الإثنين 2021/04/12

آخر تحديث: 15:06 (بيروت)

محمد خضير... وَجهَا سعدي يوسف لنوال السعدون

الإثنين 2021/04/12
محمد خضير... وَجهَا سعدي يوسف لنوال السعدون
نوال السعدون
increase حجم الخط decrease
في الوجهين اللذين رسمَتْهما الفنّانةُ المميَّزة نوال السعدون للشاعر سعدي يوسف (العام 2018) بصمةٌ خاصة تلوح في الالتفاتة والنظرة والخِلابة السَّمراء، لم تتأخر كثيراً حينما تأخرَ المُعجبون والمناصِرون للشاعر البعيد في أزمته/ أزماته قبل المرض وبعده، في رسم خطوط النبوءة المخيفة..

يلتفت الوجهان المرسومان في استغراب، يقطعهما خطّ أخضر؛ ثم مع نظرة مستريبة يقوّسها خطٌّ أحمر، مرة ثانية. والخطّان ظلّان لما تبقّى من ذكرى بلادٍ ممزَّقة، مُرّة المذاق. فإذا بهتَت الذكرى، بقيَ الأثران، الوجهان المتخايلان، بقوسيهما المتلألئين، يتنقّلان مع رثاءٍ ينساب متمهلاً من فيديو يصوِّر الشاعرَ في جولة له في غابةٍ لندنية. الصوت يتصدّع، في الفيديو، كما البلاد، لكن حقيقة الجولة المتمهّلة، تسبق صدى القصيدة التي يلقيها مع وزن الخُطى وابتعاد الظلال. الرثاء المتصدّع، الوهنُ والأسف، الظلالُ الكثيفة، تكلّل جميعها وحدةَ الشاعر المريض، كما كلّلت جُبرانَ في مستشفى بأميركا.. وكان الزائر الصديق ميخائيل نعيمة يُنصِت الى "الحشرجة" المعترِضة حَنجرةَ المحتضَر، فيعظِّم صداها كقوس كمانٍ غير منظور..

لكننا هنا، في الوجهين، نُبصِر الشاعرَ، ونؤوّل قوسيه الماثلين كعثرة طريق، وبُعد مزار، على كمان الحشرجات الصامتة.. يغفر لنا، قبل أن نغفر له أوزاراً، حمّلناها فوق ما احتمل. وليس ذنبَ الشاعر أنّه مطرود من رحمتنا، رحمةِ البلاد المنكِرة، وقد أعادتْها نوال السعدون لتلصقها (الرحمة) بوَسمين، أخضر وأحمر، فحسب. وحول ذلك، أو من دونه، نظراتٌ لا تكفّ عن الاستغراب والريبة، مركّزة حول نقطةٍ غائبة في سُمرة البلاد المتصدّعة، البعيدة.

هل ننتظر القوسَ الأسود، الثالث، لكي يرتسم وجهُ سعدي يوسف رايةً تغطّي وجهَ الأرض التي وطأتها قدماه، وخرج منها خالباً مخلوباً؟ أأننتظر الوعدَ الأسود وتنطفئ العينان؟ 
ويلاه!  تلك لحظة الشعراء وحدهم، المحمّلين "وِزرَ" التاريخ الأسود. 
ليس وِزرَك يا سعدي، وحدك؛ فهو وِزرُنا جميعاً، بأقواسه الثلاث!
وثِق بأنّ الراية لن تنكّس، حين تختفي الخطوات من الغابة!

(*) مدونة نشرها القاص العراقي محمد خضير في صفحته الفايسبوكية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها