الأربعاء 2021/12/08

آخر تحديث: 13:45 (بيروت)

فائق حميصي... عن عايدة صبرا

الأربعاء 2021/12/08
increase حجم الخط decrease
عندما تعرفت الى عايدة صبرا، كطالبة في قسم التمثيل في معهد الفنون الجميلة-الجامعة اللبنانية (مبنى الروشة)، لاحظت، وفي الحصة الأولى، وقفتها منتصبة بإتقان، فاقتربت منها وسألتها: أين تعلمت الوقوف بشكل صحيح؟ فشرحت لي انها درست رقص البالية منذ الصغر. وخلال بضعة حصص زاد اهتمامي بقدراتها التعبيرية بالجسد. أسرّيت بذلك لصديقي زكي محفوض(زوجها الحالي) الذي كون معها ثنائياً في الصف يتقن تحقيق نواتج التعلم ويضيف مبتكراً. 

كنت في الوقت نفسه، أدرّس مادة تقنيات الصوت، وكانت عايدة تتكلم بصوت ناعم خفيض باحترام شديد، كطالبات مدارس الراهبات (كما كان يقال إعجاباً بتهذيبهن)، لم يعجبني ذلك، كوننا في المسرح نحتاج لإطلاق الصوت بقوة. أحزنني الأمر إلى أن سمعتها ذات يوم، ولم تكن تراني، "تفجر" بصوت عريض وعال خلال نقاش مع زملائها. تحينت الفرصة، ونحن في الكافيتريا، واقتربت منها وقلت لها: هل أنت التي كانت تصرخ في الممر امام الصف اليوم؟ فاحمرّ وجهها خجلاً وقالت: نعم، وكادت تلحقها باعتذار، لكني عاجلتها قائلاً: هذا هو الصوت الذي أريدك أن تستخدميه في مادة الصوت وفي التمثيل، وإنسي ذلك الصوت الناعم المهذب المصطنع. ومنذ ذلك الحين أصبحت عايدة وزكي من أركان أعمالي الإيمائية والناطقة. 

عندما اقرأ ما يكتب من مديح عن ادائها في مسرحية "أم" (mère*) لوجدي معوض، والتي تعرض في باريس، أكاد اسمع صوتها وهي "تفجر" بزملائها في الممر بين صفوف التمثيل في الطابق العاشر من مبنى معهد الفنون الجميلة في الروشة. 
ليس لدينا لمقاومة الرعاع القتلة المسيطرين على لبنان، إلا هذا الحب.

(*) مدونة نشرها المخرج والفنان المسرحي فائق حميصي في صفحته الفايسبوكة.
(**) العرض مستمرّ إلى نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول الحالي، من تمثيل عايدة صبرا وأوديت مخلوف، وتدور المسرحية حول قصة عائلة لبنانية من الطبقة المتوسطة، تلجأ إلى باريس خلال سنوات الحرب بانتظار العودة إلى بيروت حيث بقي الزوجُ ليعيل عائلته.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها