الجمعة 2021/03/05

آخر تحديث: 12:56 (بيروت)

فادي طفيلي... إلى لقمان سليم

الجمعة 2021/03/05
فادي طفيلي... إلى لقمان سليم
increase حجم الخط decrease
مرّ شهرٌ أو شهران،
أو ربما سنةٌ
ودهر.
لكن لا شيء هنا بعدُ
يشير إلى مرور الزمنِ،
غير خطٍّ مشوّش 
بلا ملامح.
تلك الطريق المواربة الضيقة 
بين المرتفعات
كانت حقلًا هائمًا على وجهه.
كوقتٍ مقتولٍ،
أو كقميصِ ميّتٍ
ملقًى على الأرض
يتنازعه الهواء بين وجهتي الزيتون 
والصبّار.
بيد أن الرعاة ما زالوا يألفونه.
كان المكان حقلًا 
قبل الضغينة.
صار المكان عقارًا،
ابتاعه بالخوف
أسيادُ بازار تجارة الأحقاد.
صار المكان خطًّا غائرًا 
بين الحقول،
شقًّا ينزّ كلسًا وحصى،
أو وجهًا مشطوبًا 
بين التلال...
تلك التلال الحانية 
التي يعذبونها هي أيضًا،
ويفقؤون عيونها بلا هوادة
بأنفاق موغلةٍ في باطن الأرض،
نحو عدمٍ لا يحتملون حتّى
 تخيّله أو مداعبته.
كم تحدثنا عن هؤلاء 
في الأمسيات، 
على مسمعٍ ومرأًى منهم.
في الحديقة المحاصرة،
تحت شجرة المانجا،
بضوء القمرِ
العابث فوق الهنغار.
كان صوتك دومًا 
يتصاعد في الليل.
صوت شعاعيّ شفيف
له ملمس وعيون.
بات صوتك الآن
هناك،
في مكانه البرّي،
متصاعدًا من ذاك الموضع 
عند ناصية الطريق.
يدك تتدلى 
من غيمة،
تربتُ على كتف مساءٍ مكسور،
تداري شوكة مزهرة 
من شقوق الأسفلت 
قبل أن تيبس.
وقرابة منتصف الليل،
أو بعده بقليل،
يرتجّ هاتفك على الأرض
محرّكًا أوراق العشب
ومسامات التراب.
يلقي سلامًا على النمل 
كي لا يجفل،
"صفر خوف"،
 تقول له.
وتتقدم السيارة 
في غرّة الفجر،
كي تسلّم الصبح وديعة مضرجة 
بماء الحريّة.
تصل محطّةً باردة 
اختنق فيها الثلج 
قبل ملامسته الأرض.
تترجل أنت 
من خلف المقود،
عينًا وامضة في منجم فحم،
فكرة باهرة في قصيدة راعٍ،
مرّت عليها دهور 
وجحافل همج
وأكملت طريقها.
كانوا خائفين قبيل الفجر،
لا شكّ في ذلك،
جنودًا يوضئون وجوههم الصفراء بالعمى.
فيلق بغضاء 
في جيش خناجر.
كانوا شعبًا كاملًا 
من القتلة.
وحين أطلقوا النار
انفجر القلم بين ضلوعك
وصبغ القمر بالبنفسج.
قلمك هكذا،يعرف كيف يموت 
بشاعرية متناهية. 
يغدو سرًّا في المسافة الغامضة،
حبرًا فائرًا في السماء،
يتجمّع في نقطة نهاية كبيرة
لنصٍّ سائرٍ
في قلب الطبيعة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها