراطية عجبني كثير. شو عم تكتب لبكرة؟
- أكتب وصيتي.

هل كان الصديق Ziad Ameireh حين تحدث لي عن مخاوف صديقه من رفاق الجبهة الديموقراطية، من حركة فتح، يخاطبني أو يلمح إلي؟

لا نملك عموماً خياراً آخر إلا الكتابة والتعبير عن آرائنا، وليس أمام السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وحركة حماس في قطاع غزة، إلا أن يتسع صدرهما للأصوات المعارضة، والذين دفعوا دمهم ثمناً لتحرير فلسطين "لم يدفعوا هذا الدم الغالي" ليزداد عدد الدول العربية دولة لا تختلف عن بقية الدول.

في الذكرى الرابعة والثلاثين لإطلاق النار على ناجي العلي، ليس أمامنا إلا أن ننحني لشجاعته، وليس أمامنا إلا أن نواصل نهجه حتى لو صوبت الرصاصة في شارع نابلس أو في شارع من شوارع ما تبقى من وطن، فلقد هتفنا في طفولتنا في المدارس:
- عائدون. عائدون.

(*) مدونة نشرها الكاتب الفلسطيني عادل الأسطة في صفحته الفايسبوكية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها