الثلاثاء 2021/01/19

آخر تحديث: 11:40 (بيروت)

رؤساء أميركا السينمائيين.. السلطة على الشاشة

الثلاثاء 2021/01/19
رؤساء أميركا السينمائيين.. السلطة على الشاشة
ترامب
increase حجم الخط decrease
أبراهام لينكولن، جون ف.كينيدي، ريتشارد نيكسون، جورج دبليو بوش، بعض أبرز رؤساء الولايات المتحدة الذين تناولتهم هوليوود بشكل حثيث. فعلت ذلك بالإحسان حيناً وبالنقد أحياناً، بالوقائع والتواريخ أو بالاعتماد على المخيلة والحرية الفنيتين. والآن هل حان دور ترامب؟ بالتأكيد، فالرئيس الأميركي الخامس والأربعين سيترك وراءه أكثر من مادة كافية لفيلم درامي واحد عندما يترك المكتب البيضاوي في 20 كانون الثاني/يناير.

لسينمائي مثل مايكل مور، المعروف بنقده الحاد لسياسات الليبراليين الجدد، يسهل تخيّل حماسه لإنجاز أحد أفلامه الوثائقية الصاخبة يكون موضوعها الرئيسي الرئيس البرتقالي المنتهية ولايته. في فيلمه الأشهر "فهرنهايت 9/11"، صوّر بوش الإبن كمزوّر انتخابات ومطلق حروب. صدر الفيلم منتصف العام 2004، أي قبل الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها بوش بولايته الثانية، وحقق نجاحاً تجارياً ونقدياً هائلاً، إذ حجز لنفسه رقماً قياسياً في شباك التذاكر الأميركي هو الأعلى من نوعه على صعيد الأفلام السياسية العامة، وترشّح للعديد من الجوائز وفاز بكثير منها، أهمها جائزة السعفة الذهب في مهرجان "كان" السينمائي. لكن مور زاهد في دونالد ترامب. إذ أكّد المخرج في برنامج "ليت شو مع ستيفن كولبير"، بعد هزيمة ترامب في الانتخابات في تشرين الثاني الماضي، عدم رغبته في صناعة فيلم عنه: "من الذي يريد مشاهدة فيلم عن السنوات الأربع الماضية؟ لقد اجتزناها لتونا. سيكون من السيئ إعادة صياغتها".


لذلك قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تجد هوليوود طريقة لتقديم فترة رئاسة ترامب. إذا قررت أن يكون فيلماً روائياً، فسيتعيّن على الممثل المضطلع بدور ترامب، على الأقل، أن يكون مجرّباً ومختبراً. بصوت وتعبيرات وجه متشابهة بشكل لافت للنظر، ظهر أليك بالدوين في دور ترامب في البرنامج الكوميدي "ساترداي نايت لايف"، وحصد بالفعل جائزة "إيمي" عن دوره الساخر هذا، وفي خطاب تسلّمه الجائزة أعلن خصومته مع ترامب.


غير أن موضوع الرئاسة، خصوصاً في الإنتاجات السينمائية الكبيرة الرئيسة، يوفر أيضاً إغراء إضافياً وفرصة للعب والتفاوض مع السلطة المتصلة به. لذلك، فالأمر ليس سهلاً دائماً "للقائد العام" على الشاشة. على سبيل المثال، تُختطَف طائرة الرئيس جيمس مارشال (هاريسون فورد) في فيلم فولفغانغ بيترسن المثير "اختطاف طائرة الرئيس" (1978). وفي فيلم "الرئيس الأميركي" (1995) يعاني الرئيس الأرمل أندرو شيبرد (مايكل دوغلاس) مشاكل عاطفية. فيما أرسل رولاند إيمريش كائنات فضائية لغزو البيت الأبيض في فيلمه "عيد الاستقلال" (1996). تتعدّد الأفكار وتتنوّع التناولات الخيالية، فيقع الرئيس جيمس سوير (جيمي فوكس) في أيدي الإرهابيين في فيلم "البيت الأبيض سقط" لرولاند إيمريش. بينما تطول معاناة الرئيس يوشيا بارتليت (مارتن شين) في المسلسل التلفزيوني "الجناح الغربي" (1999 - 2006) إذ يكافح العديد من المشاكل في 154 حلقة هي عدد حلقات المسلسل. في بعض الأحيان، تصبح الأمور شديدة الحدّة في المكتب البيضاوي، كما هو الحال في فيلم الهجاء السياسي "دكتور سترينغلوف" (1964، ستانلي كوبريك) مع بيتر سيلرز في دور الرئيس، أو مع جون ترافولتا في "ألوان أساسية" (1998، مايك نيكولاس)، المستند جزئياً إلى خلفيات حملة بيل كلينتون الرئاسية في 1992.

لكن الرؤساء الحقيقيين قدموا أيضاً مادة دسمة للعديد من الأفلام. أوليفر ستون رمى شباكه على ثلاثة منهم دفعة واحدة. في JFK العام 1991 حقّق في نظريات المؤامرة المحيطة بمقتل الرئيس جون إف.كينيدي. وفي "نيكسون" (1995) يحكي قصة الحياة السياسية والشخصية للرئيس الأميركي سيئ السمعة ريتشارد نيكسون وتوّرطه في فضيحة ووترغيت. أما ثالثهم، جورج بوش الإبن، فكان لا يزال في منصبه عندما أصدر ستون فيلمه ".W" العام 2008 قبل فترة وجيزة من الانتخابات. يلعب جوش برولين دور الرئيس الجمهوري الذي لا يحظى بشعبية كبيرة، والذي يصوّره ستون كشخص فاشل وأحمق من العيار الثقيل. الفشل الجمهوري المتجسّد في بوش الإبن كان كبيراً، لدرجة أنه في نفس السنة ظهر الجمهوري الآخر نيكسون بطلاً لفيلم ثانٍ، هو "فروست / نيكسون" للمخرج رون هوارد، حول المقابلة الشهيرة للصحافي البريطاني ديفيد فروست مع الرئيس السابق حول فضيحة ووترغيت، وفيها ترد جملة نيكسونية لا تُنسى: "إذا فعلها الرئيس، فهذا يعني أنها ليست مخالفة للقانون".

كانت أيام باراك أوباما في البيت الأبيض معدودة بالفعل عندما صدر فيلم الدراما الرومانسية "ساوثسايد معك" في العام 2016، الذي يتناول قصة حب الرئيس الأميركى باراك أوباما وزوجته ميشيل، بالعودة إلى العام 1989 وأول موعد غرامي للزوجين الشابين. رومانسية الرؤساء نادرة الحضور على الشاشة، لكن ليس بمثل ندرة حضور النساء كرئيسات للولايات المتحدة. عندما قاتلت هيلاري كلينتون - دون جدوى - للوصول لأعلى المناصب في العام 2016، كانت الرئيسة إليزابيث لانفورد (سيلا وارد) تقود زمام الأمور في فيلم "يوم الاستقلال: العودة" (2016، رولاند إيمريش). وفي المسلسل الكوميدي "Veep"، لعبت جوليا لويس دريفوس دور نائبة الرئيس الطموحة سيلينا ماير، والتي تصبح رئيسة للولايات المتحدة لكن فقط بعد تنازل الرئيس. الشيء نفسه حدث لروبن رايت عندما لعبت دور السيدة الأولى "كلير" إلى جوار زوجها الرئيس عديم الضمير "فرانك أندروود" (كيفن سبايسي) في مسلسل "هاوس أوف كاردز". فبعد اتهامات طاولت سبايسي بالتحرش والاغتصاب، طردت "نتفليكس" الممثل من مسلسلها (يموت في خلفية الأحداث)، لتصبح "كلير" رئيسة الولايات المتحدة بهذه الطريقة.

أرنولد شوارزنيغر يريد أيضاً إصابة الأهداف العالية. في الحياة الواقعية، ليس لدى نجم "Terminator" أي فرصة ليصبح رئيساً للولايات المتحدة في يوم من الأيام. وفقاً للدستور، يجب أن تكون مولوداً في الولايات المتحدة لينال الأهلية. مع ذلك، فالممثل نمسوي المولد والحاكم السابق لولاية كاليفورنيا يباشر دور "القائد العام" في فيلم الحركة الكوميدي "Kung Fury 2"، والذي يُصوّر حالياً. في إحدى الصور الدعائية للفيلم، يظهر شوارزنيغر متباهياً بسيجار بين أصابعه، وبقدميه على المكتب في البيت الأبيض. من المحتمل جداً أن يدخل السياسي الجمهوري إلى البيت الأبيض بالفعل. قبل أيام قليلة، عرض مساعدته على الرئيس الأميركي المقبل، بايدن، في مكالمة هاتفية، وخرج بعدها ليكتب في "تويتر": "كان رائعاً التحدث إلى الرئيس الديموقراطي حول توحيد البلاد مرة أخرى". شوارزنيغر على استعداد تام للمساعدة، وفي وقت سابق، في رسالة فيديو مؤثرة، دان زميله في الحزب الجمهوري، ترامب، ووصفه بأنه "أسوأ رئيس على الإطلاق".

بالمناسبة، لقد ظهر ترامب نفسه بالفعل في أحد الأفلام الرائجة، ليس كرئيس للولايات المتحدة، ولكن في دور هامشي أدى فيه شخصيته الحقيقية. في أحد مشاهد فيلم "وحدي في المنزل 2" (1992)، يظهر بطل الفيلم (الطفل ماكولي كولكين)، داخل أحد الفنادق الكبرى، ويبدو عليه الضياع، ليستقبله أحد المارة (ترامب) بالداخل، يسأله عن اتجاه "اللوبي"، فيصف له الطريق. بعدما صعد ترامب إلى كرسي الحكم العام 2016، كشف مخرج الفيلم كيف تمكّن قطب العقارات من الظهور في الفيلم قبل نحو 28 عاماً. وقع اختيار فريق الفيلم على فندق "بلازا"، وكان في ذلك الوقت مملوكاً لترامب، لتصوير لقطات الفيلم، وأثناء التفاوض بشأن الشروط المالية مقابل التصوير في الفندق، قدَّم ترامب شرطه الوحيد للسماح لهم بالتصوير في فندقه: أن يظهر في الفيلم بنفسه. الآن، بعد هزيمته في الانتخابات، ثمة حملة مطالبة بحذف مشهد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته من الفيلم، يدعمها بطل الفيلم نفسه بعدما صار في الأربعين.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها