الإثنين 2021/05/17

آخر تحديث: 13:31 (بيروت)

عادل الأسطة... هل هذا ما حلم به هرتسل؟

الإثنين 2021/05/17
عادل الأسطة... هل هذا ما حلم به هرتسل؟
مراجيح العيد في غزة (غيتي)
increase حجم الخط decrease
أمس كان اليوم الرابع والأخير من أيام عيد الفطر، وكنا نسميه ونحن صغار "حمار العيد"، ولا أعرف سبب التسمية. هل كنا نحتال على أنفسنا ونمدد الأيام التي كنا نحزن لانقضاء كل منها؟

كانت للعيد بهجة حقيقية، ما أظن أن جيل هذه الأيام يشعر بها. كان العيد يعني الذهاب إلى المدينة ومشاهدة أفلام السينما والذهاب إلى المراجيح وركوب الدراجات الهوائية والعودة مساء إلى البيت بفرح ممزوج بالأسى؛ فرح لما أنفقنا اليوم فيه، وأسى بحزن شفيف لانتهاء يوم علينا أن ننتظر عاماً من أجل أن يعود.

لقد اختفت دور السينما واختفت المراجيح وفقدت الدراجات الهوائية بهجتها والشعور بمتعة ركوبها و...

في الأيام الثلاثة الأولى للعيد لم أغادر شقتي إلا مرة واحدة بناء على إصرار أبناء أخي أن آخذهم مشواراً لأشتري لهم الكوكتيل أو البوظة. وفي اليوم الرابع، في حمار العيد، ذهبت إلى المدينة التي بدت الحركة فيها ظهراً ومغرباً، باهتة خفيفة، فالحزن يخيم والأنظار والعقول نحو غزة وأهلها.

كانت صور أطفال غزة أمس؛ الجرحى والشهداء والناجين وفاقدي البيوت والأهل والألعاب والمراجيح والدراجات الهوائية، كانت صورهم تلازمنا في وسائل التواصل الاجتماعي وعلى شاشات الفضائيات، وما أكثرها!

الصور في كل مكان، وفي كل مكان صور القتلة والمستوطنين أيضاً وصور بنايات غزة التي سويت بالأرض. صحيح أن ثمة صوراً بدت أيضاً لتل أبيب غايرت صورها المألوفة قبل بداية الحرب، لكن الدمار فيها لا يذكر قياسا لدمار غزة.

هل هذا هو ما حلم به الأب المؤسس للصهيونية ثيودور هرتسل؟
بدأت الحكاية في الشيخ جراح وفي اقتحام الأقصى. يريدون بناء هيكلهم مكان المسجد ويريدون إخراج سكان الحي من بيوتهم، بحجة وجود هيكلهم وحجة شراء البيوت في الحي.

أمس عقبت على مقال للكاتبة العراقية Wardia Shamass قائلا إن 95 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين في العام 1948 طردوا من مدنهم وقراهم طرداً، وما زالت كواشين بيوتهم معهم. وأمس أرسل إلي الصديق الدكتور Abdallah Abu Eid شريط فيديو قديم عما يعلمه اليهود المتدينون الصهيونيون لأطفالهم، عن القدس والأقصى والعرب والهيكل، في مدارسهم. يعلم اليهود المتدينون الصهيونيون أطفالهم بأن الأقصى يجب أن يهدم ليقام الهيكل مكانه، ويعلمونهم أن العرب يجب أن يذبحوا أو أن يكونوا عبيداً لليهود و...

كانت صور الدمار أمس، وصور الأطفال الناجين الفاقدين عائلاتهم أو الأطفال الموتى، كانت تملأ الشاشات، وكانت صور "أبو يائير"؛ غاضباً وحزيناً وقلقاً، وعلى الجبهة ينظر إلى ما فعلته طائراته بالمدينة، كانت صوره أيضاً في كل مكان.

هل تذكرت الشاعر الروسي ماياكوفسكي:
"الصورة في كل مكان
وأما الفلاحة فقد استلقت في الوحل".

أمس وأنا أشاهد ما آلت إليه غزة تذكرت ما آلت إليه مدينة درسدن الألمانية في نهاية الحرب العالمية الثانية.

(*) مدونة نشرها الكاتب الفلسطيني عادل الأسطة في صفحته الفايسبوكية
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها