الجمعة 2021/01/22

آخر تحديث: 17:15 (بيروت)

سان جورج حسن

الجمعة 2021/01/22
سان جورج حسن
(عن "تويتر" الوزير حمد حسن)
increase حجم الخط decrease
لو كان كوفيد تنّيناً، لتأكّدنا أن حمد حسن تَجلٍّ من تجليات القديس جاورجيوس الذي صرع بحربته وحشاً ما شبع من الأضحيات البشرية. كما أن المؤمنين لا يعتقدون بالصُّدَف. وإن أصيب وزير صحتنا بالكورونا وأُدخل مستشفى "السان جورج"-الحدت، الذي اشتراه مستشفى "الرسول الأعظم" التابع لحزب الله، فهذه، لا بد أيضاً، إشارة. والإشارة في بيان المستشفى لإعلان إصابته لم تُجافِ بدورها عمق الرمز: "أصيب بسهم من سهام كورونا". مع الوزير حسن، كوفيد يتصرف مثل كيوبيد، و"لا داعي للهلع".


وحمد حسن في رحاب "سان جورج"، حتى في سرير مرضه، لا يكلّ. هل كانت حالته تسلتزم الاستشفاء فعلاً في ظل ندرة أَسرَّة كورونا؟ لم نعرف بالضبط، لكن البيانات الدورية من المستشفى راحت تطَمئننا تباعاً، فهدأ روعنا قليلاً. ثم وُفّقنا بمَن يصوّره من دون أن ينتبه، راقداً وادعاً، أو موقّعاً معاملات وزارته التي يتنفّس فوقها ويمسكها بلا قفازات. هكذا، بجرأة "سيدنا الخضر" – قرين جاورجيوس. فهو لا يخشى شيئاً، وكذلك المواطنين والموظفين الذين ستحط هذه الأوراق في أيديهم. حتى أنه يأبى التزام سريره، وكيف يفعل، وفي الغرف القريبة يرقد مرضى كورونا آخرون؟ سيتجول "مُكَورِناً"، لا شيء يقف في طريقه. سيمشي في أروقة المستشفى، ولو تطلّب الأمر جرّ عربة المصل، وارتداء كمّامة وقفازات هذه المرة، ليعودهم ويُسمعهم أبلغَ تحياته، ويسلّم بالمناسبة على أفراد الطاقم الطبي مشيداً بمؤسستهم ودِينهم، من دون أي نيّة دعائية. هكذا عرفنا من آخر إصدارات الفيديو عبر حساب "سان جورج" في فايسبوك، أمس.

يستحق كل احتفاء، وزير الصحة، في البلد المصنّف من بين الأسوأ في العالم لجهة انتشار الفيروس ووفيّاته. فليس ذنبه أن الشعب مستهتر، والاقتصاد منهار، والدولة مفلسة. وليس عليه أن يحمل، كل يوم وكل ساعة، عبء القدوة. تكفيه وتكفيهم قدوة الحكاية. فالرجل نشيط. لا يفوّت مهرجاناً يُحمل فيه على الأكتاف، فكيف إن كان تكريماً بعلبكياً يُزف فيه عريساً تحت أقواس الورد؟ أخذ عليه المبغضون أن الدبّيكة وأكثر من نصف الحضور كانوا بلا كمّامات، لكن المحبة لا تقاس بالإجراءات. وقالب الحلوى الذي قصّه بالسيف، صادفه في طريقه من مختبره إلى بيته، إذ أراد ناشطون يوزعون الكمّامات أن يشاركوه فرحتهم، بل وكان يوزع معهم.. بيديه العاريتين. فكفى تجنّياً. وهو صاحب واجب، يرتّب أولوياته بكَرَم ونخوة. لا يقبل أن يحل زميله وزير الاقتصاد ضيفاً على مسقط رأسه في بعلبك، من دون أن يكون هناك لاستقباله ومشاركته مأدبة الغداء المقامة على شرفه، إلى طاولة مكتظة، تندر حولها الكمّامات، "للتباحث في إجراءات الإقفال استجابةً لتفشي كورونا". لا يستطيع أن يرفض، وهو أصلاً لم يُطِل البقاء، فهل يستحق الأمر كل هذه الضجّة؟

ذو الهمّة، معاليه. يكافح كورونا على مدار الساعة، وأيضاً يقرض الشِّعر. آخر أبياته أرفقها بصورة له، مع الفريق الطبي الذي اعتنى به في "السان جورج"، بدت أمثولة في التباعد الاجتماعي: "هي مخيلة شريط الأنين، همسات تراتيل مناجاة صلوات من أحباء أعزة غيارى...". مُعافى معاليه، وما على قلبه شرّ، بل إنه سيشدّ هذا الشريط نفسه حول رقبة التنين، والتنين سيغيب في الأنين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها